الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قطرات من السمن

الجمعة 23/يونيو/2023 - 06:20 م

* من القصص التراثية القديمة المعروفة واللي بيقال إنها حصلت في أيام الحكم الأموي في مصر إن فيه راجل غني كان متعود يمشي في السوق بشكل شِبه دوري كل يوم جمعة.. عادي وإيه المشكلة مايمشي زي ما هو عايز!.. بس لأ.. صاحبنا ده كان متعود يمشي بمنظرة وتكبر ملفتين للنظر بشكل بشع.. اللي هو كإنه بيقول للي حواليه أنا ربكم الأعلى.. عنطزة، ونظرات من فوق لتحت للكل، وتكشيرة ثابتة على وشه بتبين قد إيه هو قرفان!.. طب وإيه اللي بينزلك يا عم!.. وهو ماشي في مرة قابل ست عجوزة بتبيع سمنة!.. هيئة الست المهندمة رغم بساطتها، وحرصها على حمل البلاص اللي فيه السمنة لفتوا نظر الراجل الغني.. شاورلها وسألها: ماذا تبيعين؟.. ردت: أبيع سمنا يا سيدي.. قال: أريني!.. وسط دربكة الموقف وفرحة الست إنها هتبيع لواحد من الأغنياء اتهز البلاص وهي بتنزله من فوق راسها وفيه قطرات سمنة دلدقت على عباية الراجل!.. فجأة الراجل العفاريت اتنططت قدام عينيه اللي كانت بتطق شرار ومسك الست من كتفها وصرخ فيها: ‏لن أبرح المكان حتى تعطيني ثمن الثوب.. طبعا الموضوع مفاجئ للست اللي هو بقى أنت يا كبير يا غني عايز مني أنا ثمن الهدوم اللي اتوسخت!.. مني أنا الغلبانة!.. حاولت تستعطفه وتخليه يسامحها رفض وتمسك بطلبه!.. الست سألته بانكسار: كم ثمن الثوب؟.. رد: ألف درهم!.. طبعا رقم زي ده بمثابة ثروة ضخمة للست اللي استغربت وردت بصوت مرتعش:‏ يا سيدي أنا امرأة فقيرة فمن أين لي بألف درهم؟.. قال: لا شأن لي.. حاولت تتضرع له أكتر وقالت: أرجوك ارحمني ولا تفضحني.. كرر نفس رده اللي فات.. في نفس اللحظة كانت الناس بدأت تتلم عشان يعرفوا قصة الراجل الغني اللي ماسك في خناق الست بياعة السمنة.. من وسط الناس فيه شاب اخترق الصفوف وسأل الست: ما شأنك يا امرأة؟.. حكت له القصة وهي بتبص برعب للراجل الغني.. الشاب خرّج من جيبه لفة فلوس وقال بحسم: أنا سأدفع ثمن الثوب، هذه الألف درهم.. قالها ورمى الفلوس في اتجاه الراجل الغني اللي مسكها وحطها في جيبه بانتصار وبدأ يتحرك.. الشاب نده عليه.. الراجل وقف باستغراب.. الشاب سأله: هل أخذت ثمن الثوب؟.. الراجل رد إن أيوا.. الشاب سأله: فأين الثوب!، لقد أعطيتك ثمنه فأعطني إياه!.. الراجل سأل باستنكار: وأسير عاريا!.. الشاب رد: لا شأن لي!.. الراجل سأله: وإن لم أعطك الثوب؟.. الشاب قال: تعطيني الثمن.. الراجل سأله: الألف درهم؟.. الشاب رد بسرعة: لا، بل الثمن الذي أطلبه، ألفي درهم.. الضعف!.. الراجل الغني استغرب وقال: ولكن هذا كثير!.. الشاب رد: ‏ إذن فأعطنا ثوبنا!.. الراجل قال بعصبية: أتريد أن تفضحني!.. الشاب قال بتحدي: كما كنت تريد أن تفضح المرأة المسكينة.. الراجل قال: ولكن هذا ظلم!.. الشاب رد باستهزاء: الآن تتحدث عن الظلم؟.. الراجل رمى الكيس اللي فيه الألف درهم ناحية الشاب ومشي بدون ما ياخد حاجة ومشي وهو باصص في الأرض بنظرات ذليلة ومكسورة بعد ما فهم الدرس، والشاب ناول الست المسكينة كيس الفلوس وقال لها قدام الناس إن ده ثمن بسيط للموقف المحرج اللي اتحطت فيه.

 

 

* الحيطان مدارية كتير، وربنا ساتر أكتر، وكل واحد فينا عامل بينه وبين نفسه اللي يخليه مش قادر يبص على وشه في المراية لو اتكشف.. عشان كده تستغرب من اللي بيقرر يشيل ستر ربنا عن إنسان استأمنه عليه قبل كده!.. اللي بيفتكر إنه بيفضح غيره لما بيشيل عنه الستر هو في الحقيقة بيفضح نفسه لإنه بيثبت إنه غير مؤتمن، ومستهون بغطا الستر، وبالتالي لازم يستعد هو كمان لما غطاه يتشال من عليه ما هو محدش خالي!.. مع الوقت، وبالتجارب بتستوعب أكتر إن من أهم النعم اللي بسببها بتكمل وبتنجح وغيرك بيشوفوك في أفضل صورة رغم عيوبك وأخطاءك الكتير هي "الستر".. ربنا يسترها علينا، ويرزقنا الستر في كل خطاوينا.

تابع مواقعنا