من الزواية الحمراء إلي جمعة قندهار الإسلاميون.. المصلحة تحكم
أتفهم جيدا موقف الحقوقيين من عقوبة الإعدام؛ فهم ينظرون إلى الأمر من منظور حقوقى قائم على مبدأ حق الحياة الذى لا يتنزع من شخص بقرار أو بحكم محكمة.. أتفهم أن البعض الآخر ضد العقوبة فى دول أحيانا يكون القضاء فيها مسيسا وفيها قضاء عسكرى.. أتفهم أن بعض قضايا التنظيمات السياسية ينظرها هذا القضاء وينتهى الأمر بتوجيه تهمة التخطيط لقلب نظام الحكم.. وتنتهى القضية بإصدار حكم الإعدام. أتفهم أن بعض أفراد جهاز الشرطة ينتزعون الاعترافات تحت التعذيب الوحشى الذى ينتهى باعترافات كاملة.. بل وتمثيل الجريمة حرفيا؛ كما حدث فى قضايا عديدة مثل قضية الممثلة حبيبة وقضية الأب السكندرى الذى أقر واعترف انه قتل ابنته عام ٢٠٠٧ واثناء الجلسات ظهرت ابنته.. وكان من الممكن أن تنتهى المحاكمة بإعدامه. كل هذا أتفهمه جيدا.. ولكن الذى لا أفهمه موقف الإسلاميين الذين رفضوا وبشدة قبل ذلك مجرد مناقشة إلغاء عقوبة الإعدام.. لأنه ضد الشرع وضد الدين الذى ينص على القصاص.. والآن.. ومع إعدام قتلة النائب العام.. ثاروا وهاجوا ونددوا بتنفيذ حكم الإعدام..لانه عقوبة قاسية ومخالفة لحقوق الإنسان كما فعلوا فى إعدام متهمى كرادسة.. وكما فعلوا فى إعدام محمود قاتل أطفال الإسكندرية رميا من فوق أسطح العمارات.. لو كان موقفهم نابعا من عقيدة حقوقية فى حق الحياة؛ كنت تعاطفتهم معهم.. أو على الأقل قدرت موقفهم، ولكن هم يقبلون ويرفضون حسب أهوائهم ومصالحهم.. كما يفعلون فى كل قضية وفى كل موقف.. هم يقولون نعم لدستور الإخوان ويروجون له.. بل قالوا نعم تدخلك الجنة.. هم يقولون المشير هو الأمير في حين ردد الثوار “يسقط حكم العسكر”، بل قالوا “دقن وجلابية والعسكر مية مية” فى جمعة قندهار.. الإسلاميون دائما وأبدا يبحثون عن مصالحهم فقط.. يتصالحون معك وينقلبون عليك حسب المصلحه والمكاسب فقط… يقولون نعم ولا بعد حسابات المكسب والخسارة لهم فقط دون النظر لأى اعتبارات أخرى تخص المجتمع.. كما فعلوا مع الرئيس السادات الذى فتح لهم الباب وأطلق سراحهم من السجون، وشهد بداية عصره صحوة التيارات السياسية ألاسلامية؛ حتى أطلق عليه “الرئيس المؤمن”.. ساندوه ووقفوا معه رغم الصدام الذى حدث بينه وبينهم بسبب دعمه لحقوق المرأة.. ثم انقلبوا عليه بعد أحداث الزاوية الحمراء والعنف الطائفى الكبير فى هذا الحى؛ فانقلب هو عليهم واعتقل قادتهم وتم حل الجماعة الإسلامية التى كانت تدبر لاغتياله، حتى انتهى الأمر بقتله بعد كامب ديفيد. وحكمت المصلحة أيضا حين احتفل الإسلاميون الهاربون فى تركيا بذكرى وفاة مصطفى كمال أتاتورك، وابتلعوا ألسنتهم التى هاجمت فى السابق أردوغان الذي يقيم الاحتفالات كل عام وبالرجوع إلى منشورات قديمة منسوبة لكثير من التيارات الإسلامية المصرية المقيمة بشكل كامل فى تركيا.. سوف نرى هجوما عنيفا ضد أردوغان؛ حيث يصف