بطريرك السريان الأرثوذكس: هناك مخططات خارجية لنشر الفوضى بالشرق الأوسط.. والرئيس السيسي لديه رؤية لتغيير الأفكار السامة في المجتمع |حوار
هناك مخططات خارجية لصنع ونشر الفوضى بالشرق الأوسط
هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط هي الهم الأكبر لنا
بلادنا العربية محط أطماع كثير من الدول الخارجية
هناك موارد تُسرق من بلادنا وتتحكم بها دول أجنبية
المحافظة على الوجود المسيحي مسؤولية الدولة والسلطات والمراجع الإسلامية في البلد
تحدث البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية بسوريا وسائر المشرق، الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، عن المخططات الأجنبية الخارجية التي تستهدف نشر وصنع الفوضى بالدول العربية، فضلًا عن تهجير المسيحيين من الشرق الأوسط وتفريغ المنطقة منهم، ومساعي الدول الكبرى لسرقة موارد المنطقة، كما تحدث عن التقدم الكبير لأوضاع المسيحيين في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإيمانه بأنهم مواطنين درجة أولى متساوين في الحقوق والواجبات، كما فتحنا معه الكثير من الملفات.
وإلى نص الحوار…
كيف ترى أوضاع طائفة السريان الأرثوذوكس في مصر حاليًا؟
الوجود السرياني في مصر قديم جدًا، يعود إلى القرون الأولى والدليل هو وجود دير باسم دير السريان في وادي النطرون، كان يسكنه الرهبان السريان من القرن الثامن حتى السادس عشر، وأبناء الكنيسة السريانية جاءوا مصر على مر العصور وشكلوا رعايا، ويوجد في مصر حاليا عشرات العائلات السريانية، لكنها لا تتجاوز الـ100 عائلة، لأنهم هاجروا على مر العصور من مصر إلى بلاد أخرى، وكان سبب هجرة البعض عدم حصولهم على الجنسية المصرية، والبعض الآخر كان يبحث عن مزايا اقتصادية أفضل، الكنيسة اليوم تخدم أبنائها السريان والأقباط وغيرهم من المصريين.
كيف ترى تهجير المسيحين من الشرق الأوسط.. وما تأثير ذلك على المنطقة؟
الهم الأكبر الذي نعيشه كمسيحين في الشرق الأوسط هو الهجرة المستمرة منذ عشرات السنين، والتي أضعفت الوجود المسيحي في المنطقة كثيرًا، ربما لا نشعر بها في مصر لأن أعداد السكان كبيرة، وبالتالي هجرة البعض لا تظهر كما تظهر عندنا في سوريا، فعندما هاجر أكثر من 50% من مسيحيي سوريا أو 90% من مسحيي العراق خلال الـ25 سنة الماضية، وأيضًا لبنان وفلسطين وجنوب تركيا، هذه البلاد التي كانت عامرة بالمسيحين والتي شهدت ولادة المسيحية، نراها الآن تُفرغ من المسيحيين.
وتعتبر هجرة المسيحيين خسارة للوطن نفسه، فعندما يصبح الوطن صبغة واحدة يكون خطر على أبناء البلد، فيجب أن نحافظ على التنوع الموجود ويجب أن تكون المحافظة على الوجود المسيحي مسؤولية، ليس فقط الكنيسة ولكن أيضًا الدولة والسلطات والمراجع الإسلامية.
هل نجحت مخططات الإرهاب في صنع فتنة طائفية.. وفي رأيك ما هو علاج الإرهاب بشكل كامل؟
عندما نتحدث عن الإرهاب يجب أن نتحدث فقط عن المظهر الخارجي للإرهاب، وهو العنف والقتل والأحداث المأسوية التي نراها، والإرهاب ليس فقط ضد المسيحيين ولكن هو ضد الوطن وبالتالي مسؤولية الجميع هي محاربته.
أول مرحلة من مراحل محاربة الإرهاب هي الفكر، فيجب أن نعمل من أجل بناء إنسان سوي يستطيع أن يتقبل الآخر ويحارب الأفكار الإرهابية ومصادرها، ويجب أن يتحد الكل في جهوده لمحاربة الإرهاب.
