صفر من خمسة
طالب عربي من دولة خليجية كتب من فترة إنه لما قرر يكمل تعليمه في روسيا بعد الثانوية العامة ماكانتش معلوماته في التعليم الأوروبي فيها الحد الأدنى من الخبرة.. أصل أنا لسه مسافر حالًا من بلدي وخارج من أيام من نمط التعليم العربي بتاعنا فهعرف منين بره بيتعلموا إزاى!.. حتى بعض القراءات على الإنترنت قبل السفر ماكانتش كافية عشان ياخد صورة عن الأمر بس قال خلاص مش مهم ما أنا كده كده مسافر وهشوف بنفسي.. لما وصل وفي أول يوم له في جامعة موسكو في الكلية بتاعته كان فيه اختبار قدرات لتقييم المستوى.. لما اتكلم مع الناس اللي هناك عرف منهم إن كل الاختبارات في كل المواد اللي في الجامعة بتكون من 5 درجات.. يعني دي الدرجة العليا.. طب ولو طالب أخد ورقة الإجابة وسلمها زى ما هي بيضاء بدون ما يجاوب؟.. بيدوله 2 من 5!.. ياخد 2 عشان إيه ولا عمل إيه بيهم!.. ماتعرفش!.. الطالب بيقول إنه سأل أستاذ دكتور اسمه "ثيودور ميدراييف" عن القصة دي وقال له: (أمن المعقول أن من يجب على أى سؤال يحصل على درجتين!، لماذا لا يأخذ صفر أليس هذا هو المنطق؟).. رد الدكتور "ثيودور" عليه: (كيف نعطي لمخلوق بشري 0!.. كيف نعطيه 0 وهو كان ينهض فى الساعة 7 صباحًا في هذا الطقس البارد وركب المواصلات ليحضر كل المحاضرات، وسهر الليالي ليدرس وأنفق نقوده على الأقلام والكراريس واشترى حاسوب ليدرس عليه، نحن هنا لا نعطي صفرًا لمجرد أنه لم يعرف الإجابة فنحن نحترم أنه إنسان وله عقل وبذل مجهود والدرجتين احترامًا لآدميته ولمحاولاته).
صديقي العزيز "أحمد مجدي" بيحكي إنه لما كان بيدرس في المرحلة الابتدائية كانت والدته ألف رحمة ونور عليها هي اللي بتتابع معاه مذاكرته وكانت حاطة هدف قدامه إنه لازم يجيب مجموع معين من الدرجات ومش مقبول أى درجة أقل من اللي اتفقنا عليه.. والدة "أحمد" زيها زى أي أم مصرية أصيلة كانت مسؤولية مذاكرة الأولاد على عاتقها هي، والحقيقة إنها كانت بتقوم بالدور ده على أكمل وجه وبمنتهى الجدية.. الهدف ده حط ضغط معين على "أحمد" كان واضح إنه زيادة على عمره وقتها بس رغم كده هو ذاكر واجتهد على قد ما يقدر.. الفكرة إن المجموع النهائي له كان أقل من اللي اتفق مع والدته عليه.. ليكن مثلًا هما اتفقوا على 95 درجة هو جاب 92!.. الولد ناجح بتفوق وده مش الفرق الكبير خالص لكن ورغم كده والدته كانت متضايقة منه وزعلانة لإن معنى الدرجة الأقل إن فيه تقصير ما حصل بسبب "أحمد" وإحنا كان فيه اتفاق بيننا!.. والد "أحمد" الدكتور "مجدي" ربنا يبارك في عمره كان متابع الموقف من بعيد.. لما النتيجة ظهرت وحصلوا شوية الزعل دول أخد "أحمد" على جنب وقال له تعالا أنا هشتريلك هدية!.. "أحمد" اللي كان حاسس بالذنب مافهش قصد والده وسأله هدية ليه وأنا جايب مجموع قليل؟.. الوالد رد إن الهدية دي مش عشان النتيجة اللي فاتت لكن نتيجة الترم التاني الكبيرة اللي أنت هتجيبها إن شاء الله واللي أنا وماما واثقين إنها هتجيبها!.. التصرف السلس ده من الوالد خلّى فيه تصميم كبير من "أحمد" إني لازم أجيب مجموع كبير في الترم التاني أكبر حتى من اللي والدته قالت له عليه عشان يكون يستحق الهدية اللي هو أخدها بالفعل مقدم أهو!.. حصل فعلًا وكانت الطريقة دي هي السبب!.. الثقة فيه وفي اللي يقدر يعمله.
في كل أنواع العلاقات الإنسانية أو العملية الدعم المستمر المتغلف بالتقدير في كل الأوقات شيء عظيم وبيخلق ثقة في النفس مالهاش حدود بتخلّيك عايز تجيب حتة من السما للي فخور بيك ده عشان تقول له ثقتك في محلها.. كل واحد محتاج حد يحسسه إنه فخور بيه لمجرد حتى إنه بيحاول مش بس عشان حقق حاجة أو نجح في حاجة.