«وأخيرًا قالها»
• في التسعينيات الدكتور الأمريكي الشاب "بوبي ليبمان" كان بيتدرب في دار لـ رعاية المسنين في شيكاغو.. كتب في قسم القصص الإنسانية في جريدة نيويورك تايمز عن قصة ست عجوزة اسمها "كوني" كان عندها وقتها تقريبًا 80 سنة كانت نزيلة في الدار.. "كوني" كانت في المرحلة الأخير من مقاومة السرطان ورغم كده كانت مرحة وبتهزر مع الكل وبتعشق الفُرجة على المسلسلات الإجتماعية والأفلام الرومانسية.. يعني اللي يبص على تحاليل وفحوصات "كوني" يقول إنها بتودع، واللي يشوفها هي نفسها قدامه وبتتعامل إزاي وبتضحك إزاي يقول إنها لسة في العشرينات!.. دكتور "بوبي" بيقول إنه لاحظ إن جوزها اللي اسمه "بيل" كان بيزورها كل يوم ويقعد معاها في الدار من العصر لـ المغرب.. كان بيساعدها وهي بتاكل وبيسندها وهي بتتمشى في الجنينة وبيغطيها قبل ما تنام!.. بيعمل كده كل يوم ويمشي قبل ميعاد النوم لإن قوانين الدار بتمنع إن المرافق يبات مع الحالة.. بس الدكتور كان بيلاحظ إن الزوج بيعمل كل ده وملامح وشه جامدة وبدون ما يبان عليه أي مظاهر رومانسية كإنها من ورا قلبه أو بيعملها بالغصب.. دكتور "بوبي" شوية بـ شوية علاقته وصداقته مع "كوني" اتطورت وبقت بتدردش معاه والكلام جاب بعضه.. سألها عن جوزها وعرف منها إنه بيشتغل نجار وقال بينه وبين نفسه إن يمكن جمودية المشاعر اللي عنده دي سببها قسوة مهنته فـ راح سأل "كوني" سؤال مباشر وصريح: (هل تعتقدين أن "بيل" حقًا؟).. "كوني" ردت: (أعرف أن "بيل" يحبني ولكنه لم يقلها لي ولو مرة واحدة).. قالت الرد وبعدها اتنهدت وبصت للأشجار من الشباك وكملت جملتها: (لو قال لي أحبك لربما شُفيت لكنها ليست طبيعته)..
الشيء الغريب في الموضوع واللي كان مجنن دكتور "بوبي" إن إزاي اتنين وصلوا للسن والعُمر ده وهما متجوزين وطرف منهم يقول إنه ماسمعش كلمة "بحبك" من التاني!.. أومال هيقولها إمتى!.. بعد الحوار ده "بوبي" أخد قرار وقرر تاني يوم على طول يقابل "بيل" في كافتيريا الدار ويعزمه على قهوة.. بمجرد ما شافه سأله: (هل أخبرت "كوني" أنك تحبها من قبل؟).. "بيل" بص له بتعجب وقال له: (ليس هناك من داع لذلك فهي تعرف!).. "بوبي" مسك إيد "بيل" الخشنة وبص في عينه وقال له: (ولكنها تحتاج إلى سماعها منك إن كانت تمثل لك شيئًا حقًا).. دكتور "بوبي" بعد ما قال الكلمتين لـ "بيل" سابه وراح يشوف باقي المرضى في الدار، وفي آخر اليوم وهو بيمر على الغرف عدى على أوضة "كوني" وبص من شباك الأوضة لقاها نايمة على سريرها و"بيل" قاعد نايم على الكرسي اللي جنب السرير ساند راسه على الحيطة لـ ورا ومادد كف إيده على المخدة وهي منيمة راسها على كفه.. رغم إن وجود "بيل" ممنوع لحد الوقت ده لكن "بوبي" طنش واكتفى بابتسامة محدش شافها غيره ومشي.. تاني يوم وأثناء دخول "بوبي" لـ الدار شاف "بيل" واقف في الطُرقة وبيبكي بصوت عالى ففهم إن مراته ماتت!.. بمجرد ما "بيل" شاف "بوبي" جرى عليه واترمى في حضنه وبكى زي العيال الصغيرة وبعدها سند بـ إيده على الحيطة وشهق شهقة عميقة ومسح بإيده الدموع اللي نازلة منه وقال: (لقد فكرت كثيرًا فيما قلته لي بالأمس ولذا أخبرتها بمدى حبي الكبير لها وأنني كنت سعيدًا جدًا في حياتى الزوجية معها، ليتك رأيت ابتسامتها حينئذ).. "بوبي" اللي كان شايف إن الهدف الأهم حصل وهو إن "كوني" سمعت الكلمة اللي كان نفسها فيها قبل ما تموت؛ حاول يحتوي "بيل" ويطبطب عليه ويهون قسوة الموقف اللي حصل.. القصة انتشرت في المجتمع الأمريكي بمجرد نشرها وكانت سبب في توعية ناس كتير إن كلمة واحدة بس فيها تعبير عن مشاعر ممكن تكون سبب في تغيير حياة إنسان 180 درجة، وإن مش لازم يكون فيه انتظار إنها تتطلب منك لإن فيه ناس ممكن تكون حياتها متوقفة على الكلمة دي.
• ممكن تكون أفعالك ملموسة ومبينة محبتك وموضحاها زي عين الشمس بس مع كده مفيش إنسان مش بيحتاج من وقت للتاني إنه يسمع بصوت عالي إنه مقبول ومحبوب ووجوده فارق.. اللي يقدر يعمل الفعل مستحيل الكلمة هتبقى صعبة عليه.. محدش ضامن عمره ولا عمره غيره عشان كده عرفّوهم وعرّفوا نفسكم بصوت عالي إنكم بتحبوهم، واشبعوا منهم قبل ما تكتشفوا إنكم عطشانينهم أو هما عطشانينكم.. الشاعر "مصطفى إبراهيم" قال: (لو بس كنت ساعتها عارف إن دي المرة الأخيرة مية مية كات هتفرق في الوداع).