ثلاثية الأبعاد (10).. مقتل مشجع لاتسيو كان كافيًا لتحالف كل جماهير إيطاليا
كرة القدم هي الشيء الأكثر إثارة في عالمنا على مر العصور، دائمًا لها عناصرها التي تميزها عن كل وأي شيء من حولها، لذلك يمكن أن نقول إن لها أبعاد مختلفة وكثيرة، أو نقول إنها ثلاثية الأبعاد.
سنقول إن كرة القدم ثلاثية الأبعاد، لأنها يمكن أن تجد فيها الفرح ويمكن أن تجد الحزن ويمكن أن تجد الطرائف أو العجائب، وبالرغم من ذلك فإن حب الجماهير لها حول العالم لا يتغير بل يزداد كل يوم عن سابقه.
سلسلة ثلاثية الأبعاد
ولهذا سنتحدث في سلسلة ثلاثية الأبعاد في شهر رمضان المبارك، عن أبرز القصص حول أبعاد كرة القدم التي سبق ذكرها، وستكون حلقة اليوم عن شيء من الأشياء المحزنة في اللعبة وهي موت أحد المشجعين، ولكنه كان سبب لاتحاد جماهير إيطاليا جميعا بمختلف انتمائهم.
عشق لاتسيو يتسبب في موت جابرييل
كان الإيطالي جابرييل ساندري لاعب الموسيقى أو كما نسميها الـ DJ، من مواليد العاصمة الإيطالية روما، ولكنه رغم ذلك كان من أكثر العاشقين لنادي لاتسيو، وعرف بحبه الشديد لتشجيع الفريق وحرصه على حضور كل مبارياته، حتى أنه أصبح له أصدقاء من لاعبي الفريق.
وبرغم شهرته أيضًا في مجال عمله، وكثرة الحفلات التي كان يعمل بها، ولكنه كان حريص دائمًا على حضور مباريات لاتسيو، حتى جاء اليوم الأسوأ الذي كان لا ينوي حضور مباريات فيه، ولكنه بالرغم من ذلك ذهب إلى مباراة فريقه المفضل ولكنه لم يستطع حضورها لأن قدره كان في انتظاره في منتصف الطريق.
في يوم 11 نوفمبر 2007، كان جابرييل عائدًا من عمله في إحدى الحفلات التي استمرت حتى الصباح، ولكنه تذكر أن لاتسيو سوف يواجه إنتر ميلان في مدينة ميلانو في نفس اليوم، فقام على الفور بالتواصل مع أصدقائه في مجموعة إيريدوتشيبلي المدعمة للنادي، وأخبرهم أنه سيحضر المباراة ليستعدوا للسفر إلى المدينة.
وبالرغم من أن جابرييل كان قد أخبر والده أنه لن يحضر مباراة لاتسيو لأنه يشعر بالإرهاق من العمل، ولكنه لم يستطع التأخر على نداء فريقه له، ولم يكن يعلم أن هذا النادي ليس من فريقه ولكنه قدره.
وقام جابو كما يلقبه زملائه، بإرسال رسالة نصية إلى لورينزو دي سيلفيستري لاعب لاتسيو وصديقه ليقول له فيها: لقد عملت أمس حتى السادسة من صباح اليوم لكن سأكون متواجد من أجل مشاهدتكم.
وبالفعل تحرك جابرييل مع أصدقائه في السيارة متجهًا إلى مدينة ميلانو لحضور مباراة لاتسيو وإنتر، وكان يجلس في المقعد الخلفي متوسطًا زميليه ليتولى أمر الموسيقى طوال الطريق، ولكنهم وقفوا في محطة وقود باديو آل بينو الموجودة على الطريق السريع المؤدي إلى ميلانو، ليزودوا سيارتهم بالوقود ويحصلوا على بعض الراحة.
ولكن على الجانب الآخر حدث شجار بين مشجعي يوفنتوس الذين كانوا ذاهبين لحضور مباراة لفريقهم أيضًا وبين بعض مشجعي لاتسيو، ووصل الأمر إلى قيام أحد رجال الشرطة بإطلاق النار في الهواء من أجل فض الاشتباك وبالفعل أصبح كل المشجعين يركضون في الشارع بما فيهم جابرييل وأصدقائه، الذين دخلوا إلى السيارة على الفور.
وعند عودتهم إلى السيارة وفور تحركهم ساد الصمت على الجميع وتوقفت السيارة، فقد تلقى جابرييل طلقة نارية في رقبته بشكل مفاجئ، ليعلوا صوت الصرخات ليحاول أصدقائه على الفور نقله إلى المستشفى ولكن روحه كانت قد فارقت الحياة قبل أن يصلوا به.
وخلال وقت قصير كان خبر مقتل جابو قد انتشر في كل أنحاء إيطاليا، ليقوم جماهير كرة القدم بالعديد من أحداث الشغب في كل الأنحاء بسبب هذا الأمر، فقد أكد كلاوديو لوتيتو رئيس لاتسيو، أن فريقه لن يخوض مباراة اليوم وهناك واحد من أبناء النادي قد قتل.
كما طالبت جماهير أتالانتا بإلغاء مباراة فريقهم ضد ميلان ورفض الاتحاد الإيطالي هذا الأمر ولكن قامت الجماهير بإلقاء كل ما حولها في أرضية الملعب حتى انسحب الفريقين ولم تلعب المباراة، وألقت جماهير روما الحجارة على رجال الشرطة حول ملعب الأولمبيكو بعدما تم إلغاء مباراتهم مع كالياري ليبدوا غضبهم من مقتل جابو أيضًا.
وخرجت كل الجماهير في الشوارع تبدي غضبها وحزنها من مقتل جابرييل، بل واحتشد عدد كبير جدا في جنازة مشجع لاتسيو المخلص في مظاهر حزن شديدة تظهر على الجميع بسبب هذا الأمر.
التحقيقات في القضية
وبدأت التحقيقات في مقتل جابرييل ساندري، الذي أكد أصدقائه أن رجل الشرطة أطلق النار عن عمد عليه، فقد كان موجها مسدسه تجاه السيارة قبل إطلاق النار، وبالفعل تم القبض على لويجي سباكاروتيلا رجل الشرطة المتهم بقتل جابو، والذي أنكر الأمر وأكد أن مسدسه سقط منه أثناء الركض وراء الجماهير.
وحكمت المحكمة على لويجي بالسجن 6 سنوات ولكن هذا الأمر أثار غضب مشجعي لاتسيو بشكل كبير جدا لأنه كان من المفترض أن يتم الحكم عليه بالسجن 14 عاما، ومن ثم زادت عليه المدة إلى 9 سنوات 4 أشهر.
وكتب جابرييل ساندري بدمائه اسمه في تاريخ كرة القدم، فقصته الحزينة كانت سببا في اتحاد جماهير كرة القدم في إيطاليا في مظهر رائع، سواء لاعبين أو مشجعين، وكان الجميع يرفع لافتات عليها اسمه وصوره في الشوارع وعلى الجدران، بل وقام فرانشيسكو توتي أسطورة روما بالتوجه إلى مدرجات لاتسيو خلال مباراة الفريقين والتقط صورة مع صورة لجابو، ليظل اسمه خالدا في ذاكرة كل إيطالي وكل مشجع مخلص لكرة القدم.
