القصة الكاملة لـ مقتل شهيد الشهامة دفاعًا عن جارته وابنتها بالشرقية

لم يكُن يدري خالد صلاح، الشاب الثلاثيني الذي حضر من القاهرة إلى مسقط رأسه بالشرقية لقضاء إجازة عيد الفطر المبارك، أن رحلته تلك ستكون آخر عهده بالدنيا وما فيها، وأنه سيفارق الحياة جراء شهامته وثمنًا لمحاولة تدخله لأجل الدفاع عن سيدة استغاثت به لنجدتها، ليفارق الحياة تاركًا سيرة طيبة ومشاعر قاسية تُحيط بقلوب كل من يعرفه أو يسمع بما جرى له.

 

على بُعد أمتار من وسط قرية أولاد موسى، التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة أبو كبير بمحافظة الشرقية، وبينما تقترب الدقائق القليلة والأخيرة من شهر رمضان من الانقضاء، إيذانًا بانطلاق مدفع الإفطار ورفع آذان المغرب، كانت أسرة خالد، النقاش الذي يعمل في القاهرة والذي حضر لقضاء العيد رفقتهم، يُعدون وجبة الإفطار الأخيرة -التي لم يتناولها أحد-، وما هي إلا لحظات حتى اختلطت الأمور، إثر جلبة كبيرة سمع صداها الجميع لسيدة تستغيث، فيما هرع خالد إلى الخارج لنجدة السيدة، لكن النهاية كانت صادمة.

 

فوجيء الشاب الثلاثيني بجارته مُلقاة أرضًا، تستغيث وتنتحب وهي تُمسك بوجهها الذي تتفجر منه الدماء: ضربني وجري.. إمسكوه.

 

المشهد وبشاعته وحديث الغارقة في دمائها، دفع خالد للهرولة خلف من فعل فعلته بها، لكنها لحظات فرقت بين الهرولة ولحاق الشاب بالمعتدي على السيدة، إلا أن الأخير أخرج سلاحًًا ناريًا صوّب أحد أعيرته في قلب خالد، ليفارق الشاب الحياة على بُعد خطوات من مسجد البلدة، غارقا في دمائه قتيلًا للشهامة والمروءة.

الأسرة تسرد التفاصيل

صلينا على ضنايا العيد.. كلمات خرجت ممزوجة بالحزن والألم على لسان والدة خالد، وهي تسرد تفاصيل ما جرى لـ القاهرة 24، قبل أن تشير إلى أن نجلها راح ضحية شهامته ونجدته لجارتهم.

 

وأردفت: ابني جاي يقضي العيد معانا واشترى لبس العيد ملحقش يفرح ولا يعيد.. حرموني من نور عينيا وابن قلبي، ملناش غير الله ومش طالبين غير القصاص.

 

إلى جوار الأم المكلومة، وعلى بُعد خطوات وسط سُرادق العزاء، التقط والد خالد أطراف الحديث لينتحب ويبكي بشدة قبل أن يؤكد على أن الفقيد هو نجله الأصغر، وأن أشقاء خالد يعملون خارج البلاد وقد علموا بنبأ مقتله عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.

 

الأب أفاد خلال حديثه لـ القاهرة 24، بأن نجله خالد قُتل ورحل تاركًا طفلين، الأكبر يُدعى أحمد، في السادسة من عمره، رأى ما جرى لوالده أمام عينيه، والصغرى عمرها سنتين لم تُدرك بعد أن والدها قد رحل عن الحياة دون رجعة، منوهًا بأن المتهم شخص سيء السمعة سبق وهدد ابنة جارتهم وشهَّرّ بها، حين رفضت أسرتها خطبتها له، وأن الواقعة التي جرت قبل عدة أشهر وصلت إلى قضية، لكن هذا أمر لا يعنيه على الإطلاق أو يكن لهم فيه شيئًا، أو يكن لنجله ذنبًا في أن يدفع حياته ثمنًا لمحاولة نجدة الجارة وابنتها حين استغاثت به.

 

وأنهى والد شهيد الشهامة حديثه: المتهم كان شايل سلاح وضرب جارتنا وقتل ابني، والنية واضحة والقتل واضح.. مش طالبين غير القصاص.

 

أرملة القتيل بكت كثيرًا هي الأخرى قبل أن تؤكد لـ القاهرة 24، على أن زوجها كان اشترى لها ولأولادها ملابس العيد قبيل مقتله، مضيفة: كان جايب لنفسه طقم عاشان يلبسه في العيد بس ملحقش يفرح بيه.. راح ضحية شهامته ومش طالبين غير القصاص.

 

بلاغ الواقعة

كانت الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، تلقت إخطارًا يفيد بورود إشارة من مستشفى أبو كبير المركزي بوصول كلٍ من: وردة إ م إ، 53 عامًا، ربة منزل، مُقيمة بقرية أولاد موسى التابعة لنطاق مركز شرطة أبو كبير، مصابة برش خرطوش في الوجه، وخالد صلاح، 30 عامًا، نقاش، مصابًا بطلق خرطوش في صدره وتوفي فور وصوله المستشفى.

 

توصلت التحريات إلى أن وراء ارتكاب الواقعة محمود ج ع، 21 عامًا، عامل، مُقيم بنطاق مركز شرطة أبو كبير، وأن المتهم أطلق عيار خرطوش تجاه المصابة إثر خلافات سابقة لرفضها وأسرتها خطبة ابنتها رحاب، 18 عامًا، للمتهم حين تقدم لخطبتها.

 

التحريات دلت كذلك على سابقة اتهام المتهم في قضية تشهير بالفتاة التي سبق وتقدم لخطبتها، فيما جرى ضبط المتهم وتحرر عن ذلك المحضر رقم 2593 إداري مركز شرطة أبو كبير لسنة 2022، وبالعرض على جهات التحقيق قررت انتداب لجنة من الطب الشرعي لتشريح الجثة، وبيان سبب الوفاة، وأمرت بحبس المتهم على ذمة التحقيقات.