جروب سري ومستشار بالوزارة.. القاهرة 24 يتتبع مزاعم أدمن شاومينج لتسريب امتحانات الثانوية وتعديل النتيجة بالأموال | تحقيق
منذ بداية امتحانات الثانوية العامة 2023، وبشكل يومي ينبثق عن جروب "شاومينج" للغش الإلكتروني، كثير من الجروبات والقنوات عبر “تليجرام”، والتي تدّعي جميعها أنها متخصصة في تداول ونشر امتحانات الثانوية بالإجابة للطلاب، مستغلين أولياء الأمور والطلاب ويمارسون أفعال النصب مقابل التربح منهم، غير أن جروب سري وحده ادعى نشر الامتحانات فجرًا، وتحديدًا في الثانية من منتصف الليل، الأمر الذي جعل شروطه أكثر تعقيدًا للحصول على عضوية الجروب، والمبالغ أعلى، ورغم شروطه إلا أنه لا يعطي الطلاب ضمانة واحدة، وهو ما كشفه القاهرة 24 خلال تجربته للحصول على الامتحان وصولًا لرأس الأفعى والمسئول عن ادعاءات التسريب.
تجربة "القاهرة 24" مرت بمراحل عدة وصولًا للجروب السري لـ شاومينج المتخصص، والذي يزعم تسريب الامتحانات فجرًا، كانت بدايتها من الجروب المبدئي والذي يشترط إضافة أعضاء جدد للدخول للسري، الأمر الذي يشبه "جَر رِجل"، وصولًا إلى الجروب الذي ينشر صورًا مجهولة على أساس أنها خاصة بالامتحانات، رغم أنها غير واضحة المعالم والتفاصيل، وصولًا إلى الجروب السري، والذي يؤهلك لـ المدعو د. محمد سامي، الذي يزعم أنه مستشار واضعي الامتحانات بوزارة التربية والتعليم.
مرحلة تسويق الوهم والتشويق تبدأ من القناة الرئيسية
بداية القصة، كانت من الجروب الرسمي والمميز بلوجو الموقع الشهير للغش، الرسالة مثبتة منذ انطلاق الامتحانات، وحتى وقت كتابة تلك السطور: "اللي لسا مدخلش الجروب السري لـ دلوقتي يلحق يضيف أي عدد هنا، الكل يضيف بسرعه علشان تلحق مكان"، وهذا هو شرطه الوحيد للإضافة إلى المرحلة التالية، بعد إضافة الأعداد، يتم ترحيل الطالب لجروب تسريبات الثانوية العامة.
وبين الحين والآخر، يعود أدمن شاومينج مذكرًا الطلاب بأهمية استقطاب غيرهم من الطلاب، لتحويلهم على الجروب السري، والذي يتم التفاوض معهم داخله على مبالغ مالية، وأحيانًا يستلزم صيغة الترهيب، بقوله: مفيش كلمة هتنزل هنا.
ادخل برجلك اليمين
"ذاكر إنت وسيب الباقي علينا مش هنتأخر"، هذا هو شعار الجروب التالي لما بعد الإضافة، حيث يتم ترحيلك إلى قناة أخرى يبدأ اسمها بكلمة “تسريب” والذي يثبت رسالة “ادخل برجلك اليمين”، وهنا يشترط أن تكون مشتركًا في قناة شاومينج الرسمية والرئيسية والمشار لها أعلاه، فضلا عن إضافة جميع أصدقائك.
بعد إتمام كافة الشروط وإتباع الخطوات، يتم إضافتك إلى الجروب السري، والذي يبدأ اسمه بـ"تسريبات الفجر"، وهنا تختلف الشروط تمامًا، حيث ينشر الجروب عددًا من الصور المشوه فجرًا قبل الامتحان بساعات ويزعم أنها خاصة بالامتحان الرسمي، وللحصول على تلك الصور يتم تحويلك لـ دكتور محمد سامي، والذي يزعم أنه مسئول بوزارة التربية والتعليم، والذي يتولى أمر التفاوض على المبالغ المطلوبة مقابل الحصول على الامتحان قبل 8 ساعات من موعده.
حديث "القاهرة 24" مع المسئول المزعوم للحصول على الامتحانات
بعد ادعاء محرر القاهرة 24 أنه أحد الطلاب ويرغب في الحجز، أرسل المدعو "سامي" رسالة مثبتة بعد قرابة ساعة ونصف من مراسلته: "حجز المادة في جروب التسريبات السري (VIP) للحاجزين قبل اللجنة بـ ٨ ساعات يعني ٢ الفجر الامتحانات بنماذج الإجابة 300 جنيه للمادة، والحجز تحويل فودافون كاش عن طريق رقم أرسله لنا.
وتابع محذرًا من تداول الامتحان بعد الحصول عليه: "تبعتلي الإيصال هنا فالشات وشعبتك هبعتلك رابط دخول الجروب السري بعدها الشغل كله هيبقى على جروبات المشتركين، وتعمل حسابك الامتحانات لو اتشيرت لحد أو بعتها لحد من صحابك هنطردك من الجروب والفلوس هتروح عليك، والفلوس دي بتدفع للناس اللي بتسرب الامتحان وللمدرسين اللي بتحل علشان نضمن الإجابات الصح بنجيب أكتر من مدرس".
