عصابة القطط
• من أكتر من 80 سنة، كان الممثل "ليونيل رويس" عايش في ألمانيا، وبيدوَّر على فرصته الحقيقية في التمثيل، عشان يثبت نفسه، وقد إيه إنه موهوب.. ولإن مفيش فرصة بتيجي بسهولة، ولازم لها تعب، اضطر إنه يشتغل في وظيفة تانية عشان يقدر يصرف على نفسه وعلى أسرته.. بدأت الأدوار تيجي بالتدريج، بس ولإن معدل الأدوار اللي بتيجي ما كانش سريع؛ فضل مستمر برضو في الوظيفة التانية بتاعته.
مع الوقت، وبالتوازي مع سعيه ده.. كانت ألمانيا النازية بقيادة "هتلر"، بتتوسع وبتفرض سيطرتها على أوروبا أكتر.. الفكرة إن "ليونيل" كان صاحب ديانة يهودية.. وفي الفترة دي.. وخصوصا مع تواجده في ألمانيا.. كان فيه ضغط من النازيين على وجود اليهود بشكل عام في الدولة.. تضييق، تطفيش، حبس، وهكذا.. وبصرف النظر إن ده كان له أسباب منطقية ولا لأ.. وهل كان كَرَدّ فعل على تصرفات صدرت من يهود عايشين في ألمانيا.. ولا مجرد جَرّ شكل من الألمان لليهود وخلاص.. محدش عارف.. وتضاربت الأقوال في النقطة دي.. وسط حقائق وأكاذيب من الطرفين.. ومش مجال مناقشتها دلوقتي.. بس الفكرة برضو إن "ليونيل" كان في حاله بشكل غريب.. لا ليه في السياسة ولا في العنف ولا شخص متدين أصلًا بمعايير الديانة اليهودية حتى.. ولا بأى ديانة تانية!.. هو شخص عايش يومه بيومه.. عشان التمثيل بس.. لكن ده ما كانش كافي عشان يمنع طرده من وظيفته اللي كان بيشتغلها + طرده برضو من مهنة التمثيل بشكل نهائي!.. إحنا مش عايزين يهود هنا.. يقول لهم: أنا ما عملتش حاجة.. لأ.. أنا أساسا يهودي بالاسم بس.. لكن ما أعرفش حاجة عن اليهودية ولا ليا بيها علاقة.. لأ.. أنا ماضرتش حد ولا ليا دعوة بحد.. لأ برضو.
شوية بشوية.. بقى متأكد إنه مالوش عيش في ألمانيا.. وقرر يسافر ويستقر في جبال الألب وسط المزارعين اللي هناك.. وفضل جواه مليون سؤال وسؤال.. كلهم بيبدأوا بكلمة: "ليه؟".. وطبعا ما كانتش فيه إجابة.
بعد فترة.. ولما حياته استقرت في الألب.. اكتشف إن حُب التمثيل لسه بيجري في دمه.. ومش قادر ينساه أو يبعده عنه.. فقرر ينفذ خطة غريبة.. مبنية على معلومة كان قرأها زمان!.. قرر يستحمى كل 10 أيام بمحلول "بيروكسيد الهيدروجين".. وينقع جسمه كله فيه بشكل كامل!.. والسبب؟.. عشان لون بشرته يبقى أفتح.. وشعر جسمه كله يتحول لـ اللون الأبيض!.
حصل فعلًا اللي هو عايزه.. وبعد 3 شهور.. بـ 10 مرات استحمام.. اتحول "ليونيل" لشخص تاني.. بشرته بيضاء جدا.. وشعر راسه وإيده ورجله لونهم أبيض.. وحتى لحيته.. اللي كانت بدأت تظهر.. كان لونها أبيض تمامًا!.. وهنا جه القرار التاني.. أنا راجع ألمانيا!.. راجع فين يا عم.. أنت كده بتنتحر.. لأ.. محدش هيعرفني.. هما حكموا عليا من لون بشرتي الشرقية.. ومن ديانتي.. ومن شكلي.. لكن أنا راجع لهم بشكل تاني مختلف تماما.. وباسم تاني كمان.
