دعاء جميل لمن هم في القبور.. كيف يصل الدعاء للميت وهل يُدخله الجنة؟
علمنا الشرع أن ندعو دعاء جميل لمن هم في القبور يحقق لهم ما يتمنونه بعد موتهم من الجنة والنعيم والمغفرة والرضوان ورؤية وجه الله الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم، وقد نصت آيات وأحاديث كثيرة على أن الموت حياة جديدة لها خصوصيتها، فقد قال تعالى "وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"، فحياة البرزخ لها قوانينها المختلفة عن حياة الدنيا، فما هي، وكيف يصل الدعاء للميت وهل يسمع من يزوره ويفرح لزيارته؟، عبر القاهرة 24 نقترب أكثر من الحياة البرزخية ونجيب على أهم الأسئلة التي تدور في أذهان كل متدبر في أمر الموت.
دعاء جميل لمن هم في القبور
هناك دعاء جميل لمن هم في القبور أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة نصت على أدعية الموتى، كما حثنا الله تعالى في قرآنه أن ندعو لموتانا بقوله: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ" لذلك أهم ما ينفع المسلم بعد الموت هو الدعاء، ومن الأدعية للموتى:
- اللهم اغْفِرْ له وارحمه وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ.
- اللهم اعْفُ عنْه وَعَافِهِ، وافْسَحْ له في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ له فِيهِ.
- اللهم اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، واغْسِلْهُ من ذنوبه وخطاياه بمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ.
- اللهم اغفر له ونَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
- يارب أَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ.
- اللهم عامله برحمتك وعفوك ولا تعامله بعدلك.. اللَّهمَّ لا تحرمنا أجرَه ولا تُضلَّنا بعدَه.
- يارب إن فلان بن فلانة في ذِمَّتِك وحبلِ جِوارِك فَقِهِ من فتنةِ القبرِ وعذابِ النَّارِ وأنتَ أهلُ الوفاءِ والحقِّ.
- اللهم اغفر لَه وارحمهُ واعف عن جميع سيئاته وخطاباه إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ.
- اللهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئنا شفعاء فاغفر له.
- اللهم اغْفِرْ له وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ.
- اللهم ارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ.
- اللَّهمَّ إنَّه في ذمَّتِكَ فاجعله في حبلِ جوارِكَ وقهِ عذاب القبرِ وعذابِ النَّارِ أنتَ أهلُ الوفاءِ والحمدِ.
- اللهم بحق قولك "وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ"،أدعوك أن تعفو عن أبي وتغفر له ذنوبه كلها، وأسكنه الجنة دار السلام.
- اللهم إنه جاء ببابك، وأناخ بجنابك، فَجُد عليه بعفوك، وإكرامك، ورحمتك، وجود إحسانك.
- اللهم اغفر له واجعله مع الذين أنعمت عليهم في جنات النعيم الذين سعدوا في الجنة، خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض.
- يارب إن كان محسنًا فجازه بإحسانه إحسانًا، وإن كان مسيئًا فجازه عن الإساءة عفوًا وغفرانًا إنك على كل شيء قدير.
- اللهم اغفر له وأكرم نزله واحشره مع الأنبياء والشهداء والصديقين.
كيف يصل الدعاء للميت في قبره؟
يتساءل الكثيرون كيف يصل الدعاء للميت في قبره وقد توفى وتحول جسده إلى تراب؟، وفي ذلك جاءت عدة أحاديث نبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له".
وقالت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها، أن الدعاء ينفع الميت ويصل إليه، وخاصة عند الدفن، حيث أكدت أن "الدعاء للميت على القبر بعد دفنه مستحبٌّ مُطلَقًا، دون تقييد بسر أو جهر، فالأمر في ذلك واسع ولا يصح التضييق فيه".
وشددت على أن الجهر في الدعاء على القبر "آكد في الاستحباب والمشروعية"، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، ويكون في الجهر "أرجى للقبول، وأيقظُ للقلب، وأَدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصة إذا كانت هناك موعظة".
وحثت على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء زيارة القبور، فعن بريدةَ رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ -أي الصحابة الكرام- إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ؛ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ" رواه مسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يفرغ من دفن الميت يقول "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل".
وقالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إن ما أجمع عليه أهل العلم أن المتوفى يعلم بمن يدعو له لأنه يصل إليه الثواب وينتفع به، مستندين إلى حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال: "إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول: ربّ أنى لى هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك".
