مستقبل القنوات الفضائية والميتاڤيرس
ستموت مع الزمن القنوات الفضائية التي تبث برامجها عبر التلفاز بموت المشاهدين الحاليين، لأن فئة الشباب تفضل وسائل التواصل التفاعلية، مثل تلك المتوفرة أو القادمة في عالم الميتافيرس.
باتت فئة الشباب، تنصرف تدريجيا من المنصات الثابتة، مثل القنوات الفضائية الاعتيادية إلى منصات تفاعلية أكثر، فهم سابقا هجروا الشاشات إلى الهواتف الذكية، وما تخبره المعطيات الحالية أن شاشات التلفاز سيتضاءل مريدوها بمرور الوقت.
الإحصائيات تقول إن فئة كبار السن، هم من يشاهدون التلفاز ببرامجه المعتادة، وفئة متوسطي العمر توجهوا إلى منصات البث مثل نتفلكس وديزني، وعدد مشاهدي القنوات الفضائية من أعمارهم أقل من 35 عاما، انخفضت إلى النصف خلال العقد الماضي، والمتوقع أن يتوالى الانخفاض أكثر.
إذا أرادت القنوات الفضائية المنافسة مع الميتاڤيرس ومنصات الألعاب الإلكترونية، مالكوها ومستثمروها عليهم التأقلم مع الواقع الجديد الذي يفرض نفسه، نصف من أعمارهم تتراوح بين 9 و12 عاما، استخدموا منصة Roblox للألعاب مرة واحدة أسبوعيا، وهم هناك يفعلون كل ما هو ممكن مثل الالتقاء مع أصدقائهم افتراضيا، ولعب الألعاب معا، أو حتى حضور المسارح معا.
في عام 2020، حضر حفلة مغني راب على منصة Roblox حوالي 33 مليون شخصا، وهو أكثر بثلاث مرات من عدد المشاهدين الذين تابعوا حفل جوائز غرامي الأخير عبر شاشات التلفاز.
وعن الاختيار الأمثل حاليا أمام القنوات الفضائية، هو إما التمسك بسوق يضمحل تدريجيا، أو البدء بجلب شخصياتهم وعلاماتهم التجارية إلى عالم الميتاڤيرس، ذلك العالم ما زال فتيا، والقنوات الفضائية تمتلك الوقت للتأقلم ولملمة ما خسر سوقها، التحدي الذي سيواجهونه قريبا هو إما تقديم برامجها لفئة كبار السن، أو تقديم برامجها لفئة الشباب التي تبحث عن التفاعل.
ما قد يؤخر ولوج القنوات الفضائية إلى عالم الميتاڤيرس، هو تكلفة الاستثمار العالية، وخاصة إذا تلازم الاستثمار مع بناء منصات تفاعلية، القنوات الفضائية كانت بمعزل نوعا ما عن التقدم التكنولوجي، لأن سوق إعلاناتهم لم يتأثر كثيرا على عكس الصحف والمجلات، وهذا من الوارد أن يتغير سريعا، كان من الصعب سابقا نقل إعلانات التلفاز إلى منصات الألعاب الإلكترونية، لأن كل منصة ألعاب إلكترونية يتحكم بها صانعها، الحال في عالم الميتافيرس مختلف، لأنه عالم مفتوح نسبيا مع قيود أقل.
إحصائيا فئة الشباب هم الفئة الأكثر ميلا لصرف الأموال والتفاعل مع الإعلانات، أضف إلى ذلك، درجة تفاعلهم أعلى، وإذا كان هؤلاء الشباب لا يجدون ضالتهم في القنوات الفضائية، سيتوجهون عاجلا أم آجلا نحو الميتاڤيرس، وستتبعهم كذلك أموال الإعلانات لأن قابلية التفاعل هناك أعلى مما سواها، وبالتالي سيتضاءل ريع إعلانات القنوات الفضائية تدريجيا، وستكون في موقف لا تحسد عليه.
تتغير حاليا ديناميكية السوق، وظروف السوق واهتمامات المتابعين تتغير هي الأخرى، وما كان من المسلمات في وقت ما بات يخضع للتغيير شئنا أم أبينا، ويكفينا أن ننظر إلى نسبة المشاهدين التي تتابع قنوات الأفلام الفضائية، كيف تراجعت لصالح منصات البث مثل نتفلكس وديزني وغيرها، وهذا ينسحب بالضرورة إلى صناع المحتوى على القنوات الفضائية، خاصة أولئك المهتمين بالمحتوى المفيد فكريا وثقافيا واجتماعيا، سوق الإعلانات سيلحق مصادر الإنفاق، ومصادر الإنفاق بدأت بالهجرة نحو منصات تفاعلية أكثر، كما أن سوق القنوات الفضائية سيتعرض لتغييرات جمة في السنوات القادمة.