فرقة اغتيالات.. وثائق سرية تكشف لأول مرة كيف أجهضت إسرائيل البرنامج الصاروخي في مصر
كشف قسم الأبحاث التاريخية الداخلي، في جهاز الموساد الإسرائيلي، عن دراسة تتضمن وثائق أجراها أحد باحثي الجهاز عام 1982 تتناول العمليات النوعية التي نفذتها إسرائيل لاغتيال العلماء الألمان الذين ساعدوا مصر على تطوير برنامج الصواريخ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي كان يعول بشكل كبير على هذا البرنامج لمقاربة القدرات العسكرية الإسرائيلية ومحاولة إحداث حالة من الموازنة بين القوى العسكرية للعرب والقوى العسكرية لإسرائيل.
وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تحدثت عن الوثائق الإسرائيلية، قالت إن كشف الموساد عن هذا النوع من الوثائق لا يمكن أن يكون دون غرض واضح وهو توجيه رسائل ضمنية لإيران التي لازالت على عزم لاستكمال مشروع برنامجها النووي الطموح والتي تماطل في الوصول لأي اتفاق قد يقيد تنفيذ هذا المشروع الذي من الممكن أن يشكل خطراًَ على إسرائيل.
وتشير إلى أن الوثائق من الممكن أن يتم الاستعانة بها بشكل كبير في الظروف الحالية التي تمر بها إسرائيل حيث تتشابة الأحداث والظروف الحالية، مع ظروف الصراع والمنافسة في سباق التسلح بين مصر وإسرائيل قبل نحو 60 عامًا من الان وفي ظل حكم الرئيس الكاريزما جمال عبد الناصر.
وأوضحت الوثائق الإسرائيلية، أن ناصر بدأ في تكوين علاقات مع عدد من قادة الجيش الألماني لتدشين البرنامج الصاروخي المصري، واضعًا في الاعتبار إمكانية الوصول إلى صواريخ نووية أو كيميائية لمواجهة التحركات الإسرائيلية لامتلاك سلاح نووي وتدشين مفاعل نووي في صحراء النقب بدعم مالي فرنسي، وكذلك التعويضات التي حصلت عليها من ألمانيا الغربية.
وتتناول الوثائق فترة تدشين مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، حيث تشير إلى حالة الخلاف التي انتابت القيادات في إسرائيل حيث اعترض إيسر هاريل رئيس جهاز الموساد، وشكل تحالفا مع وزيرة الخارجية آنذاك جولدا مئير لرفض المشروع بسبب خلافات سياسية مع شمعون بيريز المسؤول عن المشروع النووي.
البرنامج الصاروخي فى مصر
الوثائق تؤكد أن إعلان مصر في عرض عسكري عن امتلاكها صواريخ بعيدة المدى مثل صدمة كبيرة وقوية للإدارة في إسرائيل، وعلى رأسها جهاز الموساد الذي لم يكن يمتلك أي فكرة عن هذا النوع من الأسلحة رغم أنه امتلك معلومات عن جهود مصرية في هذا الشان.
وتوضح الوثائق، أن إسرائيل امتلكت معلومات بعد ذلك عن استعانة مصر بالعلماء الألمان والخبرات الأجنبية للوصول إلى هذا النوع من الصواريخ لتقرر إطلاق عملية واسعة لاستهداف هولاء العلماء والمهندسين الذين كانوا متواجدين في أوروبا في غالبية الأحيان خصوصًا النمسا وسويسرا وبلجيكا.
العملية التي سميت الحقيبة السوداء استهدفت متاجر ووكالات السفر ومكاتب البريد لاعتراض بريد العلماء والفنيين وقراءته والاطلاع على المباحثات مع المصريين وتم إرسال عبوات ناسفة إلى المهندسين بهدف إيذائهم أو تخويفهم.
واعترف الموساد باستخدم صحفيين إسرائيليين وأوروبيين في الخطة مقابل مبالغ مالية لاستنباط معلومات من الموضوعات أو لنشر مقالات من أجل التأثير على الرأي العام.
وتقول الوثائق الإسرائيلية نصًا: أغرق هاريل أوروبا الغربية بفرق كاملة من القتلة.. وأعطيت تجنيد وإدارة عملاء للتجسس على أهداف مصرية وسورية وأردنية وغيرها أولوية أقل لأن حملة تجنيد أو تخويف أو ضرب هؤلاء الألمان في عمل عبد الناصر كانت تحت إشراف هاريل بنفسه.
وتؤكد الوثائق أن العملية كانت مكلفة للغاية حيث تحولت الأسابيع إلى سنوات، وتم تأجير منازل وسيارات آمنة بغض النظر عن التكلفة وكان رئيس الموساد يطلع الإدارة في إسرائيل أولًا بأول على تفاصيل الخطط التي تتم في اوروبا.
وتفجر الوثائق الإسرائيلية مفأجاة من العيار الثقيل، حيث تؤكد الرواية التي ظلت دائمًا محل شك كبير حول قيام الموساد بتجنيد الناز الألماني الشهير أوتو سكورزيني من أجل إجهاض الجهود المصرية لتنفيذ برنامج الصواريخ إلى جانب ألماني آخر هو هيرمان فالنتين.