بدعة أم أمر مشروع.. الإفتاء تحسم الجدل بشأن حكم الصلاة على النبي جماعة بعد الجمعة المقبلة
علقت دار الإفتاء المصرية على الجدل الدائر بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن قرار الأوقاف حول الاجتماع لـ الصلاة على النبي يوم الجمعة بعد انتهاء الصلاة، حاسمة الجدل حول بدعية الأمر من عدمه.
الإفتاء تعلق على قرار الأوقاف حول الصلاة على النبي بعد الجمعة المقبلة
وقالت دار الإفتاء في منشور عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: بخصوص الدعوة للاجتماع للصلاة على النبي يوم الجمعة:
1. الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أفضل الذِّكر وأقرب القربات، وأعظم الطاعات.
2. الاجتماع على الذكر المشروع يعدُّ من قبيل التعاون على البر والتقوى.
3. نصَّ أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة.
4. ذِكر الله تعالى والصلاة على نبيه من العبادات المطلقة المشروعة في الأصل بدون تقييد؛ فتصحُّ على كل هيئة وحال في أي وقت -إلا ما جاء النهي عنه- وكذلك تجوز سرًّا وجهرًا فرادى وجماعات بكل لفظ وصيغة مشروعة.
5. نُقل عن علماء الشرع الشريف ممَّن يعتدُّ بأقوالهم استحبابُ تخصيص يوم الجمعة وليلته بالإكثار من الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
الرد على دعوى البدعية استنادًتا لحادثة عبد الله بن مسعود
وتابعت الدار: قد يحتجُّ البعض على عدم مشروعية الذِّكر الجماعي بما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ما يفيد النهي عن رفع الصوت بالذِّكر، وهذا لا يصح عنه؛ قال ابن حجر الهيتمي في [الفتاوى الفقهية الكبرى 1/ 177]: "وأما ما نُقل عن ابن مسعود أنه رأى قومًا يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد؛ فلم يصح عنه بل لم يَرِد".
وأشارت إلى ما جاء في [حاشية الطحطاوي ص318]: "وأجمع العلماء سلفًا وخلفًا على استحباب ذكر الله تعالى جماعةً في المساجد وغيرها من غير نكير، إلَّا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصلٍّ أو قارئ قرآن"، وجاء في [رد المحتار 6/ 398]: "وقد شبَّه الإمام الغزالي ذِكر الإنسان وحده وذكر الجماعة بأذان المنفرد، وأذان الجماعة؛ قال: فكما أن أصوات المؤذنين جماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت المؤذن الواحد كذلك ذكر الجماعة على قلب واحد أكثر تأثيرًا في رفع الحجب الكثيفة من ذكر شخص واحد".
وذكرت أنه قد نُقل عن علماء الشرع الشريف ممَّن يعتدُّ بأقوالهم استحبابُ تخصيص يوم الجمعة وليلته بالإكثار من الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم الإمام ابن قدامة الحنبلي؛ وذلك لما رُوي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» أخرجه ابن ماجه.
وأفادت دار الإفتاء بأن إيقاع تلك العبادة جهرًا بعد أي صلاة مكتوبة – فضلًا عن كونها صلاة جمعة - أمر مشروع ولا حرج فيه؛ فقد ورد الأمر الربَّانيُّ في الذِّكر عقب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا ٱللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّده في الشرع.
وأكملت: وما قد يطرحه البعض من إشكالية تخصيص أوقات معينة للعبادات ويعد ذلك من أبواب البدع، فهذا وهم وغلط في الفهم، فقد نصَّ أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة.
واستشهدت بقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" وهو يتكلَّم على حديث ابن عمر رضي الله عنهما في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتي مسجد قباء كلَّ سبتٍ ماشيًا وراكبًا: "وفي هذا الحديث على اختلاف طرقه دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك".
واختتمت: نرى الناس حاليًّا يخصصون يومًا بعينه أو ساعة بعينها للجلوس لحفظ القرآن -مثلًا- وتدارسه من غير إنكار، فما الفارق بين تخصيص وقت لمُدارسة القرآن وتخصيص وقت آخر لذكر الله تعالى والصلاة على رسوله؟