الغريب إنه نفذ اللي قاله.. ورجع فعلًا.. ومحدش عرفه.. وأصلًا كان زوَّر ورق هوية مختلف باسم واحد من المزارعين.. اسمه "كاسبار براندوفر".. وبدأ يسعى في طريق التمثيل من تاني.. بس كـ "كاسبار" مش كـ "ليونيل"!.
الغريب أكتر وأكتر.. إنه لما راح لمخرج من المخرجين اللي اتعامل معاهم قبل كده عشان يعرض عليه موهبته.. ما قدرش يعرفه.. بسبب اللحية البيضاء.. ولما مثِّل قدامه.. كان كإنه بيشوف ممثل عبقري أول مرة يشوفه.. وقال له بالحرف: (أنت اكتشاف).
بدأ "ليونيل" ينتشر مرة تانية كممثل عبقري.. وبدأت الصحافة الألمانية والحزب النازي يفتخروا بـ "كاسبار" قدام العالم كله.. اللي هو: شوفوا عندنا فنان ألماني موهوب إزاي ومدهش.
لكن للأسف "ليونيل" أو "كاسبار" ماستحملش يفضل مكمل في القصة دي للأبد.. وقرر يعترف للكل بحقيقته.. وإنه الممثل "ليونيل رويس" مش "كاسبار براندوفر" اللي أنتم بتهللوا له.. وبتفخروا بيه.. بس عشان أنتم بتاخدوا بالمظاهر.. اتخدعتوا!.
الدنيا اتقلبت.. واتقبض عليه.. وتمت محاكمته.. بس وعشان شكلهم ما يبقاش وحش.. خلّوا الحكم مخفف.. عشان ماينفعش نكون بنشكر فيه وفي موهبته من كام يوم.. والنهاردة نيجي نرميه في السجن.
اتحكم عليه بالحبس لمدة 48 ساعة.. وغرامة مالية.. ثم ترحيل لأي مكان هو عايزه.. حصل فعلًا.. ولما خرج.. سافر للولايات المتحدة الأمريكية.. باسمه الحقيقي "ليونيل رويس".. وكمل طريقه في التمثيل بالاسم القديم.. لحد ما مات بعدها بكذا سنة.. لكن بعد ما أثبت إنك ممكن تخدع أي حد بالمظهر.. طول ما هو مش مهتم غير بيه.
• من القصص اللي كان ليها صدى كبير مؤثر في المجتمع الأمريكي.. بعد انتشارها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.. ووسائل الإعلام الأمريكية.. هي قصة السيدة "روث جريجسون" "Ruth Gregson".. إيه الموضوع؟.. الحكاية وما فيها.. إن السيدة "روث".. سيدة لطيفة جدا.. وطيبة جدا.. وعمرها 83 سنة.. وعايشة في بيت طويل عريض لوحدها!.. بس الحقيقة إنها ماكانتش عايشة لوحدها بالمعنى الحرفي للكلمة.. لكن كان عايش معاها شوية قطط.. بتراعيهم وبتربيهم.. أيوه يعني إيه شوية قطط؟.. قطة، اتنين، تلاتة؟.. لأ.. 65 قطة.. أيوه بالظبط زي ما قريت كده.
الست كانت بتتغلب على وحدتها.. بتربية العدد الكبير ده من القطط.. الموضوع كان مُلفت لجيرانها.. اللي ورغم إن مفيش لا كلام ولا تعامل بينهم وبين "روث".. اللي بدورها ماكانتش ودودة ولا اجتماعية معاهم.. إلا إن تفصيلة تربيتها للعدد ده من القطط.. كان مخلّي عند الكل انطباع.. إن الست دي طيبة وقلبها أبيض.. أصل أكيد يعني ماحدش هيعمل زيها.. إلا لما يكون فيه قدر كبير من الحنية.. وعلى هذا الأساس الناس كانوا بيتعاملوا مع "روث".
وارد تلاقي واحدة من جيرانها خبطت على الباب وإدتها كيس كبير فيه أكل قطط.. كمساهمة منها لمساعدتها على مصاريف أكلهم.. وارد تلاقي دكتور بيطري من الجيران برضو.. خبَّط على باب بيتها.. بيعرض عليها خدماته.. إنه مستعد يعالج قططها ببلاش.
ومع إن "روث" مش شخصية اجتماعية زي ما قولنا.. لكنها كانت بتوافق على المساعدات دي بابتسامة بسيطة وهزة راس.