هل يسمع الميت الدعاء له عند القبر؟
ولكن، هل يسمع الميت الدعاء له عند القبر؟، أجاب الدكتور محمود مهنى عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في تصريحات سابقة له، بأنه ورد عن أنس بن مالك أنه قال: سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل وهو يقول: يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة، وياشيبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام، فعدّد من كان منهم في القليب: هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟، فإني قد وجدّت ما وعدني ربي حقًا. فقال المسلمون: يا رسول الله، أتنادي قومًا قد جِيفوا ؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني".
وأكد أن الميت يسمع من يتحدث فوق قبره بالدعاء له، وليست خصوصية للنبى صلى الله عليه وسلم وحده، كما يفرح الميت أيضًا بزيارة أهله والبقاء بجوار قبره، وقد ورد عن عمرو بن العاص أنه قال لأهله قبيل وفاته "إذا ما دفنتموني فاجلسوا حول قبري مقدار ذبح بقرة وتوزيعها حتى آنس بكم".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الميت بعد دفنه: "العَبْدُ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ، وتُوُلِّيَ وذَهَبَ أصْحَابُهُ حتَّى إنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ مَلَكَانِ، فأقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ له: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فيَقولُ: أشْهَدُ أنَّه عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ، فيُقَالُ: انْظُرْ إلى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أبْدَلَكَ اللَّهُ به مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَيَرَاهُما جَمِيعًا، وأَمَّا الكَافِرُ - أوِ المُنَافِقُ - فيَقولُ: لا أدْرِي، كُنْتُ أقُولُ ما يقولُ النَّاسُ، فيُقَالُ: لا دَرَيْتَ ولَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بمِطْرَقَةٍ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً بيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَن يَلِيهِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ".
هل يعلم الميت من يزوره في القبر؟
يجهل البعض هل يعلم الميت من يزوره في القبر أم لا؟، وقالت دار الإفتاء المصرية أن الميت يشعر بمَن يزوره ويسلم عليه، ويرد عليه السلام، حيث قال النبي صلى الله عليه وصلم "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام"، وقال أيضًا في رواية بن عباس "ما من أحد مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا، فسلم عليه، إلا عرفه ورد عليه السلام".
وتابعت أنه يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، وذلك لأن الميت يعرف من يُسّلم عليه ويرد عليه السلام، واستشهدت بما قاله الإمام النووي: "ويستحب لزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره"
وأوضحت أن ابن تيمية رحمه الله أجاب عن سؤال سماع الميت لزائره فقال "نعم يسمع الميت في الجملة..فهذا خطاب لهم، وإنما يخاطب من يسمع"، وقال ابن القيم "والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به".
وتصديقًا على ما جاء في الأثر من أخبار الموتى، شددت الإفتاء على أن الموت ليس فناء الإنسان تمامًا، ولا هو إعدام لوجوده الذي أوجده الله له، بل هو حالة من أصعب الحالات التي يمر بها الإنسان، وأن روحه تفارق جسده لتعيش في عالم آخر، لذلك فإن الميت يشعر ويستأنس ويفرح بمن يزوره ويرد عليه السلام.
فرحة الميت بالدعاء له
ولفتت الإفتاء إلى فرحة الميت بالدعاء له وزيارته واستبشاره بذلك، مستندة لقول الإمام ابن القيِّم: "وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلَّموا على أهل القبور أن يسلِّموا عليهم سلامَ مَن يخاطبونه، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين"، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأنَّ الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به".
هل الدعاء للميت يدخله الجنة؟
بينت السنة النبوية الرد الكافي لسؤال هل الدعاء للميت يدخله الجنة؟، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لَيرفَعُ الدَّرجةَ للعبدِ الصَّالحِ في الجنَّةِ، فيقولُ: يا ربِّ، أنَّى لي هذه؟ فيقولُ: باستغفارِ ولدِكَ لكَ"، كما حث على قراءة الفاتحة للموتى لحديث أم شريكٍ رضي الله عنها قالت: "أَمَرَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَن نَقرَأَ على الجِنازةِ بفاتِحةِ الكِتابِ" رواه ابن ماجه لما فيها من رحمة ومغفرة ليست في غيرها، ويقول عليه الصلاة والسلام: "أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ".
ويستحب كثرة الدعاء للميت بالرحمة والمغفرة لأنهما الأساس في دخول الجنة، إذ ندعو الله أن يعامل الميت بالعفو والإحسان لا بالعدل، حيث أن أعمال المسلم ليست ضمانة لدخول الجنة مهما كثرت، بل تشفع له عند الله وتقربه من الجنة، والدعاء للميت بالرحمة والعفو ومغفرة الذنوب يدخله الجنة بإذن الله.