إحنا الحيطة المايلة وخليهم يقتلوني الأمريكان.. كلمة الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
احنا الحيطة المايلة في العالم.. نريد حلا.. فهل لديكم حل، بتلك الكلمات خاطب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، الجمعية العامة للأمم المتحدة، أملا منه في الحصول على دعم دولي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، موجهًا حديثه صوب واشنطن لائما إياها على وقوفها الدائم كداعم لاحتلال إسرائيل لبلاده، معلنًا عن أمانيه في تمكن الأمم المتحدة من تطبيق أي من قراراتها الصادرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
بخطى يملؤها الأمل في توصيل قضية أبناء جلدته الفلسطينيين، توجه أبو مازن إلى منصة الأمم المتحدة، مستهلا كلمته بأنه يتحدث نيابة عن أكثر من 14 مليون فلسطيني عاش آباؤهم آثار النكبة التي تمثل ما وصفه بـ وصمة عار في جبين الإنسانية، مؤكدًا أن ثقة الفلسطينيين في تحقيق سلام قائم على العدل والقانون الدولي مع إسرائيل آخذة في التراجع بسبب الاحتلال متسائلا: فهل تريدون أن يقتل ما تبقى من أمل في نفوس الفلسطينيين.
نريد أن نعيش بسلام مع إسرائيل
فيما طالب الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي بوضع المنظمات الإسرائيلية على قوائم الإرهاب العالمية، قائلا: إسرائيل لم يتبقَ لنا شيئا من الأرض لنقيم دولتنا.. فأين سيعيش شعبنا وأين سنقيم دولتنا لنعيش بسلام معهم.. نريد أن نعيش بسلام مع إسرائيل.. نريد أن نقيم دولتنا المستقلة لنعيش بسلام مع إسرائيل.
مضيفًا أنه بات واضحًا أن إسرائيل قررت ألا تكون شريكا في عملية السلام، كونها من دمرت اتفاق أوسلو وسعت وتسعى إلى تدمير حل الدولتين، مردفًا بأن تل أبيب تؤمن بسياسية فرض الأمر الواقع بالقوة، قائلا: لم يعد هناك شريك إسرائيلي يمكن الحديث معه.. وهي بذلك تنهي العلاقة التعاقدية معنا، وتجعل العلاقة بين إسرائيل وفلسطين علاقة بين احتلال وشعب محتل.. وليس غير ذلك وسوف لن نتعامل مع إسرائيل إلا على هذا الأساس ونطالب المجتمع الدولي التعامل معها على هذا الأساس الذي اختارته”.
واستكمل أبو مازن أن إسرائيل تقوم بحملة وصفها بالمسعورة لمصادرة الأراضي الفلسطينية، وكأن الأرض فارغة وليس لها من يملكها كما حدث عام 1948، مردفًا بأن: إسرائيل تقوم بإجبار الفلسطينيين بهدم منازلهم بأيديهم تحت تهديد السلاح.. تقول للفلسطيني إما أن تهدم بيتك أو أهدمه أنا.. ولكن اهدمه أنت أفضل لأني إذا هدمته أنا ستدفع أجرة الهدم.
أتحدى أمريكا أن تحاسب إسرائيل
في كلمته تناول الرئيس الفلسطيني، مقتل الصحفية الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأمريكية شيرين أبو عاقلة، متحديًا أمريكا بعدم قدرتها على محاسبة قتلة الصحفية الفلسطينية، قائلا: "إسرائيل اعترفت بمقتل شيرين أبو عاقلة من قبل قناص إسرائيلي.. أي كان القناص يقصد من يقتله.. وهي تحمل الجنسية الأمريكية.. وهنا أتحدى أمريكا أن تعاقب أو تحاسب أو تحاكم قتلة شيرين أبو عاقلة.. هي (أي أمريكا) لن تستطيع ذلك لأنهم إسرائيليون".
مشيرًا أيضًا إلى أن المستوطنين الموجودين في الضفة الغربية وصل عددهم إلى نحو 750 ألف شخص، أي ما يعادل 25% من مجمل السكان في الضفة الغربية، وأن دولة الاحتلال الإسرائيلية تقتل الفلسطينيين دون حساب، كما فعلت في مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة.
