الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شيخ الأزهر: الإسلام حض على إعمال الفِكر.. والقول بوجود الكون صدفة لا يمت للعقل بشيء

الدكتور أحمد الطيب
دين وفتوى
الدكتور أحمد الطيب
الخميس 08/ديسمبر/2022 - 12:51 ص

نشرت جريدة صوت الأزهر، الناطقة باسم الأزهر الشريف، في عددها الجديد، مقتطفات من أحاديث سابقة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

العقل عصب العقيدة والشريعة والأخلاق

وسلطت الجريدة الضوء على تصريحات شيخ الأزهر بشأن أن العقل عصب العقيدة والشريعة والأخلاق، إذ قال: حض الإسلام على استخدام العقل، بل إنى أذهب إلى ما هو أبعد من ذلك وهو أن العقل عصب الشريعة، وعصب الأخلاق، وعصب كل شيء، والأدلة النقلية تأتي إما مفضلة أو مؤكدة للأدلة العقلية فالإنسان مثلًا إذا عرف الله بدليل نقلى فقد يظل يدور في حلقة مشرفة؛ لأن الإنسان يحتاج إلى العقل ليستدل على الإيمان بالله وحتى في دائرة السمعيات التي تقوم على الدليل النقلي فإن العقل لا يعرفها ولكن لا يستبعدها بناء على أحكامه العقلية وإنما يقبلها ويصدق بها ويستكين إليها، فيقول الله في كتابه العزيز: أمن الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ والمؤمِنُونَ كل آمن بالله وملائكته، وهنا يستدل العقل بالدليل النقلى ويُصدق به؛ لأن هناك غيبيات لا يستطيع العقل إثباتها فهي محجوبة من عند الله لأن طاقة الإنسان لا تتحملها.

الذات الإلهية

وأضاف شيخ الأزهر، أن الذات الإلهية ليست موضوعًا للإدراك العقلي عند الإنسان فمن الممكن أن يصل الإنسان بنظره العقلى إلى إثبات وجود الله، وإثبات ما يليق به من التوحيد ومن صفات الكمال والتنزيه، ولكن لا يمكن لهذا العقل -كائنًا ما كان ذكاؤه وإدراكه وقدرته وطاقته- أن يصل إلى إدراك الذات الإلهية ومعرفة حقيقتها وكنهها.

وتابع: إن تقرير القرآن الكريم لحقيقة عجز العقل عن إدراك الذات الإلهية تشكل قطب الرحى في قضية الإيمان بالله تعالى ولا يعنى ذلك ازدراء لقيمة العقل أو حطًا من مكانته، وإنما هو واقع الأمر وحقيقته فيما يتعلق بطبيعة العقل وقدرته وحدود ما يستطيعه وما لا يستطيعه، فمن طبيعة العقل البشرى العجز عن إدراك كثير من الحقائق والظواهر التي يتعامل معها ليل نهار، وأول ذلك حقيقة النفس الإنسانية التي هي أقرب الحقائق إليه وكذلك حقيقة العادة، وحقيقة الضوء، وحقيقة الجاذبية، وحقيقة الذرة التي هي عماد التفسير العلم المعاصر لأية ظاهرة حسية.

الفطرة السليمة

وقال إن: فطرة الإنسان هي طريقه الأول نحو الإيمان بالله تعالى ومعرفته والمقصود بالفطرة ما يشعر به كل إنسان من ميل إلى اعتقاد الحق وإرادة الخير والإقرار بوجود إلى خالق للكون مدبر له، هذا الشعور أو الوعى القوى بوجود الإله هو قدر مشترك بين الناس جميعًا لا يخلو منه أحد من البشر منذ بدء الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مضيفا: إن تاريخ الأمم والشعوب في القديم والحديث يشهد بشيوع فطرة الاعتقاد في الله والإيمان به بين الأمم الهمجية والبائدة مثلما يشهد بنفس القدر بشيوعها في الأمم المتحضرة والحديثة سواء بسواء، حيث كان الإيمان بالله -وسيظل- شعورًا مشتركًا بين بني البشر جميعًا، يشعر به الصغير والكبير، والعالم والجاهل، بل إن الله قطر الجمادات والحيوانات على تسبيحه وتحميده وتنزيهها فهي مقطورة على معرفة خالقها، مصداقا لقوله تعالى: تسبح له السماوات السبع والأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ يحمده وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كان حليمًا غفورًا.

وواصل: إن القرآن الكريم يشير في وضوح لا لبس فيه إلى هذه الفطرية ويقرر حقيقتها، ويعتبرها حجر الزاوية، في بناء العقيدة الإلهية وذلك في قوله تعالى: فأقم وجهك الذين حنيفًا فطرت الله التي قطر الناس عليها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيم ولكن أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.

الانحراف عن الفطرة السليمة

ونشرت صوت الأزهر تصريحات الإمام الأكبر عن الانحراف عن الفطرة السليمة، قائلا: إن الفطرة كثيرًا ما تتعرض لعلل وعوارض وصوارف تنحرف بها نحو الفساد والصلال، وتأتي وسوسة الشياطين وغوايتهم في مقدمة هذه الصوارف، ثم تتلوها عوامل أخرى سيئة تعمل عملها في الخروج بالفطرة عن طبيعتها الخيرة، والانحراف بها نحو العمى والضلال والجحود.

وأشار إلى أن النبي نبهنا إلى أمر انحراف القطرة وفسادها بسبب الشيطان أو ضلال الأبوين أو اضطراب البيئة ديني الفكرية والعقلية؛ فقال فيما يرويه عن ربه: وإني خلقت عبادى حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحزمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا، إن الذين يولدون في بلاد ليس فيها احترام للدين، أو بها محاربة صريحة للدين، أو يعمى على تبليغ الدعوة الإسلامية من منابعها الصافية ويكتفى فيها بالصورة النمطية التي تشوه الإسلام والمسلمين الذين يعيشون في ظل هذه المجتمعات يعاملون معاملة أهل الفترة، لقوله تعالى: وما كنا معذبين على تبعَثَ رَسُولا.

فلسفة الصدفة 

كما سلطت الضوء على تصريحات شيخ الأزهر فيما يخص فسلفة الصدفة، إذ قال إن: فلسفة الصدفة التي لجأ إليها الملحدون لضرب فكرة الألوهية واجتزازها من الجذور، هي نظرية خيالية وتصور شاذ بل مستحيل، حيث فندها الفلاسفة بناء على أن الصدفة تنتهي إلى استحالات عقلية بأن تكون الملة معلولًا والمعلول علة في نفس الشيء وهنا استحالة اجتماع النقيضين، كما خلصوا إلى استحالة عقلية أخرى هي أن الشيء وجد من غير الموجد، وهو ما يعرف بمبدأ السببية، وكل قول يصادم هذا المبدأ الفطري المركوز في نفوس الناس جميعًا فإن العقل هو أول من يحكم عليه بالريف والتدليس.

وأردف: وهناك دليل على أن الكون لم يخلق بالصدفة وإنما له صانع حكيم ومثال ذلك هو العين الباصرة في الإنسان؛ فإننا لو أخذنا طبقة واحدة من طبقات العين، وهى الطبقة الأخيرة؛ لوجدناها تتألف من ثلاثين مليونًا من الخيوط الرقيقة، إضافة إلى ثلاثة ملايين من أجسام صغيرة دقيقة مخروطية الشكل، هذه الخيوط مرتبة بصورة بالغة الدقة لكي تتم عملية الإبصار في العين.

تابع مواقعنا