الموسيقار أسامة الرحباني: هبة طوجي مرآتي ومساحة صوتها 4 أوكتاف.. وفيروز حامية الفن | حوار
حرص على تشكيل منهج خاص بموسيقاه وخرج عن المألوف وتمرد على الواقع للارتقاء بالفن، ولكن سار على هوية مدرسة عائلته الرحبانية، التي كان لها بصمة وشكلت وجدان الوطن العربي، ولا يسير مع التيار لكونه واعيًا واعشقًا ومتذوقًا للفن حتى النخاع، فهو الموسيقار الكبير أسامة الرحباني، الذي أضفى على الموسيقى الكلاسيكية روح العصرية، واتضح جليًا من خلال مجهوده مع الصوت الفريد من نوعه اللبنانية هبة طوجي.
وأجرى القاهرة 24 حوارًا مع أسامة الرحباني خلال زيارته الرابعة للأراضي المصرية.
وإلى نص الحوار…
لم تزر مصر منذ 5 سنوات.. لماذا تأخرت الزيارة؟
بالفعل هي الزيارة الرابعة، وجئت من قبل عام 1999 مع أستاذ منصور الرحباني أثناء عرض مسرحية “آخر أيام سقراط” في دار الأوبرا المصرية، وسعيد جدًا بالعودة لدار الأوبرا بحفل للفنانة هبة طوجي؛ لأننا كنا نحاول تنسيق ذلك الحفل منذ عام 2014 ولكن للتأجيل كلمة أخرى، كما أن ذلك الحفل كان من المقرر له إقامته في شهر أكتوبر للعام الماضي، ولكن مررت بوعكة صحية ألمت بي وتخطيتها بفضل الله، وأود أن أشكر المايسترو أحمد عويضة على اهتمامه بالحفل وتفاصيلها وأشكر أيضًا الأوركسترا سيمفوني، حيث إنهم كانوا حريصين على أهمية تواجدنا ومشاركتنا في الأوبرا.
ما التغيير الذي لمسته في مصر على مدار الخمس سنوات الذي تغيبت بهم؟
أعتبر مصر ولبنان أشقاء، فهما يشبهان بعضهما حتى في الظروف الاقتصادية والمشاكل، وأتمنى للشعب المصري واللبناني الخلاص ومواصلة الحياة براحة وتجاوز تلك المشاكل، فهل مشاكل عالمية ولكن تنعكس علينا؛ لأن البلدين عريقين الحضارة وتطلعاتهما وتاريخهما كبيران، وضلعاء ورواد في تقديم الفنون والحرية.
لمَ حرصت على طرح ألبوم كامل “بعد سنين” لـ هبة طوجي رغم أن الاتجاه السائد للعديد من المطربين هو الأغاني المنفردة؟
هبة طوجي مشروع مهم منذ عام 2007، وليست مجرد أغنية منفردة ولا نستطيع أن نتواكب مع جملة “الجمهور عايز كده”، فهي صوت فريد في الوطن العربي، أقوى صوت مساحةً فهو يعادل 4 أوكتاف، وتغني تقنيات درامية رائعة والغناء النصي وتقنيات بصوت أحبها وتترجمها لي ممزوجة بشعور رائع، وتطور من صوتها وأدائها بشكل مختلف دائمًا، فهذا المشروع يستحق أن يكون له ألبومات وحفلات يتم تصويرها وطرحها على يوتيوب وتخرج للجمهور بطريقة مختلفة، حيث إننا نحرص على أن تكون حفلاتها لا يوجد لها مثيل ولا حتى بأمريكا؛ لأننا مؤمنين بها.
ألا يوجد مشاريع أخرى تستحق مثل ذلك الدعم؟
أطلقت ودعمت الكثير من المواهب، ولكن أعتبر هبة طوجي مرآتي، أرى نفسي بها ونفهم بعضنا البعض، كما أن لديها التزاما خلقيا كبيرا فهي مثل السيف، والرائع بيننا هو أننا نعدي بعضنا البعض ثقافيًا وفكريًا، وكأننا في مباراة بينج بونج، ونكمل بعضنا البعض، هبة كانت بطلة في أهم مسرحية بالعالم “نوتردام دو باريس”، التي تم اختيارها للعب بطولتها من أصل 400 مليون فرانكفوني لتكون هي البطلة وتجول العالم وتعرضها، كما أننا نعود للاحتفال بمرور 25 عامًا على المسرحية في باريس بشهر نوفمبر المقبل.
ما رأيك بالذكاء الاصطناعي؟
مثلما تفيد التكنولوجيا لها وجه آخر تضر به، إذا أراد الشخص أن يكون بلا ضمير ويطلب من الذكاء الاصطناعي التوزيع والتأليف، فما الذي يكون أضافه للصناعة ولنفسه؟ يصبح كاذبًا على نفسه، كما أنه إذا جلس برفقة أُناس مثقفين وتفهم بالموسيقى سيتعرفون عليه سريعًا ويعلمون أنه كاذب، ويجب على المرء التعلم الصحيح لكل شيء في المجال الذي يختار لبناء شخصيته، نحن الآن في زمن بُعد الأطفال عن القراءة وزمن “I Pad وIPhone”جعلهم مبتعدين عن فكرة تثقيف أنفسهم.