“إسرائيل تعتدي على الأماكن الدينية المقدسة خاصة في القدس”، هكذا تحدث أبو مازن عن المقدسات الدينية في القدس، مشددًا على تمسك فلسطين بالوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مردفًا أن دولة الاحتلال تقوم بفرض مناهج دراسية مزورة في المدارس الفلسطينية وتفرضه على الطلاب ليتعلموا كما تريد.
كما تعطل (أي إسرائيل) الانتخابات الرئاسية والتشريعية بمنع المقدسيين من المشاركة بها، إذ لا تسمح بإجراء الانتخابات في القدس على الرغم من جاهزية السلطات الفلسطينية لإجرائها، عندما يسمح لهم بذلك قائلا: “جاهزون ولكن إسرائيل منعتنا ولذلك لم نلغي الانتخابات وأجلناها فقط إلى حين تسمح أو يقول لها البعض أو يأمرها البعض أن تسمح بالانتخابات، عندها سنجري الانتخابات بشكل عاجل”.
من الذي يحمي إسرائيل؟
أما في حديثه عن معاقبة إسرائيل عما ترتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني قال الرئيس الفلسطيني إن إسرائيل تكرس نظام تميز عنصري، ومع ذلك تفلت من المسائلة والعقاب متسائلا: “ لماذا لم تعاقب.. من الذي يحميها.. أنا لا أعرف.. هل تعرفون.. الأمم المتحدة وعلى رأسها المتنفذون في الأمم المتحدة.. ولماذا هذه المعايير المزدوجة.. عندما يتعلق الأمر بإسرائيل”.
وأوضح أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تسببت في تهجير 950 ألف فلسطيني لاجئ عام 1948، أي ما يمثل نصف سكان فلسطين في ذلك الوقت، وفقًا لإحصاءات منظمة الأونوروا، مشيرًا إلى أن إسرائيل ارتكبت أكثر من 50 مجزرة منذ عام 1948، بعضها اعترفت بها بأنها ارتكبتها مقصودة، مبينًا أنه في آخر عدوان لإسرائيل على غزة قتل 67 طفلا: “من يتحمل مسؤوليتهم.. ولماذا قتلتهم إسرائيل”.
أبو مازن طالب أيضًا إسرائيل بالاعتذار للشعب الفلسطيني، وتحمل المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية والمادية تجاه الفلسطينيين، وأنه يجب أن يحاسبوا وأن يتم محاسبتهم من قبل المجتمع الدولي على ما ارتكبوا من جرائم، معلنًا أن السلطة الفلسطينية ستتوجه للمحكمة الجنائية الدولي وكل محاكم العالم لمطالبة إسرائيل بتحمل مسؤوليتها القانونية والمادية وغيرها.
هل تنتظرون قرنًا لإنهاء الاحتلال؟
خلال كلمته التي امتدت لما يقارب الأربعين دقيقة وجه أبو مازن حديثه للجمعية العامة للأمم المتحدة قائلا: “أنا أسئلكم هل ننتظر قرن أو قرنيين لإنهاء الاحتلال.. لم يبقى على وجه الأرض دولة محتلة سوى فلسطين فقط.. أيتها الجمعية العامة يا أعضاء مجلس الأمن لماذا نتحمل نحن ونبقى تحت الاحتلال.. ماذا ينقص الإسرائيليين حتى يحتلونا.. المطر الذي ينزل علينا تأخذه إسرائيل وتبيعه لنا للشرب”.
كما شدد أبو مازن على أن فلسطين لن تقبل أن تبقى الطرف الوحيد الذي يلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وأنه أصبح من حق فلسطين البحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقها.
بتنهيدة غضب استكمل أبو مازن كلمته قائلا: “لقد أصدرت الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة مئات القرارات الخاصة بفلسطين ولم ينفذ قرار واحد.. هل هذا معقول.. 754 قرار صدر من الجمعية العامة.. و97 قرار من مجلس الأمن.. و96 قرار من مجلس حقوق الانسان ولم ينفذ واحد منها.. كيف ولماذا لم ينفذ هذا.. نفذوا قرار واحد من قرارتكم في الجمعية.. نحن نريد تنفيذ قرارًا واحد وهو القرار 181 الصادر من الأمم المتحدة.. رغم إنه ظلم وعدوان ولكن نقبله.. ومعه قرار 194.. لأنهم القرارين الاثنين الشرطان لقبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة.. وحتى الآن لم ينفذا، نفذوا قرارا واحدا اكسروا عينا بيه”.