أحد المقالات الذى تم نشره قبل سنوات عبر موقع “إخوان ويكى” التابع رسميا لجماعة الإخوان أتاتورك بأنه ماسونى، وأنه سعى لسحق أنصار الإسلام واضطهادهم ودفع تركيا إلى العلمانية، ولأن المصلحة تحكم.. سكتوا بل وشاركوا فى الاحتفال.. بالضبط كما فعل حزب النور فى الانتخابات البرلمانية.. حين اشتعل الموقف بعد ترشح أقباط على قوائم هذا الحزب السلفى بما يحمل من انتهازية سياسية مزدوجة، خاصة ان هناك مخزونا ضخما من الفتاوى السلفية الكبرى التى تكفر الأقباط وتنتقص من مواطنتهم وتحض على ازدرائهم عقيديا ووجوديا؛ نتيجة لذلك المخزون أبلغ عدد من أعضاء حزب النور السلفي، خاصة في المحافظات، القيادات “رفضهم الدعاية للأقباط في الانتخابات؛ بحُجة أن مصر دولة إسلامية، يجب ألا يشارك فى قيادتها (كفرة)”، وهو ما ردت عليه القيادات بأن عضوية مجلس البرلمان ولاية صغرى، وأن المسيحيين لن يكونوا أصحاب رأى وقوة داخل مجلس النواب، وأن وضعهم فى القوائم جاء بسبب الظروف الحالية، والمواد الدستورية والقانونية الملزمة لهم، وفى المقابل لا يمكنهم الانسحاب من المشهد السياسي الحالى؛ لأن وجودهم فى البرلمان نصرة للدين، فى ظل واقع يعادى التديُّن، وحتى لا يتركوا المجال لليبراليين والعلمانيين وغير المسلمين، يقفون صفا واحدا لمعاداة الإسلام، ومنع الإسلاميين من تحقيق مكاسب تخدم أهدافهم المشروعة فى تطبيق الشرع. هذآ الوقف يؤكد أنتهازية الحزب الإسلامي وأن غايتهم تبرر وسيلتهم وهنا المصلحة حكمت أن عدو الأمس الكافر يصبح صديقا وحليفا اليوم.. وهو نفس موقفهم من إيران أثناء حكم الرئيس المخلوع مرسى.. ولا أتحدث هنا عن الإخوان.. ولكن أتحدث عن السلفيين والجماعات الإسلامية التى ترى الشيعة خارجين عن الدين، بل يكفرونهم.. هذا التيار مجاملة لمرسى والإخوان رحب بزيارة الرئيس أحمدى نجاد إلى القاهرة، ورحبوا بعودة العلاقات المصرية الإيرانية وأعلنوا موافقتهم على ذلك.. المصلحة هنا أيضا حكمت.. كما حكمت حين رفضت القوى الإسلامية دعوات القوى المدنية للمشاركة فى مليونية “مصر مش عزبة”.. وكانت ضد جماعة الإخوان، وقالوا إنها ضد مصلحة الوطن، واتهموا الداعين لها بأنهم أصحاب مصالح شخصية، وجاءت عداءً للإخوان.. وأعلنت الجبهة السلفية عدم مشاركتها على لسان هشام كمال، المتحدث باسم الجبهة السلفية، الذى قال إنها ضد مصلحة الوطن.. وليست فى وقتها، وأن الادعاء بوجود ميليشيات عسكرية للإخوان كلام أمن الدولة والأجهزة الأمنية الذى نسمعه منذ سنين.. وخاطئ، والدولة الآن تحتاج للتكاتف.. ونرفض تصعيد القوى المدنية ضد الإسلاميين؛ لأنه مخالف لأبجديات العمل السياسى.. وقالوا إن القوى المدنية تحاول أن تبنى رصيدها من تشويه التيار الإسلامى؛ لأنهم لا يستطيعون التواصل مع الشارع !!!!! هؤلاء هم الإسلاميون.. مواقف ومواقف تكشفهم على حقيقتهم.. وسوف يظلون كذلك دائما وأبدا.. على كل لون ما دامت المصلحه تحكم..