متى بدأ صوم أهل نينوى أو صوم يونان؟
يبدا اليوم أقباط مصر في صوم نينوى أو يطلق عليه أيضًا صوم يونان النبي والذي يستمر لمدة 3 أيام وينتهي بالفصح يوم الخميس المقبل، ويكون سابقًا للصيام الكبير والذي يستمر لمدة 55 يومًا وينتهي بعيد القيامة المجيد.
ويرمز صوم نينوى إلى التوبة وحياة العشرة مع الله، وإن تأملنا في قصة يونان النبي وهروبه إلى طرشيش وابتلاعه من الحوت حتى يذهب في النهاية إلى أهل نينوى ويبلغهم برسالة الله لهم وحثهم على التوبة حتى يعودوا إلى طريق الله سنجد الكثير من الدروس المهمة لحياتنا اليومية ومعاملاتنا أيضًا مع الله.
لكن ربما يتساءل البعض عن ما هو صيام يونان أو صيام نينوى ومتى بدأ المسيحيون أو بالتحديد الأقباط يصومونه ومتى دخل إلى تاريخنا القبطي؟!
صيام يونان هو صوم أهل نينوى الذين صاموا لمدة 3 أيام في العهد القديم حتى يرفع الله غضبه ولا يغضب عليهم أو يدمر المدينة عندما كانوا غارقين في حياة الخطية وأرسل إليهم يونان النبي برسالته لهم، فاستجابوا لرسالته ودعوته بالتوبة والصوم والصلاة، وينقسم تاريخ صيام أهل نينوى أو يونان إلى قسمين مهمين.
في تاريخ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية:
في القرون الأولى من المسيحية، كانت تصوم كنيسة السريان الأرثوذكسية صيام أهل نينوى وكانت مدته ستة أيام وليست ثلاثة فقط، ولكن كانت تصومهم في الشدائد والأوقات العصيبة التي كانت تمر بها الكنيسة في تلك الأوقات.
ولكن اختفى لبعض القرون من الكنيسة السريانية لأنه كان يصام فقط في أوقات الصعاب ليس أكثر، فاندثرت عادة صيامه حتى القرن السادس عندما فرضته الكنيسة السريانية عند انتشار مرض الطاعون في العراق، وبالتحديد في مدينة نينوى التابعة للكنيسة وصار يصام كل عام لمدة 3 أيام وليس كما كان في السابق فقط في وقت الأزمات والشدائد، وكان يصام لمدة ستة أيام وليست ثلاثة فقط.
ولكن ما كان دفع الكنيسة السريانية في فرض ذلك الصوم وتثبيته أو بمعنى أدق رجوع ظهوره في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية هو أنه في ذلك الوقت عندما أصيب عدد كبير من أهل البلد استدعى حتى أن يعين الملك أشخاصًا يكونوا مسئولين عن دفن الموتى من مرض الطاعون اللعين، فرضت الكنيسة السريانية في ذلك الوقت صيامًا لمدة ثلاثة أيام ليرفع الله عن البلاد ككل وعن نينوى بالتحديد ذلك المرض الذي كان يهشم في البلاد ويقبض الأرواح بسرعة رهيبة دون رحمة ولا قدرة على مجرد إدراكها حتى.
أي أنه عندما بدأ في القرون الأولى كان بدأ لمواجهة المشاكل والصعاب، وعندما اندثر وعاد مرة آخرى وتم تثبيته كان بسبب مشكلة عصيبة مرت بها الكنيسة أيضًا في ذلك الوقت.
وهناك أيضًا بعض الآراء التي تشير إلى أن من بدأ ذلك الصوم في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية هو القديس ماروثا المفريان مطران تكريت.
في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
أما في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية فترجع أول مرة صام فيها الشعب القبطي صيام نينوى كانت في عهد البابا إبرام بن زرعة والذي كان من أصل سرياني أيضًا وكان البطريرك رقم 62 في تسلسل البطاركة الذين جلسوا على كرسي القديس مرقس الرسول ومبشر ديارنا المصرية.
وكان بدأ الأقباط في مصر يصومون ذلك الصوم كنوع من إعلان لمحبتهم للبطريرك الذي كان يصوم صوم نينوى بما أنه كان من أصل سرياني، وكنوع أيضًا من المشاركة والمحبة أيضًا للكنيسة السريانية الأرثوذكسية والتي تتحد مع الكنيسة القبطية في المذبح والإيمان.
نلاحظ أيضًا أن الشعب هو الذي صامه ولم يكن مفروضًا من الكنيسة مما يجعلنا نلتفت لحقيقة هامة جدًا، وهي إن الإنسان المسيحي في القرون الأولى كان ميال للزهد والبعد عن كل أنواع الترف.
ولكن لم تفرضه الكنيسة مطلقًا على شعبها، فلم نجد في قوانين البابا خرستوذولس البطريرك 66 أو البابا كيرلس الثاني البطريرك 67 أي إشارة لفرض ذلك الصوم على الأقباط.
لكن في القرن الثالث عشر نجد أن أولاد العسال وبن كبر أيضًا في القرن الرابع عشر أشاروا إلى أن صيام نينوى كان موجودًا ويصومه المسيحيين بصورة مستمرة بمعنى أنه كان مستقر في التاريخ القبطي.
ويذكر لنا أيضًا التاريخ، بأنه لم يكن هناك بطريرك أمر بعدم صومه إلا فقط البطريرك غبريال الثامن رقم 97 في البطاركة فقط هو الذي منع الأقباط عن صومه لكن بعد نياحته رجع الأقباط لعادتهم السنوية بصومه قبل الصيام الكبير.