سهير المصادفة: الجنس في الأدب يحدد هل العمل يستحق الخلود أم من النوع الرخيص
يثير تناول الجنس في الرواية العربية اختلافا بين النقاد والكتاب، فهناك من يرفض تناول الجنس تماما في الرواية، وهناك من ينادي بالتصريح به وتوظيفه بشكل واسع باعتباره أحد مكونات الحياة التي تعكسها الرواية، وهناك فريق ثالث يرى أنه يجوز التعرض للجنس في الرواية ولكن بحساب.
في هذا الصدد قالت الكاتبة سهير المصادفة في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، إن ما يميز الرواية الجيدة عن الرديئة هو توازن ما نطلق عليه التابوهات الثلاثة: الدين والسياسة والجنس.
وتستشهد سهير المصادفة بقول الكاتب الروسي الأشهر تشيخوف ما معناه: إذا رأيت مسمارًا على الحائط في أوّل القصة، فلا بدَّ أن يشنق البطل نفسه عليه في النهاية، أي أنه يحدد ألّا يُكتب شيءٌ دون أن يكون له دور في أحداث السرد، وأن الكلمة الواحدة إذا لم يكن لها ضرورة فنيّة فعلى المؤلف حذفها فورًا.
أدب جاد أم أدب رخيص؟
وتوضح سهير المصادفة رأيها: السياسة إذا كتبت بطريقة فجة تجعل الرواية عملًا دعائيًّا وأيديولوجيًّا وليس فنًّا، والدين إذا كُتب بهذا الشكل يكون العمل مجرد منشور دعوي، أمّا الجنس فهو يحدد نوع الأدب؛ هل هو أدب رخيص "بورنو" للتسلية، أم أدب جاد ورفيع المستوى ويستحق الخلود.
وتتابع سهير المصادفة: شخوص الرواية المتخيلة هم بشر في النهاية، ويدور تكوينهم الاجتماعي في فلك هذه التابوهات الثلاثة، ولكن الروائي الجيد الذي لديه بالفعل تساؤلات وجودية عميقة ورسائل روائية ملحة وخالدة يستطيع بالفعل كتابة كلَّ شيء دون الغرق في منشورات مستهلكة ومكررة ومتاحة لأجناس أخرى من الكتابة، وبالطبع يلزمه التحرر أوّلًا من الرقابة على هذه التابوهات، ويلزمه كذلك التحرر من الأفكار المسبقة القاطعة والحدّية، والانحياز لرأي دون الآخر.
وتختتم المصادفة: الروائي خالق لشخوصه وعليه أن يرى كلّ لحظات ضعفهم وقوتهم؛ أحلامهم وكوابيسهم، محبتهم وكراهيتهم، هزائمهم وانتصاراتهم، شغفهم وجنونهم، وإذا رأى وعاش بالفعل داخل نفوس أبطاله بصدق، سيأتي كل شيء بمقدار وكأن الخيال هو الحقيقة ولا شيء سواها، ولن يجد القارئ أيّ مسمار زائد في الرواية.
يذكر أن الكاتبة سهير المصادفة حاصلة على دكتوراه في الفلسفة، وهي روائية ومترجمة ومن الروايات التي صدرت لها: الحديقة المحرمة، بياض ساخن، رحلة الضباع، يوم الثبات الانفعالي، وغيرها من الروايات.