السياحة في مصر 2-2
السياحة أهم مصدر من مصادر الدخل القومي لما تحققه من عملات أجنبية، وفي المقال السابق سردنا أنواع السياحة في مصر، وما نمتلكه من مقومات تساعد على تقديم خدمات متنوعة لكل الزائرين، والذين جعلوا من مصر مقصدهم، لذا علينا توفير المناخ الملائم لصنع الريادة في مجال السياحة وتقديم جميع الخدمات والتسهيلات للزائرين.
وعلينا قبل كل شيء أن نعرف أن لدينا بعض القصور، وأن تكون لدينا الجرأة لتذليلجميع العقبات التي تواجة القطاع السياحي، وبرغم الجهود التي تبذلها الدولة فإن القطاع ما زال متعثرًا وبشدة.
فتعدد الجهات الإشرافية والرقابية المختلفة من جهات تتبع وزارة المالية ووزارة الصحة ووزارة الداخلية والسياحة؛ كل ذلك يؤدي إلى حالة من التخبط والارتباك داخل المنشآت، ويجب أن تعمل كل الجهات الرقابية تحت مظلة وزارة السياحة. فأحيانا تصدر تلك الجهات قرارات متضاربة، وتتعنت بعض الجهات لتنفيذ قرارها هي دون غيرها، مما يصيب المنشأة والعاملين فيها بالشلل نتيجة تخبط القرارات والتي تصل إلى الغلق وتشريد العاملين بها، وضياع مورد مهم من موارد الدخل القومي.
كما أن شركات السياحة تقوم بسداد مستحقات الفنادق حسب عقود مبرمة واتفاقيات تصل إلى ثلاثة أشهر، ولكن مصلحة الضرائب تطالب بتسديد الضرائب مباشرة والمنشأة تعتمد على أكثر من 90% على تعاقدات شركات السياحة الأجنبية، لذا يجب التريث في تحصيل ضرائب الفواتير المستحقة لحين التحصيل من شركات السياحة.
كما يجب اعادة النظر فى التشريعات الخاصة بالسياحة واعادة تنظيمها مما يسمح بنجاح المنظومة متكاملة متناغمة.
أهم عامل في نجاح المنظومة هو العامل البشري، ولكن للأسف الشديد بعد ثورة يناير وأزمة كورونا؛ هجر القطاع كثير من العاملين الأكفاء، ودخل القطاع عمالة غير مدربة وغير محترفة وغير مؤهلة للعمل بالقطاع، لذلك يجب الاهتمام بالتدريب وصقل المهارات سواء من تدريبات مقدمة من غرفة المنشآت، أو إدارة كل منشأة سياحية وجذب عمالة تخصصية من معاهد وكليات السياحة لأن نجاح المنظومة في المقام الأول متوقف على العامل البشري.
حدود السائح تتخطى حدود الفندق، بل تصل إلى المواطن المصري في البازارات والمقاهي والملاهي والمولات وسائق الأجرة بل والشارع المصري، وعليه يجب توعيتهم ورفع وعيهم السياحي بأهمية السياحة لنا جميعا، وضرورة معاملة الضيوف بكل حب ومودة، والبعد عن التحرش واستغلال الضيوف، ولا يتم التعامل مع السائح على أنه فريسة يجب السطو عليه واستغلاله. لذا من المهم أن تتكاتف كل الوزارات والجهات المعنية بنشر الوعي السياحي للمواطنين، وفي المدارس والجامعات حتى يترك الضيوف انطباعًا إيجابيًا لحسن الضيافة.
كما يجبوضع تعريفة لسيارات الأجرة وتوفير الحماية للضيوف من الاستغلال، وكذلك السائحين العرب الذين يقومون بإيجار شقق أثناء إقامتهم لحمايتهم من ابتزاز المؤجرين والبوابين.
يجب كذلك رفع كفائة الفنادق وإعادة تصنيفها، وذلك لتحسين مستوى الخدمة المقدمة للزائرين. ويجب أن تدعم الدولة خطة التطوير للفنادق ووضع قواعد صارمة لاتباعها ولتحقيق المرجو من التطوير.
يجب أن لا ننسى أن السياحة صناعة مهمة ليست قائمة على الفندق والعاملين فيه، إنما هناك شركاء آخرون يعملون بشكل غير مباشر في تلك الصناعة، وعنصر من عناصر نهضتها واستمرارها، لذا كلما توسعنا في إقامة القرى السياحية والمنتجعات وزاد عدد الوافدين، زادت حركة العمل ورفاهية الشعب.
أمس استقبل مطار الغردقة 15 رحلة متتالية، فيجب التوسع في تطوير المطارات سواء في القاهرة أو شرم الشيخ والأقصر وأسوان، لاستيعاب حركة السياحة والسفر وتسهيل جميع إجراءات الوصول والسفر، فالزائر عندما يصل يكون المطار أول خطواته، وتنتظره إجراءت وفحص وأختام وطوابير مكدسة من الزائرين، تجعل بداية رحلتهم مرهقة، وكذلك الحال في مطار القاهرة، زحام شديد أمام الجوازات والجمارك ونقاط التفتيش، لذا يجب توفير كثير من الممرات لتسهيل عملية الوصول والمغادرة، يجب أن تكون مطاراتنا مطورة ولديها القدرة لاستيعاب الخطط المستهدفة في المستقبل، ونأمل أن يحقق التطوير الحالي في مطار شرم الشيخ المرجو منه، كذلك يجب تسهيل الحصول على تأشيرة الدخول ومنع التعقيدات في إصدارها.
