هل يجوز لولي الأمر تحديد أسعار السلع ليلتزم بها التجار؟.. أزهري يحسم الجدل
أجاب الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، على سؤال ورد إليه من أحد المتابعين نصه: هل يجوز لولي الأمر تحديد أسعار السلع ليلتزم بها التجار؟.
وقال العالم الأزهري، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (188)، مضيفا: والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روى حديثا قدسيا عن الله عز وجل قال الله فيه: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.
هل يجوز لولي الأمر تحديد أسعار السلع ليلتزم بها التجار؟
وأضاف العالم الأزهري: وبعد فإن المقصود بالتسعير أن يسعر من له سلطة الإلزام السلع على التجار بحيث يجبرون على التبايع بهذا السعر هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الفقهاء متفقون على عدم جواز التسعير في الأحوال العادية بأن يتبايع الناس على الوجه المعتاد والمعروف والعرض والطلب هما المتحكمان في الأسعار بصورة طبيعية.
وتابع العالم الأزهري: وفي واقعه السؤال نقول إذا دخلت عوامل غير عادية على السوق كالاحتكار للسلع مثلا وبيعها بزيادة مبالغ فيها فغلت غلاء مفتعلا فهل يجوز التسعير في هذه الحاله؟، مجيبا: في ذلك آراء لأهل العلم على النحو الآتي:
- الرأي الأول: عدم جواز التسعير مطلقا أي سواء كان عند الغلاء أو كان عند الرخص وهذا ما راه بعض المالكيه والصحيح عند الشافعيه والمذهب عند الحنابله ولهم على ذلك أدله نقثصر على ذكر واحد منها، روى أبو داوود والترمذي في سننيهما عن أنس قال: قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سعر لنا فقال، إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني في مظلمة بدم ولا مال، فالحديث نص صريح في عدم جواز التسعير.
- الرأي الثاني ذهب من قال به إلى جواز التسعير إذا غلا في ذلك التجار وهذا ما راه الحنفيه وروايه عند الإمام مالك وقول ثاني للشافعيه وهو اختياره ابن تيميه ولهم على ذلك أدلة: رغم أن الثمن يحدده صاحب السلعة ويعتبر ذلك حقا له إلا أنه إذا ترتب على ذلك ضرر بالغ وظلم بين ومبالغه من قبل التجار في هذا التحديد فبما إن تصرف الإمام على الرعيو منوط بالمصلحة وبما يرفع الظلم عنهم ومن ثم إذا ترتب على التسعير مصلحه عند غلاء الأسعار جاز للإمام أن يسعر على التجار.
وواصل العالم الأزهري: الراجح مما سبق الرأي الذي أجاز للإمام أن يسعر للناس ويحدد الثمن الذي يتم التعامل على أساسه عند جشع التجار وطمعهم وما استدل به من منع ذلك بامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن التسعير عندما غلت أسعار السلع فالغلاء الذي لم يسعر الرسول صلى الله عليه وسلم عند حصوله هو الغلاء الذي من الله وليس الغلاء الذي سببه جشع التجار حيث إن العله في عدم التسعير من قبله صلى الله عليه وسلم هو الظلم الذي يقع على التجار في حاله كون الغلاء لا يد للتجار فيه بل كان لأسباب خارجيه أما إذا حدث الغلاء بسبب تعمد التجار ذلك وبغرض الحصول على ربح خيالي واستغلال حاجه الناس فحينئذ يكون قد وقع ظلم على المستهلكين ورفع الظلم واجب وطريق رفعه الزام التجار البيع بسعر محدد من قبل الجهات الرسميه، هذا والله أعلم.