ذكرى اندلاع انتفاضة الأقصى.. شارون يشعل الشرارة الأولى واستشهاد الدرة أيقونة شاهدة على جرائم الاحتلال
يوافق اليوم الأربعاء 28 سبتمبر، الذكرى الـ22 لاندلاع الانتفاضة الثانية التي تعرف بـ انتفاضة الأقصى، والتي استشهد خلالها ما يقرب من 4500 شهيد فلسطيني، وأصيب أكثر من 50 ألفا آخرين.
الشرارة الأولى التي أطلقت الانتفاضة، كانت زيارة زعيم المعارضة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، آرائيل شارون، إلى باحات المسجد الأقصى المبارك، مدعوما بحراسة مشددة لم تشهدها القدس من قبل، حيث رافقه نحو ثلاثة آلاف من شرطة الاحتلال والمخابرات والحرس، لتندلع مواجهات عنيفة بين مئات المواطنين الذين هبوا لطرد شارون وقواته، قبل أن تمتد لكامل فلسطين، وتصبح في ساعات قليلة "الانتفاضة الثانية".
اندلعت المواجهات في عصر الخميس 28 سبتمبر 2000 بمواجهات بين مصلين وشبان غاضبين وشرطة الاحتلال الإسرائيلي وقواته الخاصة، التي اقتحمت باحات الأقصى، لتأمين اقتحامه من زعيم حزب الليكود المتطرف أرئيل شارون، وعدد من أعضاء حزبه اليمينيين، فكانت تلك الساعات الشرارة الأولى لانطلاق الانتفاضة الثانية، والتي عُرفت فيما بعد باسم "انتفاضة الأقصى".
في أحداث اليوم الأول الخميس، أصيب 20 شابا بجروح مختلفة، وشهد اليوم الثاني، الجمعة 29 سبتمبر، مواجهات أكثر عنفا، بعد انتهاء صلاة الظهر، أسفرت عن استشهاد 6 شبان و300 جريح، واتسعت رقعة المواجهات في اليوم الثالث لتشمل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية كافة، ما أسفر عن استشهاد 13 مواطنا وإصابة 623، وكان من بين الشهداء الطفل محمد جمال الدرة، بعد أن حاصرته النيران الإسرائيلية بين يدي أبيه، وأمام كاميرات التلفاز، فهزت صورته ضمائر البشر في كل أرجاء المعمورة، وصار بذلك رمزا للانتفاضة الفلسطينية في كل مكان.
ذكرى استشهاد محمد الدرة
وفي اليوم من أكتوبر، امتدت المواجهات إلى داخل أراضي عام 1948، إذ نفذ الفلسطينيون هناك إضرابا شاملا وقاموا بالاحتجاج والاشتباك مع وحدات الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت 18 من المشاركين، وقتلت عمر أحمد جبارين (21 عاما) قرب أم الفحم، ليكون شهيد الانتفاضة الأول من أراضي الـ48، وأصابت 7 متظاهرين بالرصاص الحي، و53 بالطلقات المطاطية.
وبعدها بعدة أيام، أستشهد 13 مواطنا من داخل أراضي عام 48 خلال مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية في عدد من البلدات والمدن الفلسطينية، في أوسع مشاركة للفلسطينيين بالداخل في التصدي للاحتلال.
في 12 أكتوبر، قُتل جنديان إسرائيليان بعد أن دخلا بطريق الخطأ إلى مدينة رام الله، بأيدي الشبان الغاضبين، وردت إسرائيل بشن هجمات صاروخية بالطائرات العمودية على بعض مقار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي 17 أكتوبر، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية، ولكن استشهاد 9 مواطنين وإصابة أكثر من 100 آخرين في مواجهات عنيفة في 12 من أكتوبر جدّد المواجهات، التي ازدادت وتيرتها كما ونوعا.
الاحتلال من ناحيته صعد المواجهة، فقتلت طائراته الناشط البارز في حركة فتح حسين عبيات، بعد قصف سيارته بالصواريخ في مدينة بيت لحم، لتكون البداية في سلسلة اغتيالات الاحتلال للنشطاء الميدانيين وقادة الفصائل والعمل الوطني، حيث كان أمين سر حركة فتح في مدينة طولكرم ثابت ثابت، الهدف الثاني للاغتيال بعد عبيات.
لاحقا ازدادت وتيرة اغتيالات الاحتلال، وشملت معظم الفصائل الفلسطينية وقادتها، وأبرزهم: اغتيال الزعيم الروحي لحركة حماس أحمد ياسين، وخلفه عبد العزيز الرنتيسي، إضافة إلى اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى، ومئات النشطاء البارزين من مختلف التنظيمات.
ومن أبرز أحداث الانتفاضة اجتياح العام 2002، التي أطلق عليه جيش الاحتلال عملية "السور الواقي"، حيث بدأت دبابات الاحتلال بدخول مدينة رام الله في 29-3-2002، ومحاصرة مقر الراحل ياسر عرفات، وكنيسة المهد، وإبعاد المقاتلين الذين تحصنوا داخلها إلى غزة والأردن ودول أوروبية، وأعادت فيها إسرائيل اجتياح جميع مدن الضفة الغربية.
في ساعات فجر يوم الأحد 31/3/2002، جرى اجتياح مدينة قلقيلية، وفي اليوم التالي اجتيحت مدينة طولكرم، وفي الثاني من نيسان من العام ذاته اجتاحت قوات الاحتلال بيت لحم، فيما اجتاحت سلفيت وجنين ونابلس في اليوم الذي يليه، وارتكب الاحتلال خلال الاجتياحات العديد من المجازر بحق المدنيين.
وكان من أبرز نتائج انتفاضة الأقصى، بناء جدار الفصل العنصري، الذي يبلغ طوله 728 كم، ويلتهم 23% من أراضي الضفة الغربية، خاصة في مناطق جنين وقلقيلية وسلفيت والقدس، ويفصل 36 قرية (72000 مواطن) عن أراضيهم الزراعية، ويقسم الضفة الغربية إلى كنتونات منفصلة، وضم 11 قرية فلسطينية (26 ألف نسمة) إلى أراضي الـ48، إضافة إلى حرمان الفلسطينيين من 50 بئر مياه جوفي، توفر 7 ملايين متر مكعب من المياه، تقع ضمن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها.