شكل الإنترنت مع القانون الأوروبي الجديد
خلال الأسبوع الجاري سيدخل رسميًا القانون الأوروبي الجديد Digital Markets Act حيز التنفيذ، وسيغير شكل الإنترنت الحالي للأبد، لعمله أقوى قانون شامل ينظم تنافسات السوق في منصات الإنترنت سيتم تطبيقه فقط في أوروبا، إلا أن الرهان أن هذا القانون الأوروبي قد يؤدي إلى قوانين عالمية أكثر شمولية في المستقبل القريب.
من الملاحظ تعيين شخص جديد في مكتب الاتحاد الأوروبي في سان فرانسيسكو بأمريكا، وهو من اللاعبين المؤثرين في تمرير القانون بداية هذا العام. استهل وظيفته بفتح باب النقاش مع الشركات التقنية الكبرى، وببيان تبعاته عليها.
العديد من التغييرات المرتقبه أهمها متاجر التطبيقات. سيطالب القانون شركات أنظمة التشغيل المسيطرة بالسماح للمستخدمين في تنزيل التطبيقات من متاجر أخرى غير الرسمية المعتمدة. كانت جوجل تسمح بذلك، لكن أبل تحكم السيطرة على هواتفها. وكذلك متاجر أنظمة التشغيل أندرويد أو IOS عليها أن تتيح للتطبيقات الأخرى إمكانية الدفع خارج الأنظمة المعتمدة.
وكذا الخدمات التلقائية Default Services:
سيطالب القانون الشركات التي توفر أنظمة تشغيل للهواتف الذكية بأن تتيح للمستخدم إمكانية استخدام متصفح من غير منتجاتها. مثلا، مستخدم هاتف أندرويد يستطيع استخدام متصفح آخر غير Chrome.
ومن الملاحظ أن شركة جوجل تدفع لشركة أبل سنويا مليارات الدولارات ليكون متصفح جوجل هو المتصفح التلقائي على هواتف الآيفون. بعد عقوبات، شركة جوجل في عام 2019 بدأت تخير المستخدمين في نوع المتصفح ومحرك البحث. القانون الجديد بنى على قضية جوجل، وجعله شاملا أكثر لكل المنصات والمنتجات.
هذا وبالإضافة إلى محركات البحث: حسب القانون الجديد، الشركات الكبرى لا تستطيع إظهار منتجاتها على أعلى سلم نتائج البحث مقابل إخفاء منتجات الشركات الأخرى في أسفل السلم. أي عند البحث مثلا على جوجل، شركة جوجل لا تستطيع إظهار منتجاتها أولا كون أنها من صنعها. هذا يعني أن الشركات الصغرى ستكون فرصتها أعلى في الظهور في نتائج محركات البحث. وبالضرورة هذا سيغير الخيارات التي ستظهر للمستخدم، وربما سينعكس لاحقا على مشترياته وطريقة حياته ونمطه الاستهلاكي.
تغيير شامل لتطبيقات المراسلة: سيركز القانون كثيرًا على التكامل بين التطبيقات، مما يعني أن المنصات من الشركات المختلفة عليها أن تتيح للمستخدم التواصل فيما بينها، وهذا سيؤثر بدرجة أعلى على تطبيقات بعينها مثل تطبيق iMessage من أبل وتطبيق واتساب من ميتا. بكلمات أخرى، المستخدم على تطبيق iMessage سيكون قادرا على إرسال النصوص والصور والفيديوهات لمستخدم آخر على تطبيق الواتساب. مستخدمو الواتساب سيكونون قادرين على التراسل مع مستخدمي التيليجرام أو السغنال، وهكذا.
ومما لاشك فيه في الوضع الحالي الشركات الكبرى عليها التكامل مع غيرها من التطبيقات، مما يعني ضرورة إيجاد معايير موحدة فيما بينها. هناك صعوبات تقنية ليست هينة، ومخاطر خصوصية وأمنية ما زالت قيد البحث. فربما تختار الشركات مستقبلا إزالة التشفير ليكون التكامل ميسرا دون عوائق تقنية.
بات من المتوقع أن يكون تأثير هذا القانون مماثلا لتأثير قانون الخصوصية الأوروبي GDPR، وسيكون له ما بعده، ولعل دولا أخرى ستلحق الركب الأوروبي وتصدر قوانين مشابهة. قبل أيام، خاطب مدير مكتب الاتحاد الأوروبي في أمريكا الشركات الكبرى قائلا: "الرسالة الأهم أن المفاوضات انتهت، وحاليا نحن في مرحلة الالتزام مع القانون. من الوارد أنكم لن تحبوه، إلا أن هذا هو الموجود".