الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أين تذهب «الروح» بعد الخروج من الجسد؟!.. ومن هم أهل «عليين»؟!

الأحد 07/أغسطس/2022 - 07:52 م

تحدثنا في المقال السابق، والذي كان بعنوان جزء أخر من كتاب «العودة من الموت.. أطوار الحياة وعالم البرزخ» عن حياتنا في بطون أمهاتنا وكيف كانت هذه الحياة وما هو مقدر لنا، وهي الحياة التي لم نكن لنستوعب فيها ما سيحدث لنا مستقبلا، وكل ما كنا نستوعبه فقط هو العالم الذي نحن كنا موجودين فيه أجنة، وهو «أرحام أمهاتنا»، ومن ثم شبهت خروجنا أجنة من بطون أمهاتنا بموت وخروج الإنسان من الحياة إلى القبر وعالم آخر لم يكن يستوعب وجوده.


وهنا في هذا المقال، نطرح موضوعا آخر، فدائما ما نتساءل جميعا وأنا واحد منكم عن الحياة بعد الموت، وإلى أين تذهب روحنا بعد خروجها من أجسادنا بأمر ربها، وأين مستقرها؟!، وماذا يوجد في هذا العالم، وما مصيرنا فيه؟..


وأقدم لكم الإجابة التي يبحث عنها الجميع، حيث شرحها لنا الشيخ محمد أبو النور، من خلال كتابه «العودة من الموت»، حيث وضح حقيقة خروج الروح من الجسد وإلى أين تذهب هذه الروح ومصيرها في عالم البرزخ؟!.


ويقول، إن الروح نوعان، روح طيبة، وروح غافلة مظلمة، حيث إن الروح الطيبة عندما تخرج من جسد الإنسان يعرج بها إلى خالقها، وإن كانت من أهل السعادة الأزلية ممن لا عقاب لهم فتحت لها أبواب الملأ الأعلى ويقف لها الملائكة صفوفا يشيعونها بينهم وينثرون عليها المسك والريحان ويصلون عليها في كل سماء تعرج إليها حتى تصل إلى حضرة القدوس الأعلى لتدخل إلى ربها وهي مكرمة ومكللة بتيجان الصلوات والتحيات.


ثم يتلقاها الله باسمه الكريم ويهبها روحا وريحانا وجنة نعيم، بل ويمنحها الإذن بالانطلاق إلى عالم البرزخ لكي تسرح وتمرح فيه كيفما تشاء.


ويكون مستقرها الذي تأوي إليه حسب درجتها في القرب من الله، وهذه الدرجات لا تنحصر «وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا».


وكل شيء في عالم البرزخ له حسابات أخرى تقوم على الروحانيات وليس على الماديات، فالبرزخ هو عالم الروحانية الصرفة.


والعجيب أنه مع الصغر المتضائل للأرض بالنسبة لحجم السماء والكرسي والعرش، فإن موضعا صغيرا بالأرض لا يزيد عن المترين قد يكون بداخله الجنة التي لا حدود لاتساعها، وهذا الموضع هو «القبر»، فقد قال رسول الله - صل الله عليه وسلم - «القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار».


فتخيل أن الجنة التي لا يدركها البصر ولا يستطيع أن يأتي بآخرها مع اتساعها توجد في القبر، وهذا يعتبر أحد أسرار عالم البرزخ.


ومعنى هذا أن العلوم البرزخية لا تقاس بالعلوم الدنيوية فقد يظهر الأكبر في الأصغر وقد يحتوي الجزء على الكل، بل قد تظهر الجنة الواسعة في ثقب حائط.


وقد يسع قلب المؤمن معرفة الله الذي لا تسعه السماوات والأرض، وكما روى في الخبر «ما وسعتني سماواتي ولا أرضى وكرسيي وسع السماوات والأرض، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن».


ولك أن تعلم أن البرزخ باتساعه الهائل والذي يضم السماوات والأرض موجود في «فتحة القرن»، وهو مثل كرة صغيرة جدا في دائرة القرن والذي هو «بوق» في فم الملك إسرافيل، وقد وضعه في فمه منتظرا نفخة الصور.


وهذا الصور العظيم يوجد بداخله وفي قطره عالم البرزخ وسقف البرزخ وأعلي درجة فيه قبة عظيمة تحت العرش، تسكن تلك القبة روح سيد البشر وأخر الأنبياء سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، ومعه آل بيته المقربين أصحاب الكساء، السيدة فاطمة الزهراء وسيدنا على والحسن والحسين، وما تناسل من العترة الطاهرة.


وكذلك أرواح زوجات النبي صل الله عليه وسلم، السيدة خديجة والسيدة عائشة والسيدة حفصة، وباقي أمهات المؤمنين، ثم أرواح الصحابة الكرام والأولياء الصالحين، كل على حسب منزلته ودرجته في القرب من الله ورسوله.


والأرواح التي تسكن في السماء الرابعة فما فوقها لها نور عظيم، ويطلق عليها في عالم الملكوت «الأرواح القاهرة أو الملوك النيرة»، فإذا ما مات الإنسان وخرجت روحه من جسده أصبحت على أول عتبات عالم البرزخ، فتخرج هذه الروح وعليها قدر من النور وبحسب درجة صفائها وإيمانها وأعمالها، وحتى إن كان نورها ضئيلا فتشرق عليها الأرواح القاهرة وكأنها الشمس بل أشد نورا من الشمس، فتفرح الروح الطيبة لهذا الميت وتأنس بها وتنجذب إليها، ومن ثم تعطي تلك الأرواح القاهرة وتمد روح الميت بنور عظيم يساعده في عالم البرزخ لكي يسكن خليته البرزخية والتي تكون مشرقة ومضيئة، بل وتمتد حتى تصل من برزخه إلى مسكنه في الجنة فتتنعم روحه بالنعيم حتى تقوم الساعة ويدخلها روحا وجسدا.


