الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

النساء الملكيات.. من حرب الهكسوس حتى حرب أكتوبر

الخميس 06/أكتوبر/2022 - 12:03 م

بينما تمر الأيام الأولى من شهر أكتوبر حاملة ذكرى النصر المصري العظيم عام 1973، فإن هذا النصر الذي عايشناه، ربما يذكر دارسي تاريخ مصر القديم وعلماء الآثار بنصر آخر في تاريخ مصر العريض.

وأعني هنا النصر العسكري الذي حققه القائد العظيم أحمس على الهكسوس إلى أن طردهم من البلاد، وسط ملحمة شعبية، ألقت بظلالها كثيرا في وجدان المصري القديم، وامتدت آثارها حتى قرون.

حتى إن ظهور التأريخ لفترة وجود الهكسوس في مصر، شهدت تجاهلا طويلا من المصريين، فكأنها اختفت من النقوش المدونة على المعابد والمقابر، من فرط ما كانت التجربة بشعة وثقيلة على نفوس المصريين، ولا يرغب أحد في تذكرها أو إيراد ملامحها.

وقد كان انتصار المصريين على الهكسوس هائلا وعظيما ومفصليا في تاريخ هذه البلاد وفي وعي أبنائها بها، وفي فهمهم لطبيعتها وطبيعة الأعداء الذين يتربصون بها.. وقد حكم هذا الانتصار عقيدة حكام البلاد المتوالين لقرون.

بل وحتى اليوم، يتمركز هذا النصر في وجدان دارسي تاريخ مصر القديمة، كواحد من أسعد وأعظم الأحداث مطلقا في تاريخ هذه البلاد العظيمة.

وفي القلب من هذا الانتصار وفي القلب من دور الملك أحمس، تقف المرأة المصرية عظيمة وشامخة كالمعتاد، وتقف السيدات الملكيات على ناصية هذا النصر بدور لا ينكر.
وأعني بهن: تتي شري جدة أحمس، وأعح حتاب أم أحمس، وإحمس نفرتاري زوجته.

لقد كانت الجدة تتي شري ذات نفوذ بالغ، وقدرة على ضبط مسار الحكم.. ويكفي أنها السيدة التي قدمت ابنها فداء لتحرير البلاد، ومن بعد ابنها قدمت حفيدها كامس، ثم قدمت حفيدها الملك المظفر أحمس.. الذي حقق النصر المؤزر.

لم تضعف هذه السيدة ولم تحجبها أحزانها ولا أوجاع الفقد عن دورها في لعب دور مايسترو خلفي في مركز حكم البلاد ومركز المقاومة ضد المحتل الهكسوسي.

أما إعح حتب، فقد لعبت دورا كبير في تغذية ثورة المصريين ضد المحتل وفي إزكاء روح المقاومة، ولعل نص الثناء الذي كتبه الملك أحمس عن أمه.. يوضح هذا جيدا:
" قدموا المديح لسيدة القطر وأميرة جزر الحاونبوت، ممدوحة الاسم في كل البلاد الأجنبية، التي باشرت قرارات الجماهير، زوجة ملك وأخت عاهل -فليحيا معافا سعيدا- بنت ملك وأم الملك الجليلة القائمة بحل المشكلة التي وحدت مصر وجمعت جنودها وحمتها وأرجعت هاربيها وجمعت ثانية منشقيها وأعادت السلام لمصر العليا وأبعدت عصاتها.. الزوجة الملكية إعح حتب فلتعش".

وهو ما يعكس بشكل جلي كيف وحدت هذه السيدة العظيمة الجبهة الداخلية واحتوت الجميع وأعادت الفارين خارج البلاد.. ووحدت الصف حتى حققنا النصر.

أما الزوجة أحمس نفرتاري فقد شاركت في معركة التحرير ضد الهكسوس بجانب زوجها كامس أو أبيها كما يرى البعض ثم بجانب زوجها أحمس الواحد تلو الآخر حتى عاد أحمس بالنصر.

لقد كانت أجواء القصر، قائمة بصورة أساسية على جهد هؤلاء النسوة الملكيات الثلاث واللوائي تفاوتت مساهماتهن تبعا لكل مرحلة وتبعا لترتيب القوى والمكانات داخل الأسرة الحاكمة.
غير ان القاسم المشترك بينهن جميعا، هو دورهن الهائل في لم شمل المصريين وتحفيزهم على خوض المعركة.. حتى حقق المصريون نصرا عظيما على كابوس جثم على صدر البلاد.
إن سيرة السيدات الملكات المناضلات، تذكرني بزوجات جنود وضباط وقادة أكتوبر وبكل امرأة مصرية وقفت وراء ترابط مجتمعها، وجعلت من أسرتها ركيزة من ركائز نصر بلد بأكمله.

كل سيدة مصرية ساهمت وتساهم في نصر بلادها.. هي ملكة وإن لم تكن معروفة للجميع.
 

*أ.د عصام السعيد أستاذ الآثار بجامعتي الإسكندرية والسلطان قابوس ودبلوماسي سابق

تابع مواقعنا