سداد الديون سيكون مكلفا.. تعرف على تأثير تساوي اليورو مع الدولار لأول مرة منذ 20 عاما
أثار تراجع اليورو اليوم أمام الدولار ليتساوى معه في واقعة لم تحدث منذ 20 عاما، تساؤلات المحللين حول تأثير ذلك على الأسواق العالمية، حيث صعب هذا التراجع لليورو على الشركات الأوروبية التي تحتاج إلى شراء الطاقة والمواد الخام والمكونات المسعرة بالدولار، إذ تستمر تكلفة الواردات المتزايدة في تعزيز الأسعار في 19 دولة تستخدم اليورو، ليقفز معدل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي بلغ 8.6٪ في يونيو، فما هي التداعيات الملموسة جراء هذا التراجع في قيمة العملة الأوروبية أمام الدولار على الأسواق العالمية؟
سداد الديون سيكون مكلفا
بالنسبة لسداد ديون الدول الأوروبية، فإن التأثير يبدو أقل وضوحا حيث ترى إيزابيل ميجان، الأستاذة في جامعة سيانس بو في باريس أن المزيد من النمو من شأنه أن يسهل سداد الديون، شريطة أن تعتبر الأسواق الديون الأوروبية آمنة بما فيه الكفاية وأن تظل أسعار الفائدة منخفضة.
ولكن بالنسبة للدول التي أصدرت سندات بالدولار، فإن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار سيرفع من تكلفة السداد.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة، هناك مخاوف من أن أسواق السندات في البلدان ذات الديون العالية مثل إيطاليا واليونان، والتي يمكن أن تتعرض لضغوط.
وأوضح وليام دو فيجلدر الخبير الاقتصادي في مصرف بي إن بي باريبا: يمكن القول أنه لا ينبغي أن يرد البنك المركزي الأوروبي على ارتفاع أسعار السلع الأولية، ولكن التحدي المتمثل في استعادة السيطرة على التضخم يصبح أكبر لأن أسعار الواردات تزداد بسبب ارتفاع سعر الصرف.
وكان مصرف فرنسا المركزي، اعتبر نهاية مايو أن ضعف اليورو قد يعرقل جهود البنك المركزي الأوروبي في السيطرة على التضخم.
وأكد عدد من المحللين الماليين أن هذا التأثير سيظهر قريبا، حيث يتم تحرير فواتير ما يقارب من نصف المنتجات الواردة إلى منطقة اليورو بالدولار مقابل أقل من 40 بالمئة باليورو، وفق بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي يوروستات، ويتعلق ذلك على سبيل المثال بالعديد من المواد الأولية، مثل النفط والغاز، والتي ارتفعت أسعارها بالفعل في الأشهر الأخيرة على خلفية الحرب في أوكرانيا. لكن ستكون هناك حاجة لمزيد من اليورو لشراء السلع المستوردة بالدولار.
وأوضحت إيزابيل ميجان، الأستاذة في جامعة سيانس بو" في باريس، تفقد المنتجات المستوردة قدرتها التنافسية، وستواجه منافسة، وبالتالي ستكون أكثر تكلفة، مما يسهم في تسريع التضخم ويهدد القدرة الشرائية للعائلات.
تعطل السياحة الأوربية
وبالتالي، فإن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار "سيعطل السياحة الأوروبية بشكل واضح، وخاصة في الولايات المتحدة"، حسب ما حذر وليام دو فيجلدر، الخبير الاقتصادي في مصرف "بي إن بي باريبا". وبما أن السياح يحتاجون إلى المزيد من اليورو لتسديد نفس المبلغ بالدولار، سترتفع فاتورة إقامتهم في الولايات المتحدة وكذلك في البلدان التي ربطت عملتها بالدولار.
وسيكون تأثير انخفاض اليوروعلى الشركات حسب اعتماد الشركات على التجارة الخارجية والطاقة متفاوت. إذ يرى فيليب موتريسي، مدير الدراسات في مصرف "Bpifrance" العام أن التكاليف سترتفع بشكل حاد بالنسبة للشركات التي تعتمد على المواد الخام والطاقة والتي تصدر القليل، مثل شركات الحرفيين.
أما الرابح الأكبر من انخفاض اليورو فهي الصناعة التحويلية التي تصدر منتجاتها إلى الخارج، وخاصة صناعة الطائرات والسيارات والسلع الفاخرة والكيميائية.
ووفق وكالة الأنباء الفرنسية فإنه قد يؤدي انخفاض قيمة اليورو، مع تسارع التضخم، إلى تشجيع البنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع. وهو يستعد لرفعها بالفعل.
أسباب التراجع
ويرجع انخفاض اليورو وهو ثاني أكثر العملات استخدامًا في العالم وفق المحللين الماليين إلى مخاوف الركود التي تتصاعد عالميا وذلك بالتزامن مع قرب أوروبا من الحرب في أوكرانيا، واعتمادها التاريخي على روسيا لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ما جعلها أكثر عرضة للخطر من الولايات المتحدة.
وقد صلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى أعلى مستوى لها منذ مارس. وقطعت روسيا تدفقات الغاز إلى أوروبا، وخط أنابيب نورد ستريم الرئيسي على وشك الخضوع للصيانة. ودخل عمال الطاقة في النرويج في إضراب، مما يهدد بمزيد من القيود على الإمداد.
وقال لي جوردان روتشستر، المحلل المالي: لدينا أزمة شتوية قادمة في منطقة اليورو وأتوقع أن تظل أسعار الطاقة قوية للغاية.
ووفق المحللين يميل ضعف أداء اليورو عندما تتراجع الرغبة في المخاطرة بين المستثمرين.
ويرجع أيضا تكافؤ اليورو مع الدولار ليتساوى الاثنان معا لأول مرة منذ 20 عاما إلى قضية أخرى وهى قضية التجارة، إذ أبلغت ألمانيا للتو عن عجز تجاري شهري نادر، في إشارة إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يلقي بثقله على الشركات المصنعة في مركز التصدير في أوروبا، وبالتالي يصبح اليورو الأضعف ضروريًا لجعل صادرات الكتلة أكثر قدرة على المنافسة.
وكانت أوروبا أيضًا وراء الولايات المتحدة في رفع أسعار الفائدة، رغم أن البنك المركزي الأوروبي يتوقع أن يبدأ الارتفاع هذا الشهر. وهذا يعني أن المستثمرين من المرجح أن يضعوا أموالهم في الولايات المتحدة، حيث يمكنهم تحقيق عوائد أفضل.