الإفتاء: كتابة القرآن الكريم على الأرض بغرض الحفظ جائز ما لم تتوفر وسيلة أخرى
تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالا من أحد الأشخاص، يقول: في بعض الكتاتيب في البلاد الإسلامية لا يتوفر لدى التلاميذ أو بعضهم ألواحا لكتابة القرآن الكريم عليها بغرض حفظه وتعلمه، ولا وسيلة أمامهم إلا أن يكتبوه على الأرض، وإلا سيضيع على كثير منهم فرصة الحفظ في الكتاتيب. فهل يجوز ذلك شرعًا؟
حكم كتابة القرآن على الأرض لحفظه
وفي مطلع ردها على السؤال السابق، أوضحت دار الإفتاء، أن الشرع الشريف، حث على تعلم القرآن وتعليمه، وتظاهرت الأدلة الشرعية على ذلك، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن متعلمَ القرآن ومعلِّمَه خيرُ الأمة؛ فقال: «خَيْرُكُمْ -وفي رواية: إِنَّ أَفْضَلَكُمْ- مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
وأشارت دار الإفتاء كذلك، إلى ما قاله الإمام أبو الحسن بن بطال في شرح البخاري: "حديث عثمان يدل أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها؛ لأنه لما كان مَن تعلم القرآن أو علّمه أفضلَ الناس وخيرَهم دل ذلك على ما قلناه؛ لأنه إنما وجبت له الخيريةُ والفضلُ مِن أجل القرآن، وكان له فضلُ التعليم جاريًا ما دام كلُّ مَن علَّمه تاليًا".
فضل حفظ القرآن
وذكرت الديار المصرية، أن حافظ القرآن لا تمسه النار؛ حيث روى الإمام أحمد في "مسنده" والدارمي في "سننه" عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ جُعِلَ فِي إِهَابٍ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ مَا احْتَرَقَ».
وأضافت دار الإفتاء، خلال فتواها التي نشرت عبر موقعها الرسمي، أن الكتابة من أكثر الوسائل مساعدة على حفظ القرآن الكريم وتعلمه؛ ولذلك كانت هي أنجع وسيلة للحفظ في مكاتب تحفيظ القرآن الكريم للطلبة عبر الأجيال.
استخدام الكتابة في تدوين القرآن
الإفتاء أشارت إلى استخدام الصحابة للكتابة في تدوين القرآن الكريم وحفظه؛ فكانوا يكتبونه على ما يتيسر لهم الكتابة عليه؛ من العُسُب (جمع عَسِيب، وهو جريد النخل)، واللِّخاف (جمع لَخْفة، وهي الحجارة العريضة الرقيقة)، والرِّقَاع (جمع رُقعة، من جلد أو ورق أو كاغد)، مضيفة أنهم عمدوا إلى الكتابة على مثل هذه الأدوات -التي قد لا تصلح لكتابة القرآن الكريم في عصرنا-؛ لأنها كانت هي المتاحة لهم في عصرهم.
وتابعت دار الإفتاء: فإذا كانت الكتابة على الأرض هي الوسيلة المتاحة لتحفيظ القرآن في هذه البلدان ولم تتوفر الألواح للطلبة أو بعضهم في هذه الكتاتيب فإنه لا مانع حينئذ من الكتابة على الأرض؛ بشرط أن لا يوطَأُ المكان الذي يُكتَب فيه القرآن ولا يُوضَع عليه شيء.