كيف ترى ما حدث في سوريا والعراق وهجرة السكان من البلدين؟
بلادنا التي نعيش بها، سواء العراق أو سوريا أو فلسطين أو مصر كلها بلاد غنية جدًا في تاريخها وفي حضارتها، كما إنها غنية في مواردها الطبيعية والاقتصادية، لذلك هي محط طمع كثير من الدول الخارجية.
وما حدث في بلادنا ليس نتاج لأفكار تكفيريه فقط، ولكن هناك مخططات خارجية لنشر وصنع الفوضى في الشرق الأوسط.
الحرب في سوريا والعراق لها أوجه كثيرة، وهي عبارة عن طبقات الواحدة تلو الأخرى فنستطيع أن نطلق عليها عدة ألقاب فهي طائفية وطامعة في الموارد الاقتصادية، فنحن نرى موارد تُسرق من بلادنا وتتحكم بها دول أجنبية، وأيضًا نقول عليها حرب مجتمعية.
كيف ترى مصر كمنارة للمسيحية وكونها البلد الإسلامي الأكبر؟
عشت في مصر لمدة 4 سنوات في فترة الثمانينات، واليوم أراها قد تغيرت كثيرًا وليس فقط من جهة البنيان ومن جهة المشاريع والإمكانيات الضخمة، ولكن أيضًا من جهة التعامل بين الناس والانفتاح والارتياح المسيحي هنا والذي زاد كثيرا، ولا أقول إن كل الضيقات انتهت، وأن كل الأمور أصبحت ممتازة، فما زال هناك تحديات كثيرة يعيشها المجتمع المصري من جهة العلاقة بين أتباع الأديان.
نشعر في مصر بفرق كبير وتغيير حاصل من ناحية قبول الواحد الآخر، والاتفاق على محبة مصر والعمل من أجلها، من قبل جميع الناس من حيث الكنائس التي بنيت والكنائس أيضًا، وهذا تقديرعائلي لسياسات رشيده تتخذها الحكومة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي يؤمن فعلًا بالانفتاح ومبدأ المواطنة وأن جميع الناس متساوية في الحقوق والواجبات والفرص المتكافئة، وهذه كلها أسباب نجاح مصر والارتياح لها، وتجعل منها مثالًا لبعض الدول الأخرى.
كيف كانت كواليس الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط في دورتها الـ12؟
اجتماع الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، يُعقد كل 4 سنوات، وكانت هذا الدورة باستضافة الكنيسة القبطية وعلى رأسها البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
الروح الطيبة التي أظهرها قداسة البابا تواضروس الثاني جعلت الكل يشعر بارتياح، وجعلتنا جميعا نعمل في تعاون ومحبة.
كيف كانت كواليس زيارة رؤساء الكنائس للرئيس السيسي؟
زيارتنا للرئيس عبد الفتاح السيسي، لم تكن بروتوكولية فقط، ولكن كان حديث الرئيس السيسي مفاجأة لنا، حيث كان يدور حول إيمانه بأهمية الوجود المسيحي في مصر والشرق، وإيمانه بالتكافؤ لكل مواطن في بلده بغض النظر عن دينه، وأيضًا حول إيمانه بأن المسيحي هو مواطن من الدرجة الأولى في هذه البلد، ومتساوٍ في الحقوق والواجبات.
واستعمل الرئيس السيسي خلال اللقاء كلمات محدده وهامة جدا، فكان يقول: أنا لا أعطي مني عطية أو منحة ولكن أعبر عن الذي يجب أن يكون، وهذا مهم جدًا ويدل عن فكر منفتح ومطلع على الناحية الدينية، وكان اللقاء وجداني وبه روحانية وفلسفة معينة، من خلاله يناقش الرئيس السيسي رؤساء كنائس في مواضيع لها علاقة بحرية الإنسان وكرامة الإنسان، وتكافؤ الفرص.
واستخدم الرئيس السيسي في اللقاء كملة اطمنوا أكثر من مرة، وأرى أن الرئيس السيسي لديه رؤية يعمل من خلالها على تغيير الأفكار السامة في المجتمع من خلال العلاقات مع الآخرين، كما أرى تقدما كبيرا وارتياحا عند المسيحين في عهد الرئيس السيسي أكثر من السابق، وأتمنى أن يستمر هذا التطور في الفكر وتغيره.