لماذا حرم الله علينا الانتحار وأمرنا بالحياة؟.. علي جمعة يجيب
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: إن الحياة افتخر الله علينا بها، وقال: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" فالله هو الحي القيوم، الذي ظهر وتجلى باسمه الحي على هذه الكائنات، فأصبح الحياة لها احترام، وفي الفقه يقول: ويجوز لك التيمم إذا كان معك ماء يحتاجه ولو حيوان محترم؛ أي بقرة، أو غنمة، ونحافظ عليها، ونتيمم عشان المياه دي يحتاجها خروف، أو معزة، فالحياة ممدوحة، بينما الدنيا مذمومة؛ ولأن الدنيا تطلق على الفترة التي هي ما بين الميلادي إلى الوفاة، فالها وجهان، فوجه يمثل الحياة، ووجه يمثل الكدر، والنكد، والرغبات، والشهوات، والدنايا، ولذا أمرنا الله أن نتمسك بالحياة؛ فحرم علينا الانتحار.
وقال جمعة خلال صفحته الرسمية عبر فيسبوك: ولو كانت الدنيا بمعنى الحياة فقط، وأن الدنيا ذميمة، فالحياة ذميمة، لأمرنا بأن نقتل أنفسنا، وأمرنا بالانتحار، لكنه لم يفعل بل رغب فينا الحياة؛ لأنها من عند الله جليلة، فالنبي قام بحل هذه المشكلة؛ فأنا أريد أن أكون ناجح في الدنيا فما هي الأعمال التي أفعلها؟ فقال فيما فهمه عنه السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، والأئمة المجتهدين، والأئمة المتحدثين، والمحدثين المتصدرين إنما الأعمال بالنيات وإن لكل امرئٍ ما نوى.
وجه السلف الصالح نيته لله دائمًا لرضا الله
وتابع: ويقول أبن الحاج في المدخل فالفرق بيننا وبين الجيل الأول من الصحابة؛ أنهم كانوا يحولون كل شيء من أفعالهم بالنية لله؛ فإذا لبس ثوبًا جميلًا غاليًا نوى إظهار نعمة الله عليه، فأما بنعمة ربك فحدث، فيعشر عند ارتداء الملبس الجميل الغالي أنه يطيع الله، وانه يفعل هذا من أجل إظهارنعمة الله عليه، ثم يضيف إليه نية أخرى؛ وهي أن يراه الفقير، ويرى ثمته فيذهب إليه ليطلب منه حلًا لمشكلته، سواء كان محتاج علاج، أو مال، أو معونة، أو شفاعة؛ فيتحاب الناس، ويرضى الله وأنت تلبس هذا الثوب.
واختتم: أما لو لبسته كبرًا، وبطرًا، وفخرًا، وتعاجبا؛ فإنك قد ارتكبت إثمًا؛ لأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، والملبس واحد، ولكنه توجه بالنية ما بين أن يكون ثواب، أو عقابًا، وينبهنا النبي بأنه يمكن أن نحول كل حركاتنا، وسكناتنا في هذا الكون بالنية لله؛ فإذا أكل نوى التقوي على العبادة، والتقوي على عمارة الأرض، والتقوي على تذكية النفس، وامتثال أمر الله فيه أنه أحوجنا إلى الأكل، والشرب؛ أي أمرنا بهم، فقال تعالى: " وكُلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنهُ لا يُحب المُسرفين" إذًا الأفعال كلها التي تتعلق بالدنيا ستصبح للآخرة من حركات، وسكنات.