48 ساعة بين البدلة والكفن.. القاتل الخفي الذي أنهى أحلام عروسي السلام
48 ساعة فقط عاشها مينا وماريا إلى جوار بعضهما البعض، لم تختلف وجوه المعازيم في حفل الزفاف، عن تلك في مراسم تشييع الجثمان، ولم تتبدل الأعناق التي حملت العروسين، وسط وصلات من الرقص والغناء، عن مثيلتها التي حملت النعشين، في جو من الدموع والصرخات، فالأشخاص أنفسهم والمناسبة مختلفة، والقاتل الخفي تسرب من ماسورة الغاز، وربض برئتيهما، فما أنفك عنهما حتى قضى على أحلامهما وآمال أسرتيهما، لتوئد القصة قبل أن تولد.
وفاة عروسي السلام
مينا وماريا هما عروسان جمعتهما قصة حب، انتهت بالزواج، فأقيم عرسهما بناحية داخل كنيسة عين شمس، وسط بهجة لم تخلو من آلام الفراق للعريس، الذي فقد شقيقه ملاك منذ شهرين في جريمة قتل ارتكبها صاحب العقار في حق الأخير، لكنه حاول تناسي الماضي، وفتح صفحة جديدة في مستقبل ظن أن يبتسم له، لكن خاب أمله وأمل رفيقته، وانتقلا سويًا إلى الرفيق الأعلى، وكأنهما تعاهدا على العيش معًا والموت سويًا.
مينا وماريا عروسا السلام
لم يمض على زيجتهما سوى 48 ساعة فقط، حتى غطا في ثباتهما العميق في الليلة الثانية، ولم يفيقا منه تارة أخرى، فلربما نست العروس محبس الغاز دون إحكام إغلاقه، أو أن المعني بالتوصيل لم يتقن عمله على ما يرام، وهو ما ستكشف عنه التحقيقات، فتسرب الغاز بينما العروسان نيام، وتسلل إلى رئتيهما حتى امتلئتا منه، فاختنقا ولم يقو منهم على إنقاذ الآخر، فالمصاب واحد والألم لم يختلف والنهاية أصبحت محتومة، وسط تواجدهما بمفردهما داخل مسكنهما بمدينة السلام بالقاهرة.
استشعرت الأسرتان تغيب العروسين، لكنهما رجحا حاجتهما إلى الاختلاء ببعضهما البعض في أولى أيام الزواج، فلم يثقلا عليهما بالاتصالات، لكن غيابهما المستمر زاد عن حده، فدب القلق في قلوب الأسرتين، وتهاتفا سويًا ليتكاتفا ويتوصلان إليهما، وبالفعل توجها إلى مسكنهما واقتحما الباب، فلاحظا رائحة الغاز تسري بين أروقة الشقة، فهرولوا إليهما فوجداهما ملقيان على سرير الزوجية، جثتين هامدتين بلا حراك، وجوههما داكنة، وجسديهما باردين، فنقلوهما إلى المستشفى، أملا في إنقاذهما، ولكن دون جدوى، وانتقل العروسان من زفاف الأرض ليكملانه في السماء، وتركا خلفهما الحزن والألم لأسرتيهما.
ورصدت عدسة القاهرة 24 من أمام كنيسة مار جرجس مراسم تشييع الجنازة، التي حضرها الآلاف، وسط حالات من الانهيار والاغماءات، وسيل من الدموع العبرات، حتى دفنا بمقابر العائلة بمنطقة الخصوص بالقليوبية.