هل فكرت يومًا ما في تقديم هبة طوجي أغنية “Cover” من أغاني فيروز؟
لدينا موسيقتنا وهمومنا وأعظم شيء بالنسبة لي في العالم هو والدي منصور الرحباني وعاصي الرحباني وفيروز، هؤلاء العباقرة هم المظلة ومصدر إلهامنا وشقوا طريقًا نسير عليه ولكن بشخصياتنا، ولكن من الممكن أن تغني لهم في حفل، ولكن لا يعني لي إعادة تقديم أغنية.
أتواجه مشكلة في إعادة تقديم الأغاني على طريقة الـ “Cover”؟
لا، ولكن أريد أن أشرح الأمر، عندما يغني أي مطرب الأغنية بالأداء العلني سواء في حفل أو في مطعم، يشترط أن يكون المكان خاضع إلى ما يسمى بجمعيات حقوق المؤلفين والملحنين مثل ساسيرو، حيث يجمعون حقوق المؤلف ويردوها إليه، ولكن إذا أراد الفنان استغلال الأغنية لا بد من استئذان الناشر أولًا ويأخذ بعين الاعتبار إذن أيضًا المؤلف والملحن، شرط ألا يتم استغلال الأغنية على منصة ولا حتى يوتيوب ولا بأي من أشكال الدعايا؛ ودائمًا اطلع على كا ما يخص قوانين حقوق الملكية الفكرية في العالم بحكم أنني رئيس مجلس جمعية المؤلفين والملحنين في بيروت.
عندما أردنا في ألبوم بعد سنين لـ هبة إعادة تقديم أغنية "عاشقين كبار للفنانة البلجيكية جاك بريل، استغرقنا في الحصول على الموافقة ما يقرب من عام، كما أننا أجرينا معالجة أخرى جديدة للأغنية، بعدما حصلنا على الإذن.
كيف استطعت صنع حفل “ليلة أمل” على مستوى عالٍ وكان بالمجان للجمهور؟
حفل ليلة أمل كان نوعا من أنواع الرفض والتمرد ضد كل الأفكار التي مرت بها لبنان والسياسيين المرشحين، حيث إنه لم يكن في برنامج انتخابي لأي مرشح من المرشحين وجود خطة عن الفن أو الثقافة أو التربية، وكان الحفل بمثابة صرخة وتمرد، كما أنه كان أول حفل يقام بعد انفجار مرفأ بيروت، ويقام على مسرح تم تدميره يبعد 200 متر عن مكان الحادث، ودفعت أنا شخصيًا بهبة وزوجها إبراهيم معلوف من أجل ظهور الحفل على المستوى الذي كان عليه، وظل الحفل “Trend” على مدار ما يقرب من 4 أو 5 أيام بعد انتهاء الحفل في العالم العربي، وتمنينا انتشار العدوى ونقل الرسائل التي أردناها ومدى الحب الذي كان بيننا للجميع؛ لأننا نعلم مدى المعاناة التي مر بها الشعب.
سؤال جماهيري.. هل هناك أمل في عودة فيروز؟
نتمنى إن شاء الله، القرار الذي تتخذه فيروز نؤيدها به، فهي الصورة الرائعة الأسطورة البهية المتواجدة حولنا، وحامية للفن بالنسبة لي، فهي يوميًا تتواجد حولنا، حيث إن العالم العربي يستيقظ يوميًا على صوتها، وأصبحت بمثابة الأرض والطبيعة والوطن لنا، هكذا قام بزراعتها عاصي ومنصور الرحباني، وهكذا كان الثلاثي الذي لن يتكرر مثله على مدارالتاريخ سواء في مجال الموسيقى أو الشعر أو الصوت أو التوزيع أو الأوركسترا أو المسرح أو الفكر.
ماذا عن حقيقة رفض فيروز الغناء بالمملكة العربية السعودية؟
لا أعلم.
ما الجديد الذي يمكن أن ينتظره الجمهور من أسامة الرحباني خلال الفترة المقبلة؟
أعكف مع هبة طوجي على تحضيرات حفا جديد في مدينة البتراء في الأردن، بالإضافة إلى حفل في مهرجان ببلوس فهي ثاني أعرق مدينة بالعالم وانطلقت منها هبة، ونعود من جديد للمسرح لننهض بلبنان ونرتقي بها بعيدًا عن المشاكل الاقتصادية.
ألا يوجد في مشاريعكما خطة لخوض هبة تجربة التمثيل من جديد؟
الأفكار الجديدة دائمًا متواجدة، وهناك مسرحية غنائية “نفرتيتي” أطمح في العثور على جهة إنتاج تتحمس لها.