وأردف الرئيس الفلسطيني أنه سوف يشرع في إجراءات انضمام فلسطين إلى منظمات دولية أخرى من بينها منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الملكية الفكرية، والطيران المدني الدولي، منوهًا أن بات هناك ازدواجية واضحة في المعايير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إذ جاءت أممي عام 2016 لصالح فلسطين إلا أنها عقب يومين من إصداره تم إلغائه من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
نأمل عودة إسرائيل للمفاوضات
كما طالب بحصول فلسطيني على الحماية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي قائلا: احمونا من العدوان.. ولا حد داري فينا ولا حد سائل عنا.. نأمل ونتمنى أن نأمل نعيش بالأمل وكلنا ثقة بأن تتحمل الجمعية العامة مسؤوليتها على أكمل وجه تجاه فلسطين.. لم نترك بابًا إلا وطرقناه لإقناع إسرائيل بالعودة إلى طاولة المفاوضات ولكنها رفضت وترفض.. بدنا حماية احمونا".
خليهم يقتلوني الأمريكان
ملوحًا بصورة للأطفال الفلسطينيين المعتقلين من قبل إسرائيل أكد أبو مازن أن فلسطين لن تلجأ للسلاح ولن تلجأ للعنف، وستحارب الإرهاب برفقة المجتمع الدولي ولكنها (أي فلسطين) تريد الحماية في وجه إسرائيل، مستكملا: “تعرفوا ليه إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون محدش يقدر يجاوبني.. ما يثير الدهشة أن دولا مثل أمريكا تدعي أنها الحامي للحقوق الانسان.. خليهم يقتلوني الأمريكان.. تقدم الدعم غير المحدود لإسرائيل وتساعدها على المضي قدمًا في سياستها العدوانية.. وما كان بمقدور إسرائيل أن تفعل ذلك دون غطاء من تلك الدول”.
واستطرد أبو مازن: “لو أنتم مش عارفين تقولوها مجاملة أنا بأقولها.. بعض تلك الدول كانت شريك في الأساس في إصدار القرارات التي تسببت في تقسيم فلسطين.. هل تتذكروا وعد بلفور المشؤوم.. لا تتذكروه نحن نتذكره لأننا نعاني منه.. وتلك الدول تتحمل المسؤولية مع إسرائيل.. نطالب كل من بريطانيا وأمريكا وإسرائيل رسميًا بالاعتراف عن مسؤوليتهم بما قدموه في حق فلسطين.. نريد اعتراف بالظلم”.
بوجه حزين أوضح الرئيس الفلسطيني أن أكثر ما يحزن السلطة الفلسطينية وأبناءها أن أمريكا وعدد من الدول الأوروبية تنادي بالتمسك بحل الدولتين، وتعترف بإسرائيل دون اعترافها بفلسطين، إلى جانب تهديدها باستخدام الفيتو في مجلس الأمن في حال سعت فلسطين للحصول على العضوية الدائمة للأمم المتحدة قائلا: حاكمك ظالمك تشكي أمرك لمين.. نشكي أمرنا لله.
أبو مازن قال أيضًا: “نتمنى ونترجى ونجدد طلبنا للحصول على هذه العضوية.. احنا الحيطة المايلة.. احنا الوحيدين في العالم اللي المعايير المزدوجة تطبق علينا”، مشيرًا إلى فخره بقضاء عقود في خدمة القضية الفلسطينية، مجددًا رفض فلسطين تلقي تعليمات من أي دول أخرى.
مختتمًا كلمته بتوجيه تحية للأسرى والشهداء الفلسطينيين، مشيرًا إلى وجود رفات أسرى لدى السجون الإسرائيلية داخل ما يعرف بالسجن الرقمي، وهم شهداء يتم وضع جثامينهم في ثلاجات السجون الإسرائيلية، قائلا: “انتظرنا طويلا.. فهل لديكم حل..نريد حلا”.