من حريتها إلى تمكينها ثم ماذا؟
خلق الله الرجل والمرأة مكملين لبعضهما البعض، وكل منهما بحاجة إلى الآخر، وذلك حتى يتحقق التوازن في الكون، ونرى هذا التناغم يوجد في كل المخلوقات.
ولكن حدث الخلل عندما امتدت يد الإنسان إلى ذلك الأمر لتنال منه، وتجعل المرأة في غنى عن الرجل والعكس أيضا، وذلك بتداخل المهام وإيجاد البدائل، وتخاذل بعض الرجال عن أداء واجبهم تجاه أسرهم، مما ساعد في تنمية الفكر الذي لم يكن هدفه أبدا مصلحة المرأة، وإنما كل الغرض هو صنع حالة حرب دائمة بينها وبين الرجل لتشتعل المجتمعات التي كان أكثر ما يميزها هو الترابط الأسري والاستقرار العائلي، وها نحن الآن نرى الارتفاع غير المسبوق في نسب الطلاق بسبب تحول العلاقة من تكاملية إلى ندية صريحة.
لم تكن المرأة يوما مستعبدة على مر تاريخ أمتنا، فهي أم كل رجل وتاج رأسه، وأخته، وزوجته، وابنته.. ومع ذلك فقد ظل شعار تحرير المرأة متصدرا لسنوات كعنوان عريض لأفكار جميعها يهدف إلى التحرر من كل قيم مجتمعية ودينية وإعلان التمرد عليها.
وما كان ذلك إلا لغرض خبيث واحد، وهو إسقاط مجتمعاتنا بشكل غير مباشر.
إن استهداف نساء أي أمة يسقطها لا محالة، وذلك لأنها صمام أمانها ومن ينظر إلى واقعنا وما آلت إليه الأمور يدرك ذلك.
الآن وبعد استهلاك شعار تحرير المرأة وفقده لمعناه الذي لم يكن موجودا من الأساس، انتقل هؤلاء المتربصون ومعاونوهم السذج من فكرة التحرير إلى التمكين.. ودائما هناك ما تعجبه تلك الأمور ويجدها فرصة سانحة للمتاجرة وتصدر المشهد كمستنير متحضر يسعى إلى تحقيق المساواة، وغيرها من الشعارات الفارغة من كل قيمة ومضمون حقيقي إذا أخذناها بالمنطق ونزلنا بها إلى أرض الواقع، ولكن لا يسمح هؤلاء بذلك، لأنه إن حدث سيجدون أنفسهم بلا أي عمل أو دور يذكر وسيكتشف كل من حولهم فراغهم.
فلنفترض أننا تركنا للمرأة الأعمال التي يحتكرها الرجل الظالم، رغم أني لا أعلم منها إلا ما تمتنع هي عن أدائه لطبيعتها كأنثى، وتمكنت من كل شيئ بلا استثناء.. بل وجلس الرجل ليرعى الأبناء ويهتم بشئون المنزل حتى.
ما الذي سيحدث؟، وهل سيغير ذلك واقعنا إلى الأفضل وتنتهي كل مشكلات حياتنا؟، أعتقد أنه من العقل وجود هدف محدد وفائدة واضحة من كل مطلب أو دعوة وإلا يصبح الأمر مجرد عبث يقترب من العته.
وأنا هنا لست ضد المرأة على الإطلاق، أو عملها ونجاحها وتميزها، وأرى أنها شريك فعلي منذ خلقها الله ولها دورها الأساسي والذي يصعب تعويضه، ونرى جميعا أن هناك سيدات وجدنا أنفسهن في موضع مسئولية ثقيلة بعد تخلي زوج لا يعرف المروءة، وقد اضطررنا إلى العمل للقدرة على العيش وتربية أبنائهن، وهناك أخريات يعملن من أجل المشاركة مع الزوج وسط زيادة أعباء الحياة ولا يستطيع أحد إنكار فضلهن أبدا، وذلك هو التكامل الذي تحدثت عنه في البداية، وليس العمل من أجل الاستغناء والاستعداد لهدم الأسرة في أي وقت، وبكل أسف يحدث ذلك كثيرا.
كل هذا جيد و لكني أتمنى نهاية لتلك الجملة المملة والمطاطة ومشبوهة المغزى وهي تمكين المرأ، والتي يتاجر بها كل من يستخدها، حتى تم تشويش كثيرات وها نحن نرى النتائج التي لا تخطئها عين، وكيف أن مفهوم الأسرة تراجع بشكل كبير داخل المجتمع مقابل شعارات مثل تحقيق الذات والكيان وغير ذلك وهذا هو الخطر الحقيقي لمن يعي.
لابد أن تتوقف تلك الحرب المشتعلة بفعل فاعل بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا، والتي أصبحت تعمل ذاتيا الآن بعدما انجرف كثيرون خلف شعاراتها الوهمية والمضللة والتحريضية بشكل لم نره أو نسمع به من قبل، ولنهدأ ربما يعود سلامنا النفسي المفقود إلى حد كبير وسط تلك المتاهة.. ولنعلم أن هذه معركة الكل فيها خاسر.