الأزهر للفتوى: الاحتفال بالمولد النبوي من المندوبات ومظهر من مظاهر تعظيمه
أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، على سؤال وصل إليه من أحد المتابعين نصه: ما حكمُ الاحتفالِ بالمولدِ النبوِي الشرِيف؟.
ما حكمُ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟
وقال الأزهر للفتوى، في فتوى سابقة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: إن بدر التتمة، وسيد الأئمة، نبينا محمدًا هو الذي أتمّ اللهُ تعالىٰ به النعمةَ، وقوم به الملةَ، وهدىٰ به العرب والعجم، وحلت به أكابرُ النعم، واندفعت به عظائمُ النِّقَم، فميلادُه ﷺ كان ميلادًا للحياة.
وأضاف الأزهر للفتوى: وفي يوم الميلاد تتم نعمةُ الإيجاد التي هي سببُ كل نعمةٍ بعدَها، ويومُ ميلاد النبي سبب كل نعمةٍ للخَلْقِ في الدنيا والآخرة، مضيفا: وقد كرَّم اللهُ تعالىٰ أيامَ ميلادِ الأنبياء علىٰ نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وجعلها أيامَ بركةٍ وسلامٍ؛ فقال سبحانه وتعالىٰ عن سيدنا يحيىٰ بن زكريا علىٰ نبينا وعليهما الصلاةُ والسلامُ: وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ...، وقال علىٰ لسان سيدنا عيسىٰ ابنِ مريم علىٰ نبينا وعليهما السلام: وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ.
وتابع الأزهر للفتوى: وكما كانت لبني إسرائيلَ أيام نجاهم اللهُ تعالىٰ فيها من ظلم فرعون وبطشه، وأمر نبيه موسىٰ علىٰ نبينا وعليه الصلاةُ والسلامُ أن يذكِّرهم بها؛ فقال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَىٰ النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ، فكذلك من أيام الله تعالىٰ علىٰ أهل الأرض مولدُ النبي الذي دفع اللهُ به عن أهل الأرض ظلماتِ الغي والبغي والضلالة.
ماذا كان يفعل النبي في يوم مولده؟
وواصل الأزهر للفتوى: وقد سن لنا رسولُ اللهِ بنفسه جنس الشكرِ لله تعالىٰ علىٰ ميلاده الشريف؛ فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه، أخرجه مسلم، متابعا:وإذا ثبت ذلك وعُلم فمن الجائز للمسلم -بل من المندوبات له- ألا يمرَّ يوم مولده من غير البهجة والسرور والفرح به، وإعلانِ ذلك، واتخاذِ ذلك عُنوانًا وشعارًا.
وأكمل: قال الإمام السخاويّ رحمه الله تعالىٰ في الأجوبة المرضية: ثم ما زال أهلُ الإسلام في سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده وشرف وكرم، يعملون الولائمَ البديعةَ المشتملةَ علىٰ الأمورِ البهِجَةِ الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويُظهرون السرور، ويزيدون في المبرات، بل يعتنون بقراءة مولدِه الكريمِ، وتظهر عليهم من بركاته كلُّ فَضْلٍ عميم.
وأشار الأزهر للفتوى إلى أن: ما ذكره الإمامُ السخاويُّ رحمه الله تعالىٰ هو ما نقصده بعمل المولد النبوي الـمُنيف صلىٰ الله وسلم علىٰ صاحبه.
وتساءل: فهل ينكر عاقلٌ ذو لُب سليم جوازَ الفرحِ بمولدِه، والاحتفاء بطلعته المُنيرة علىٰ الأرض بهذه الطريقة الشرعية التي تندرج كل تفصيلةٍ منها تحتَ أصلٍ من أصولِ الشرع الشريف، وقواعده الكلِّيَّة؟.
واختتم: وعليه؛ فالاحتفال بمولده من المندوبات، وهو مظهر من مظاهر تعظيمه وتوقيره الذي هو عنوان محبته التي لا يكتمل إيمانُ العبدِ إلا بتحقيقها.