مع الوقت.. بقى فيه قطط من عند "روث" بيروحوا لبيوت الجيران.. يلعبوا شوية في الجناين بتاعتهم.. أو يدخلوا بيوتهم نفسها شوية ويخرجوا.. طبعًا الجيران اللي كانوا واثقين في القطط.. وفي إنهم واخدين التطعيمات اللازمة.. وإنهم قطط نضيفة.. ما كانش بيبقى عندهم مانع.. وكانوا بيستقبلوهم أحلى استقبال.
تمر الأيام والشهور.. ويبتدي الكل يلاحظ حاجة غريبة!.. فيه مجوهرات بدأت تختفي من بيوت الجيران.. مجوهرات بس مش فلوس.. ومش موبايلات مثلًا.. ولا أي حاجة تانية غالية.. مجوهرات فقط لا غير.. إيه الحكاية؟.. باستخدام الكاميرات.. وبتدقيق البحث.. اكتشفت الشرطة إن اللي بيسرق المجوهرات.. هي القطط!.. ومش أى قطط وخلاص.. لأ.. قطط "روث".
اتضح إيه بقى.. السيدة "روث جريجسون" كانت بتدرب القطط بتاعتها على سرقة المجوهرات من الجيران!.. طب وهو ده ينفع أصلًا!.. طلع ينفع أهو.. وعلى مدار 7 شهور كاملة.. قدرت القطط تسرق مجوهرات بقيمة 650 ألف دولار!.. يعني بالمصري بنتكلم في حوالي 13 مليون جنيه.
الجيران ما كانوش مصدقين.. وهما اللي كانوا بينفوا للشرطة.. اللي تحقيقاتها وصلت لها.. مستحيل "روث" تعمل كده!.. إيش عرفكم.. دي مستحيل تعمل كده؟.. أصلها طيبة وملامحها بشوشة!.. إيه الحكم ده!.. وهو من إمتى تقييم البني آدم بيبقى من ملامحه!.. أصلها ست كبيرة في السن وعجوزة!.. يعني هو مفيش عواجيز حرامية.. أو ناس كبار في السن مجرمين؟!.
شوية بشوية بدأت أسطورة السيدة "روث" تتكسر قدام عيون الجيران.. اللي بدأوا يقتنعوا إنها كانت مجرد كذبة كبيرة عاشوا فيها وصدقوها.. لمجرد إنهم حكموا عليها من الظاهر بتاعها.. ومن بره بره.. وبدون حتى ما يدور حوار جملتين تلاتة بينها وبين أي حد منهم!.
اللطيف في الموضوع.. إن السيدة "روث".. وفي أثناء التحقيق معاها.. قالت جملة غريبة جدا.. لما سألوها عن سبب اللي عملته.. قالت: (من الواجب على القطط إحضار أكلها بنفسها).. قالتها برضو وهي مبتسمة ابتسامة بسيطة لطيفة.. وبتهز راسها بهدوء.. بس الفرق المرة دي.. إن ماحدش اتخدع في ملامحها البريئة.. ولا ابتسامتها.. بعد ما اتغيرت نظرتهم ليها.. من كونها إنسانة طيبة لـ مجرمة.
• الناس بتنسى إن المظاهر خداعة.. وإن تزيين الجسم والشكل والمظهر.. أسهل بكتير من تزيين النفوس.. بشاشة الوشوش.. وحلاوة اللي ظاهر.. مش شرط يكون معناهم حلاوة داخلية.. نضافة القلوب الحقيقية بتبان في الأفعال.. مش مهم اللي باين.. الأهم اللي مابنش.
الحكم السريع على غيرك.. سواء سلبي أو إيجابي.. معناه غلط كبير.. عشان كده.. المعرفة الحقة للي قدامك.. محتاجة وقت عشان تظهر.. ومش هتبان بين يوم وليلة.. ولا من كلمتين.. ولا عشان شكله ابن ناس.. لكن لأن أفعاله أفعال ابن ناس.
الأديب الإنجليزي "جون درايدن".. قال: (لا تنخدع بالملابس أو المظهر، فمن أراد البحث عن لؤلؤ؛ فليغص إلى الأعماق).