من هو صاحب الرقم؟
على تطبيق "تروكولر" لا توجد أي معلومات عن صاحب الرقم -المستشار المزعوم- غير أنه مسجل بملك الكنترول، مما يكشف أنه تعمد توثيقه بهذا الاسم بغرض طمأنة كثير من ضحاياه، بينما حصل "القاهرة 24" على معلومات صاحب الرقم، ويدعى "محمد.م" وهو صاحب الرقم ومالكه، وهو رقم جديد حصل عليه منذ نحو 40 يومًا لممارسة أعمال النصب والاحتيال بزعم تسريب الامتحانات.
باستكمال الحديث مع "سامي" عبر تليجرام، عن الضمانات، أرسل لينك يحمل بعض التسجيلات الصوتية غير معلومة المصدر، تشيد بأدائه والخدمات التي يقدمها للطلاب، وفيديو يشير إلى عدد من الصور مزعومة لامتحانات سابقة، يدعي خلالها أنه هو من سربها.
تعديل النتيجة مقابل 600 جنيه حتى لو راسب!
الحديث انتهى عن الامتحان والحصول عليه مقابل الشروط المذكورة أعلاه، وانتقل الحديث بعد ذلك لتعديل الدرجات، وهو ما أكده المدعو "محمد سامي" والذي أوضح أنه مسئول رفيع المستوى بالتربية والتعليم، وقادر على منح الدرجة المئوية المرغوب بها في الامتحان حتى لو كانت راسبا وبالفعل اختارنا 90 بالمئة نسبة مئوية، وهو ما طالب مقابله الحصول على 600 جنيه، ترسل بنفس طريقة مبالغ الحصول على الامتحان، وعلى الرقم ذاته.
وبسؤاله عن ضمان تعديل النتيجة على سيستم الوزارة، وعدم الإبلاغ والإفصاح عن معلوماتي لأي من الأفراد، لم يكن لديه رد على أي من الأسئلة، سوى أنه أرسل فيديو لإحدى الطالبات التي عدل درجاتها -حسب وصفه- ولا نعرف مدى صحته لما فيها من غموض وعدم وضوح تفاصيل، والقاهرة 24 يتحفظ على نشر معلومات الطالبة التي أرسلها شاومينج.
هل يوجد في وزارة التعليم مستشار يُدعى محمد سامي؟
تتبع القاهرة 24 الاسم المزعوم للمستشار؛ للتأكد من وجود منتحل صفة من عدمه، وهل هو يعمل فعليا بالوزارة أم منتحل لصفة واسم؛ للوقوف على حقيقة الأمر، حيث أكد مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم، أنه لا يوجد مستشار لواضعي الامتحانات يدعى الدكتور محمد سامي، وأن هذه كلها ادعاءات ومزاعم تسهل إجراء عميلة النصب والاحتيال على الطلاب، وسيتم ملاحقة تلك الصفحات واتخاذ ما يلزم حيال المسئولين عنها، حسب تصريحات المصدر بالوزارة.
التعليم: أمور نصب ولا توجد أي تسريبات حتى الآن
ورد المصدر ذاته، على ادعاءات تلك القنوات، مؤكدًا أن تلك مجموعات مضللة، هدفها الوحيد استغلال أولياء الأمور والطلاب، وكثيرًا ما تورط الذين يتابعونها، لذا يفاجأ الطالب وولي الأمر برسوب ابنه أو درجته ضعيفة، رغم اعتقاده أنه أنهى الامتحان، والسبب أنه وقع فريسة مواقع باعت لهم امتحانات العام الماضي أو نماذج استرشادية على أنها الامتحان.
وأضاف المصدر أنه لم تحدث أي تسريبات منذ بداية الامتحانات، حيث تعمل غرفة عمليات الثانوية العامة على رصد ما يتم نشره، وتبين بعد التدقيق بين الامتحان الأصلي والامتحانات المزعوم تسريبها أنها خاصة بامتحانات الأعوام الماضية، لذا يحرص أدمن تلك المجموعات على نشر الامتحانات بعد إخفاء التاريخ.
وأشار المصدر المطلع إلى أن ما يتم نشره بعد دخول الطلاب إلى اللجان هو تداول أسئلة وليس تسريبًا وهناك فارق بين المصطلحين، محذرًا الطلاب وأولياء الأمور من الوقوع فريسة لعمليات النصب التي تتم تحت مسمى “شاومينج” أو ما شابهه من جروبات متخصصة في الغش الإلكتروني.
تعديل الدرجات من الكنترول
أما بالنسبة لتعديل الدرجات، حسب ما ادعى المستشار المزيف محمد سامي، فرد المصدر المسئول بشكل حاسم: “كلام فارغ”، موضحًا أن المدعي لا علاقة له بالكنترولات، حتى وإن قام عن طريق استخدام بعض الحيل للنصب على الطلاب بأنه عدل درجاتهم، فإنه يستحيل اختراق سيستم وزارة التربية والتعليم، الخاص بأعمال رصد درجات الطلاب، والتي تعمل وزارة التعليم العالي ومكتب التنسيق بناء عليه؛ لتوجيه الطلاب للكليات المناسبة لمجموعهم، محذرًا الطلاب من اتباع تلك المجموعات التي تستقطبهم لكسب الأموال دون أي ضمانات، وفقط تبيع الوهم للطلاب وأولياء أمورهم.