شبح كورونا يعود إلى الصين.. ترقب عالمي من صدمة اقتصادية جديدة إلى جانب الحرب الأوكرانية |تحليل
عاد شبح فيروس كورونا مجددًا بعدما شهدت المقاطعات الصينية (مهد الفيروس) ارتفاعات متسارعة خلال الأسابيع الماضية وصلت إلى أكثر من مليون إصابة يومية في أحد او أقل بقليل في العديد من مقاطعات التنين الصيني، الأمر الذي دفع عدد من الدول إلى إعادة فرض القيود على الرحلات الجوية القادمة من بكين، ما يعيد إلى الأذهان الإغلاقات التي شهدها العالم عام 2020 جراء تداعيات الفيروس، وتأثيراته على خطوط الإمداد العالمية، إلا أن أكثر ما يقلق العالم في الوقت الراهن هو تزامن عودة كورونا مجددًا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية.
ذعر فيروس كورونا يعود مجددًا
فعقب الإعلان عن ارتفاعات الإصابات بفيروس كورونا فرضت عدة أماكن في جميع أنحاء العالم قيودًا على المسافرين من الصين وسط تصاعد فيروس كورونا بعد أن خففت بكين إجراءات عدم انتشار الفيروس، مستشهدين بنقص المعلومات من قبل الحكومة الصينية حول المتغيرات، في حين أعلنت بكين عن رفضها الانتقادات الدولية لإحصائياتها وقالت إنها تتوقع أن تكون الطفرات المستقبلية أكثر ضراوة ولكنها أقل حدة.
أمريكا من جانبها صرحت في بيان لوزير الصحة حسب وكالة رويترز، أن واشنطن ستفرض اختبارات كورونا الإلزامية على المسافرين القادمين من الصين اعتبارًا من 5 يناير المقبل، مبينًا أنه سيطلب من الركاب بداية من عامين فما أكثر نتيجة سلبية من الاختبار قبل يومين على الأقل من مغادرة الصين أو هونج كونج أو ماكاو، وهو القرار ذاته الذي فرضته كل من اليابان التي أضافت أنها ستطلب حجرًا صحيًا لمدة سبعة أيام لم يثبت إصابتهم، كما ستحد الحكومة من الطلبات المقدمة من شركات الطيران لزيادة الرحلات إلى الصين.
إيطاليا أيضًا فرضت القيود ذاتها، إضافة إلى تايوان، وماليزيا، والهند، فيما ذكرت صحيفة Telegraph البريطانية أن المملكة المتحدة ستدرس فرض قيود كورونا على الوافدين من الصين، إلى جانب كل من استراليا، والفلبين.
مخاوف دولية من عودة فيروس كورونا
المخاوف الدولية بشأن عودة انتشار فيروس كورونا مجددًا تزامنًا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية تزايدت حدتها نتيجة ما أسفر عنه الفيروس من صدمات للاقتصاد العالمي خلال عام 2020، فبحسب تقرير للبنك الدولي أحدثت كورونا موجات من الصدمات التي اجتاحت الاقتصاد العالمي، وتسببت في أكبر أزمة اقتصادية عالمية فيما يزيد على قرن من الزمان، فكانت الآثار الاقتصادية للجائحة بالغة الحدة في الاقتصادات الصاعدة حيث كشفت حالات فقدان الدخل الناجمة عنها عن أوجه الهشاشة الاقتصادية التي كانت قائمة من قبل، بل زادت من تفاقمها.
فمع انتشار الجائحة في عام 2020، أصبح من الواضح أن جانبًا كبيرًا من القطاع العائلي وقطاع الشركات لم يكن مؤهلًا لتحمل صدمة تصيب الدخل من حيث طول أمدها واتساع نطاقها، إذ يضيف البنك الدولي أن أكثر من 50% من الأسر في الاقتصادات الصاعدة والمتقدمة لم تتمكن من الحفاظ على مستوى الاستهلاك الأساسي نفسه لأكثر من ثلاثة أشهر في حالة فقدان الدخل، كما لم تغط الاحتياطيات النقدية لدى الشركات متوسطة الحجم سوى أقل من 55 يومًا من النفقات.
وبالعودة إلى تلك التداعيات مجددًا في الوقت الراهن يمكن وصفه بالصدمة المرعبة للاقتصادات العالمية خاصة في ظل استرار الحرب الروسية الأوكرانية، وما تسببت به من تضخم وركود اقتصادي عالمي، بات يهدد العديد من اقتصادات العالم على جميع المستويات التي من بينها الدول المتقدمة صناعيًا، حيث قالت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الدولية التي تضم 38 دولة اقتصادية كبرى، أن تكلفة تأثير الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي تقدر بحوالي 2.8 تريليون دولار، وذلك قبل تقنين أسعار النفط الروسي من قبل أوروبا.
كما أنه في أوروبا تسببت الحرب كشف هشاشة الاقتصادات الأوروبية واعتمادها على الطاقة الروسية بشكل شبه كلي، الأمر الذي تكثف أوروبا كل جهودها في الوقت الراهن للخروج منه، ما يجعلها عرضة للسقوط حال تعرضها لازمة أخرى بعودة فرض القيود العالمية القاسية بعودة الفيروس القاتل صحيًا واقتصاديًا للعالم.