أما روح الغافل «غير المؤمن»، فتخرج روحه من جسده مظلمة، عديمة الأنوار،  وعندما تدخل عالم البرزخ تكون حائرة خائفة بل مذعورة لأنها لا ترى شيء سوء الظلام الدامس.


وعندما ترى نور الأرواح القاهرة المنيرة تشرق فوق رأسها وكأنها الشمس، تستنجد بها لتمدها من نورها، لكي ترى وتعيش في عالم البرزخ، حيث أن النور هو غذاء الأرواح في عالم البرزخ، وكلما كنت مؤمنا مستقيما حافظ لحدود الله، مؤدي لصلواته وفروضه كلما زادت روحانياتك ومن ثم زاد مقدار النور الذي سيخرج منك ويغطي روحك بعد وفاتك.


إن الروح المظلمة عندما تطلب أن تقتبس نورا من الأرواح المنيرة فإن تلك الأرواح الشريفة تعرض عنها وتنفر منها وترفض أن تعطيها شيء من نورها، وتطير مبتعدة عنها وتتركها في ظلامها وبؤسها.


بل حتى لو رقت لها أي روح من الأرواح المنيرة القاهرة، وحاولت أن تمد تلك الروح المظلمة من نورها فلن تستطيع لأن الله سبحانه وتعالى قدر ذلك وحرم على تلك الأرواح هذا النور وكتب عليها الظلمة، وذلك لما فعلته في دنياها.


وهنا تظهر بركة الصحبة الصالحة، وأنوار الطريق إلى الله، ومتابعة أولياء الله الصالحين، فكلما كانت صحبتك حسنة نيرة كتب الله لك أن تكون معهم وأن تقتبس من نورهم في الدنيا فيكون لك دليل بعد وفاتك في عالم البرزخ.


كما أن الروح التي تكون محرومة من النور فإنها تلقى في خليتها داخل سجين، والذي هو مسكن شياطين الإنس والجن والمجرمين، وغالبا يتلقفها الشياطين والأبالسة الذين كانوا يوسوسون لها في الدنيا وكانت تطيعهم.

و«سجين» مكان يسجن فيه الأرواح الشريرة، موجود في تخوم الأرض السابعة السفلي على هيئة بئر مظلم، قعره بعيد جدا، له هوة عميقة، وفي قعره صخره نارية من جهنم تقيد بداخلها تلك الأرواح.

 

ويتقاذفها الشياطين ويلعبون بها كأنها كرة، ويضربون رأس تلك الروح المظلمة في الأرض السابعة السفلى، وتظل على هذه الحال تصرخ وهي محبوسة في قعر البرزخ مأوى الشياطين والمنافقين.


فيما يكون مسكن هذه الروح المظلمة في حفر عميقة حلزونية مثل الآبار، فتسقط فيها وتهوي في دوامة تنتهي في قعرها إلى جهنم وتظل هذه الروح على هذه الحالة ما بين خليتها وجهنم حتى تقوم الساعة.


ويأتي كل هذا العذاب لهذه الروح الغافلة المظلمة بسبب الغضب الإلهي الذي يسقط عليها من أفعالها الموبقة الشنيعة في دنياها، حيث يفزع من يراها بل تفزع هي من نفسها.


وعند موت هذه الروح وتخرج من جسدها تكون لها رائحة نتنة كأقبح ريح وجد على ظهر الدنيا بل أسوأ.

وعندما تصعد هذه الروح الشريرة لملاقاة ربها تغلق أمامها أبواب السماء وتعلن الملائكة أنها روح مرفوضة وممنوعة من لقاء ربها.


فتقوم الملائكة بقذف هذه الروح من أعالي السماء فتهوي ساقطة حتى تستقر في سجين، ويغلق عليها ولا تتحرك إلى يوم القيامة.


فتخيل عزيزي القارئ مدى هذا العذاب وتلك الظلمة التي يكتبها المولى عز وجل على هذه الفئة من البشر الذين نسوا الله وأوامره وعثوا في الأرض مفسدين.


ويقول الشيخ محمد أبو النور، في كتابه العودة من الموت، إن هناك فئة من الأرواح ذات الهمم العالية يطلق عليهم «الأبرار»، وهذه الأرواح تسكن في مكان يطلق عليه «عليين»، حيث قد منحهم الله منزلة من القرب لا يتخيلها أحد من البشر، فإن أرواح الأبرار تحلق فوق السماء السابعة، وتحوم حول قوائم العرش، ويكون مستقرهم الذي يأؤون إليه هو «زبرجدة» خضراء على قائمة العرش اليمني.


و«عليون»، يقول عنها المفسرون إنها سدرة المنتهى، التي ينتهي عندها كل شيء من أمر الله لا يعدوها، وأن تلك المنزلة شيء آخر في الجنة يفوق النعيم الحسي.


كما أن أهل الجنة يرون أهل عليين كما نرى نحن الآن الكوكب الدري في أفق السماء.


فأي منزلة وأي قرب وأي سعادة تلك التي يجدونها أهل عليين وهم يطيرون ويحلقون ويأؤون عند العرش، فما أهنأ هذه الأرواح التي تجاور الملائكة وتخالطهم في التسبيح والتقديس.

تابع مواقعنا