في لقاء مع السيد وزير السياحة السابق د خالد قلت له: شكرا على كل ما قمتم به من تطوير وترميم لكثير من الأماكن الأثرية، شكرا على متحف الحضارة وعلى موكب نقل الموميات، شكرا على ما تم تحقيقه في المتحف الكبير، وكذلك المتاحف التي تم افتتاحها في المحافظات المختلفة، لكن غاب عنا نحن المصريين تلك الثقافة المتحفية والاعتزاز بتاريخنا، يجب أن يتم بنائه من المدرسة في زيارات دورية لكل آثارنا، وربوع مصر مليئة بكل الكنوز التاريخية فرعونية وإسلامية وقبطية ويونانية ورومانية وحديثة، لماذا لا تقوم وزارة التربية والتعليم بعمل رحلات دورية للمدارس والفصول الدراسية على مدار العام لزيارتها ولزيادة وعي أبنائنا بكنوزهم وتنمية وعيهم السياحي.
كما أتمنى أن تكون هناك مادة عن السياحة وما تمتلكه مصر من مقومات سياحية مختلفة للتدريس بكافة مراحل التعليم المختلفة، فالواجب أن نكون الدولة الأولى في العالم سياحيا.
قبل أيام ذهبت إلى متحف أكتوبر بالسويس، وبرغم ما يحتويه من معدات عسكرية وتابلوهات وآليات عسكرية سواء مصرية أو إسرائلية ومكتبة ومقابر شهداء الجيش الثالث، وكانت زيارتي الرابعة لهذا المتحف، فإنني صدمت في يوم 6 أكتوبر يوم النصر والاحتفال، فالمتحف مغلق، ولا زائرين، ولم يسمحوا لي بالزيارة، فما فائدة إقامة متحف عظيم كهذا المتحف ولا يسمح لك بالزيارة. ولماذا يقف كالأموات في يوم عزة الجيش المصري، ولا يقام فيه احتفال يدعو إليه محافظ السويس أبناء السويس، وأعتقد والله أعلم أن السوايسة أنفسهم لا يعلمون أن هناك متحفا يحتوي على كنز ثمين يحكي أنشودة العبور وما قدمته المقاومة الشعبية من بسالة جعلت من الرابع والعشرين من أكتوبر عيد قومي للسويس.
وما أريده هو فكرة تشجيع السياحة الداخلية بجميع أنواعها، فنحن كمصريين من حقنا الاستمتاع بكل ما وهبه الله لنا من إرث حضاري وشواطئ وخلافه، وضبط أسعار الرحلات الداخلية وتخفيضها بما يتناسب مع مواطنينا.
وضع خطة ترويج للسياحة، وتكون خطة دولة بكافة أجهزتها لوضع خطط تسويقية للترويج والدعاية، واستغلال كافة إمكانياتنا لعمل الترويج المطلوب، فنحن مقصد تتوافر به كل أنواع السياحة، لكن يجب طرق كل الأبواب وفتح أسواق جديدة وجذب شخصيات عالمية للترويج، وإقامة معارض ومهرجانات وحفلات مثل الحفل الأخير بالأقصر لاستيفانو ريتشي والمردود الذي يعود به على مصر كبير جدا.
يُرجى التوسع في مكاتب السياحة في دول العالم، وإقامة المعارض للتعريف والترويج بكل مقوماتنا السياحية، والمشاركة في المعارض العالمية كافة لزيادة تدفق أعداد السائحين إلى مصر.
كذلك يجب طمأنة السائح، وأننا بلد الأمن والأمان، والبحث عن طريقة للتأمين بدلا من الطريقة التقليدية، والتي تصيب بالفزع من وجود رجال الشرطة بأسلحتهم حول السائحين.
كذلك توفير أسطول من النقل لنقل الزوار من أتوبيسات، والتوسع في استخدام التاكسي النهري والأتوبيس النهري والبواخر، وتوفير وسائل الأمان بها، فمصر متحف كبير ومفتوح، فتتخيل أنك تركب باخرة من الأقصر إلى أسوان وأنت تستمتع بما تشاهده من مناظر خلابة وآثار.
أيام ويتم استقبال وفود مؤتمر المناخ، وستكون شرم الشيخ عامرة بضيوفها من كل أنحاء العالم، وتلك من أعظم الدعاية لمصر ولمدينة تتمتع بشواطئ رائعة، ومناخ لا مثيل له كما تحولت إلى مدينة خضراء، وأتمنى أن تكون نهاية رحلة كل ضيف من ضيوفنا هي رسالة إيجابية يحملها إلى مواطنيه في وطنه أن مصر رائعة وهي كذلك.