الفساد خيانة للوطن
منذ اللحظة الأولى لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، رأينا أن الحرب على الفساد من أهم أولوياته، وكانت الرقابة الإدارية هي الفارس الأول في تلك المعركة الصعبة جدا، نظرا لتراكم سنوات لم يفتح فيها ذلك الملف بشكل فعلي، بل كانت الأمور شكلية في أغلب الأحيان، وقد وصلنا إلى شبه تقنين لفكرة الرشوة، وما سمي آنذاك بـ “فتح الدرج” أو “شاي حضرتك ايه يا أستاذ”.
ومع الإعلان عن الجمهورية الجديدة كان ذلك الملف حاضرا وبقوة، وتم نشر الكثير من الأرقام الهاتفية للجهات الرقابية والمسئولة عن الأمر، لتمكين المواطنين من الإبلاغ عن أي فساد أو تقصير.
كل تلك الإجراءات اتخذتها الدولة للحد من هذا السرطان القاتل، والذي هو أكثر الأشياء خطورة على أي بلد مهما كانت قوة اقتصاده، ولا يمكن معه أن يحدث التقدم الفعلي.
المشكلة الأساسية هنا أن ثقافة الشكاوى ليست متوفرة لدى المواطن المصري، الذي في معظم الأحيان قد يستسلم للفساد على أنه أمر واقع ولا يمكن تغييره، وذلك ليس صحيحًا على الإطلاق، لأن كل فساد نراه هو لأشخاص وليس لدولة، وهناك فارق كبير بين الأمرين.
فساد الدولة إن حدث بالفعل يصعب مواجهته بشكل فردي وذلك ليس موجودا في بلادنا بفضل الله، أما فساد الأشخاص من السهل فضحه وكشفه بشيء من الإرادة والمقاومة وليس الاستسلام والخنوع، حتى وإن كان يحمي بعضه كما هو الحال فعليا.
وللأسف لا يمكن إعفاء المواطن من المشاركة في وجود الفساد، وذلك لأننا نرى البعض عندما يريد الحصول على خدمة معينة يبحث عن فاسد يرشيه، ويظن أنه بهذا التصرف شخص لديه علاقات ونفوذ ويستطيع فعل كل شيء، ولا يعلم أنه يرتكب جريمة كبرى في حق وطنه.
وهنا أود أن أوجه رسالة لكل شخص يعيش على الفساد، ويظن أنه مجرد فهلوة وشطارة كما يقولون، لابد أن يعلم كل فاسد أنه خائن للوطن، لأنه يساهم في انهياره أو على الأقل إعاقة تقدمه، وأيضا كل قرش يكسبه من ذلك الفساد هو حرام لأنه حق لكل مواطن يعيش في هذا البلد، ولن يجد البركة أبدا في حياته مهما ضحكت له، وعليه وسوف يجد أثر ذلك في حياته لا محالة من حيث لا يحتسب.
أما عن الدولة متمثلة في الحكومة، فأتمنى أن تعود الحملة على الفساد إلى قوتها كما بدأت، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، وهناك من يستحلون المال العام ويبررون لأنفسهم ما يفعلونه بكل السبل، وأيضا لا بد أن يتدخل مجلس النواب بشكل مباشر للعمل على إصدار قوانين وتشريعات تجعل تهمة الفساد تعادل الخيانة العظمى وهي كذلك بالفعل، وذلك لأن كل إضرار بالوطن ومصالح المواطنين جريمة خيانة عظمى مكتملة الأركان، ولعل حديث الرئيس الأخير وذكره لمسألة الفساد وأنه لن يتركه أمر جيد ومبشر بالخير، وإن كنا نتمنى أن نرى نفس الحماسة التي يتمتع بها الرئيس موجودة لدى جميع المسئولين.