الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

فانوس رمضان في المشهور قوله المجهول أصله

الأحد 10/أبريل/2022 - 11:06 ص

جاء الصيام فجاء الخير أجمعه * ترتيل ذكر وتحميد وتسبيح 
فالنفس تدأب في قول وفي عمل * صوم النهار وبالليل التراويح


وزد على ما سبق طقس مصري خاص وهو اقتناء الفوانيس وتجميل المنازل والمساجد بها، وهي العادة التي انتقلت من مصر لدول العالم من خلال الوافدين إلى القاهرة الذين يتأثرون بهذا الطقس الرمضاني الجميل فيحملونه معهم لدولهم وقد راودني السؤال عن ذلك في بحثي عن #المشهورقوله المجهول_أصله فسألت أحد الوافدين الدارسين بجامعة الأزهر عن احتفالهم برمضان فلم يذكر لي #الفانوس، وعندما سألته عنه قال: عندما رأيته لأول مرة تعجبت كثيرًا وبعدها علمت أن اسمه #الفانوس ووجدته منتشرًا بكثرة في الشارع المصري فأعجبني وأخذت منه إلى بلادي ففرح به الأطفال في بلدتي كثيرًا، استمتعت بكلام صديقي الوافد عن سعادة الأطفال بالفانوس المصري وأخذت أبحث عن قصة الفانوس فوجدته قد بدأ رحلته مع بداية الدولة الفاطمية في مصر التي تزينت لاستقبال الخليفة المعز لدين الله الذي مهد له جوهر الصقلي الطريق وغرس محبته في قلوب المصريين قبل أن يأتي إليهم فاستقبلوه رجالًا وأطفالًا ونساءً مصطحبين الشموع إذ لم تكن الشوارع مضاءة في ذلك الوقت وحتى لا تنطفئ هذه الشموع فقد صنعوا لها إطارًا خارجيًا لحمايتها من الهواء وتفننوا في هذا الإطار فصنعوه من جريد النخيل ولفوه بالجلد الرقيق في شكل أعتقد أنه يشبه الفانوس التقليدي الذي كنا نراه منذ سنوات، وبقيت الفوانيس تضيء الشوارع حتى آخر شهر رمضان،  ومنذ ذلك الحين أصبح استخدام  الفوانيس في رمضان عادة لدى المصريين.

 وذكر لي أحد الأصدقاء من أساتذة التاريخ أن هناك قصة أخرى تذكر أن أحد الخلفاء الفاطميين أرادوا إضاءة شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس تتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها، كما روى لي رواية أخرى تشير إلى أن الحاكم بأمر الله اشترط في خروج النساء للشارع ليلًا في رمضان أن يتقدمهن غلام يحمل فانوس لينبه الرجال بوجود سيدة في الطريق حتى يفسحوا لها؛ مما يتيح لها الاستمتاع بالخروج ولا يراها الرجال في نفس الوقت وبالبحث والتحري عن الفانوس فى اللغة العربية وجدته يسمى النمام لأنه يكشف عن صاحبه في الظلام وأن  أصله يعود إلى اللغة الإغريقية التي تعني أحد وسائل الإضاءة، وقد استخدم في وظيفة السحور وكان له نصيب من الأدب والشعر فعندما كان يضاء قبيل الفجر فيعني الحذر في الدخول في الوقت الضائع وقد قال فيه أحد الشعراء:
هذا لواء سحور يستضاء به * ويسكر الشهب في الظلماء جرار
والصائمون جميعا يهتدون به * كأنه علم في رأسه النار


وإذا كان هذا الحديث عن #الفانوس_النمام فيجب علي أن أشير إلى من سبقه وهو #القنديل فقد اهتم أئمة الإسلام بإضاءة المساجد وتزيينها فحمل سيدنا تميم الداري قناديلًا وزيتًا ومقطًا (المقط هو الحبل أو الفتيل) من الشام إلى المدينة المنورة وأمر غلامًا يقال له: أبو البزاد بشد المقط أي الحبل، وتعليق القناديل، وصب الزيت فيها فلما غربت الشمس أسرجها، وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فإذا هو مُزهر مُضاء؛ فقال عليه السلام: من فعل هذا؟، فقالوا له: تميم الداري يا رسول الله؛ فقال: نورت الإسلام، نور الله عليك في الدنيا والآخرة، وزاد «من أسرج في مسجد سراجًا لم تزل الملائكة وحملة العرش يصلون عليه ويستغفرون له ما دام ذلك الضوء فيه».


كما كان لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفضل في إضاءة المساجد في رمضان وجمعهم على رجل واحد بعد أن كانوا يتعبدون متفرقين، وكان يكافئ الحفاظ وهو ما نعرفه الآن بمسابقات القرآن  فورد عن سيدنا علي -كرم الله وجهه- أنه دخل المسجد في أول يوم من رمضان والقناديل تُزهر والناس يصلّون صلوات التراويح ويقرأون القرآن، فقال: نوّر الله قبرك يا ابن الخطاب كما أنرت مساجد الله، وأذكر أن أحد المصريين أكرمه الله بأن كان سببًا في إضاءة المسجد النبوي بالكهرباء وهو أحمد باشا حمزة وزير التموين في أوائل الأربعينيات فأثناء تأديته مناسك الحج في نهاية الأربعينيات رأى أن المدينة ومسجدها النبوي يفتقدون للكهرباء وأن الإضاءة الموجودة غير كافية لأن يرى الزائر ما يبتغيه كونها مصابيح زيتية فأسر ذلك في نفسه – وكان ميسور الحال بعيدًا عن الوظيفة-  فقرر عقب عودته لمصر شراء عدة محولات كهربائية ومصابيح وأسلاك، وأرسلها على حسابه الشخصي إلى المدينة المنورة، وكلف مدير مكتبه باصطحاب مجموعة من المهندسين الأكفاء لحين الانتهاء من تركيب المصابيح وتشغيل المولدات لإضاءة الحرم النبوي، وبالفعل حدث ما أراد بعد رحلة عمل استغرقت ما يقرب من أربعة أشهر كاملة، تلألأ بعدها المسجد النبوي بالكهرباء، فأقامت المملكة احتفالًا كبيرًا لهذه المناسبة وكرمته تقديرًا لهذا العمل الجليل.

تابع مواقعنا