كيف سيؤثر تخلف أمريكا عن سداد ديونها على الاقتصاديات الناشئة؟
تواجه الولايات المتحدة الأمريكية أكبر اقتصاد فى العالم خطر التعرض للتخلف عن سداد الديون الأمريكية الحكومية؛ ما دفعها للإعلان عن اتخاذ إجراءات غير عادية، للمساعدة فى تقليل حجم الديون المستحَقة الخاضعة للسقف المحدَّد حاليا عند 31.4 تريليون دولار.
وحذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين اليوم الثلاثاء من أن الولايات المتحدة قد تواجه نفاد السيولة، وتتخلف عن سداد ديونها بحلول يوم 1 يونيو، إذا فشلت الحكومة في رفع حد الديون.
ووصل الدين الحكومي الأمريكي لسقفه عند 31.4 تريليون دولار أمريكي في 19 يناير الماضي.
وقالت يلين في تصريحات لها اليوم: أفضل تقدير لدينا هو أننا لن نكون قادرين على الاستمرار في الوفاء بجميع التزامات الحكومة بحلول أوائل يونيو، وربما في وقت مبكر من الأول من يونيو، إذا لم يرفع الكونجرس أو يعلق حد الديون قبل ذلك الوقت.
وقد تعثرت الجهود المبذولة لإيجاد حل لرفع سقف الديون بسبب الخلافات السياسية، حيث أوضح الرئيس جو بايدن أنه لن يدعم أي تشريع لسقف الديون يتضمن تخفيضات كبيرة في البرامج المحلية.
كيف سيؤثر تخلف أمريكا عن سداد ديونها على الاقتصاديات الناشئة؟
وقد يؤثر تخلف الولايات المتحدة الأمريكية عن السداد سلبا على الأسواق المالية العالمية، من حيث حالة عدم اليقين التي تنتاب تلك الأسواق بمجرد تداول أخبار عن عدم قدرة واشنطن على سداد الديون؛ حيث عززت الجدارة الائتمانية لسندات الخزانة الأمريكية الطلب على الدولار الأمريكي منذ فترة طويلة؛ ما ساهم في ارتفاع قيمة تلك السندات وتصنيفها الائتماني، وتعزيز مكانة الدولار الأمريكي، لكن في حال تخلف الولايات المتحدة عن السداد سيتم الإضرار بقيمة الدولار – الذي يتم الاحتفاظ بأكثر من نصف احتياطيات العملات الأجنبية في العالم به – حيث يقوم المستثمرون ببيع سندات الخزانة الأمريكية فيضعف الدولار؛ لذا فإن الانخفاض المفاجئ في قيمة الدولار يمكن أن ينتشر في سوق سندات الخزانة مع انخفاض قيمة الاحتياطيات الدولية لدى تلك الدول التي تحتفظ بالدولار الأمريكي كاحتياطي أجنبي.
وفي الوقت الذي تكافح فيه البلدان المنخفضة الدخل المثقلة بالديون لسداد مدفوعات الفائدة على ديونها السيادية، يمكن أن يؤدي ضعف الدولار إلى جعل الديون المقومة بعملات أخرى أكثر تكلفة نسبيا، ويهدد بدفع بعض الاقتصادات الناشئة إلى أزمات ديون.
كما سيؤدي تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون في حالة عدم الاتفاق على رفع سقف الدين الأمريكي، إلى ركود في الولايات المتحدة، وقد يؤدي إلى أزمة مالية عالمية؛ حيث إنه بمجرد إعلان الولايات المتحدة عن عدم قدرتها على سداد ديونها فإن ذلك ينذر بالفوضى داخل الأسواق المالية الأمريكية والعالمية كما قد تواجه عدد من الدول التي تستحوذ على نصيب كبير من سندات الخزانة الأمريكية صعوبة في الحصول على مدفوعاتها المالية لتلك السندات على سبيل المثال ستواجه الصين – التي يمتلك اقتصادها ما يقارب تريليون دولار أمريكي من سندات الخزانة الأمريكية عام 2022 – مشكلة في الاستحواذ على أي مدفوعات للفائدة على تلك الأوراق المالية، أو تفقد استثماراتها تمامًا إذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها.
وفي الأسبوع الماضي، أقر الجمهوريون في مجلس النواب بفارق ضئيل مشروع قانون يعرف باسم قانون الحد والادخار والنمو، والذي يسعى إلى رفع سقف الديون، لكنه يخفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي.
ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، القادة الأربعة الأبرز في الكونجرس للمشاركة في اجتماع في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، بعدما حذرت وزارة الخزانة من أن النقد المتاح قد لا يكفي لسداد التزامات الحكومة بحلول يونيو.
ودفع هذا بايدن إلى الدعوة لعقد اجتماع مع قادة من بينهم رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي في التاسع من مايو.
وخلال العقود الماضية شهدت الديون الأمريكية معدلات ارتفاع كبيرة؛ فقد نمت ديون الولايات المتحدة من 1989 إلى 2021 بأكثر من 800%. ولعبت عدد من العوامل دورًا مهمًا في ارتفاع هذه الديون، وفي مقدمة هذه العوامل حرب أفغانستان وحرب العراق، والأزمة المالية العالمية 2008، وجائحة كورونا في عام 2020؛ ففي الفترة 2019 حتى 2021 ارتفع الإنفاق الأمريكي بنحو 50%.