الإفتاء: صلة أصدقاء الوالدين بعد موتهما من صور البر بهما
ردت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين نصه: قرأت أن الشرع الشريف جعل صلة أصدقاء الوالدين بعد موتهما من صور البر بهما، فنرجو منكم توضيح ذلك الأمر؟
الإفتاء: من صور بر الوالدين بعد وفاتهما إكرام صديقهما ومواساته إذا كان فقيرًا
وقالت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني في فتوى سابقة: جاء الإسلام لإرساءِ كل فضيلة، ودحض كل رذيلة، ومن الفضائل التي أرساها الإسلام بر الوالدين، فالوالدانِ سبب في وجود ولدهما، وهما أصل أصيل في إكسابه كل مكرمة من دين وخلق جميل، وقَرَن بر الوالدين بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وقَرَن الشكرَ لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك، وأكد ذلك كلَّه حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، ولَما امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا.
وتابعت الإفتاء: والأمر ببر الوالدين لا يحصر برهما في حال دون حال، ولا في زمان دون آخر، فيجب على الولد أن يبر والديه حال حياتهما، وإن فاته ذلك في حياتهما فلا أقل من أن يبرهما بعد وفاتهما.
وواصلت الإفتاء: ومن صور بر الوالدين بعد وفاتهما: إكرام صديقهما، ومواساته إذا كان فقيرًا، وتعهده بالسؤال وإن لم يكن فقيرًا؛ ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا خرج إلى مكة، كان له حمار يتروح عليه إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينما هو يومًا على ذلك الحمار، إذ مَر به أعرابي، فقال: ألست ابنَ فلان؟، قال: بلى، فأعطاه الحمار، فقال: اركب هذا، والعمامةَ، وقال: اشدُد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك، أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنت تَرَوَّحُ عليه، وعمامةً كنت تَشُدُّ بها رأسك؟! فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن من أبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرجل أهلَ وُدِّ أبيه بعد أن يُوَلِّي»، وإن أباه كان وُدًّا لعمر.