بعد تبديله من إغاثة المكروبين.. الوعي الرشيد موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة، اليوم، في جميع مساجد مصر، تحت عنوان: الوعي الرشيد، وأثره في مواجهة التحديات، وذلك بعد تغيير موضوع الخطة مرتين خلال اليومين الماضيين.
وكانت وزارة الأوقات حددت الأسبوع الماضي أن يكون موضوع الخطبة اليوم فضل إغاثة المكروبين، لتعلن بعد ذلك تغيره إلى عهد الأمان ومفهومه والحقوق المترتبة عليه، والذي جاء تزامنًا مع الحادث الذي وقع في الإسكندرية وأسفر عنه مقتل سائحين إسرائيليين، ثم أعلنت الوزارة للمرة الثانية تغير العنوان لتستقر على موضوع الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات.
نص خطبة الجمعة
وجاء نص الخطبة كالتالي: الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا ونبينا محمدًا عبده ورسولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين، فإن الوعي بقيمة الوطن، وبالتحديات التي يواجهها، وبالمخاطر التي تحيط به، أمر لا غنى عنه، خاصة ونحن في مرحلةٍ شديدة الحرج في تاريخ منطقتنا.
المخاطر جسام والتحديات هائلة والأعداء بنا متربصون والأمرُ أقرب ما يكون إلى زمن الفتن التي تجعل الحليم حيران لشدة اختلاط الأمور، واضطرابها، وتقلبها، اللهم إلا على من من الله عليهم بالحكمة والخبرة وإدراك الواقع وحجم التحديات.
وإن الوعي بالمخاطر يحتاج إلى الدراسة والفهم والتحليل وإعمال العقل الذي كرم الله (عز وجل) به الإنسان حتى يميز بين الصالح والطالح، حيث يقول سبحانه: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، ويقول سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي أنشأ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}، وقد نعى القرآن الكريم على أولئك الذين لا يعملون عقولهم في التفكر والتدبر، ولا يستخدمونها فيما خلقت له فقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ. ولعل من أخطر التحديات التي تواجهنا تلك التحديات التي تهدد أمننا واستقرارنا في أوطاننا، فالأمن نعمة من أجل نعم الله عز وجل على الإنسان، حيث يقول سبحانه: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ.
فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}، فبدون الأمن والأمان لا يهدأ للإنسان بال ولا تطمئن له نفس ولا يهنًا بالحياة حتى لو أوتي الدنيا بحذافيرها، فسعادة الدنيا ونعيمها في تحقق الأمن والاستقرار، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سريهِ، مُعَافَى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)، فبدون الأمن لن تقوم دولة، ولن يطمئن أحد على نفسه أو أهله أو عرضه أو ماله.
ومن أجل الحفاظ على الوطن وأمنه وأمانه يجب علينا أن نكون جميعًا في يقظة ووعي وحيطة وحذر، وأن نستفيد من تجارب الحياة وخبراتها قال تعالى: يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِدْرَكُمْ، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: لا يُلْدَعُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ. ولنعلم أن حفظ ودوام أمن وطننا أمانة في أعناقنا جميعًا، كل في مجاله وميدانه كيف لا؟ والحفاظ على الوطن من أهم الضروريات لحفظ الدين وبقاء الدنيا، فبدون الوطن لن نتمكن من عبادة الله (عز وجل) وبدون الوطن لن نستطيع إعمار الأرض التي أمرنا الله (عز وجل) بإعمارها.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. إن الحفاظ على أوطاننا في هذه المرحلة الدقيقة يتطلب منا أمورًا، أهمها: 1- الالتفاف صفا واحدًا خلف دولتنا وقيادتنا فهذا وقت الالتفاف الوطني الخلاف ولا الفرقة.
وينبغي ألا يجعل كل منا من نفسه مفتيًا وخبيرا فيما لا يعلم في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى رأي أهل الخبرة والاختصاص، وإسناد كل أمر إلى أهله المختصين به الخبراء فيه دون سواهم حتى يصير الأمر إلى فوضى أو فتنة لا تبقي ولا تذر. ٢- ألا نسير خلف الشائعات وأن نتيقن ونتثبت دائمًا من الحقائق، حيث يعمد أهل الشر دائما إلى بث الشائعات والأكاذيب وألا ننساق خلف جماعات الهدم التي لا تريد لنا ولا لوطننا خيرًا، وهنا يأتي دور العلماء والمفكرين والكتاب والإعلاميين في بناء الوعي الرشيد.
ويجب أن نعمل بكل قوة على النهوض بمجتمعنا ووطننا علميًا وثقافيًا واقتصاديًا بمزيد من الجهد والعرق والعمل والإتقان، فقد حتَّنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على العمل وإتقانه، فقال: مَن بات كالا من عمله بات مغفورا له، ويقول صلی الله عليه وسلم: إن الله تعالى يُحِبُّ إذا عمل أحدكم عملا أن يُتقنه. فعلی شبابنا أن يدرك أن الوعي الحقيقي هو البناء لا الهدم، والإعمار لا التخريب وعليهم أن يقتحموا الصعاب وأن يواجهوا التحديات بعزيمة قوية وروح وثابة نحو البناء والتعمير وعمارة الكون وحب الخير للناس جميعًا، مؤمنين بحق الجميع في الحياة الكريمة، بغض النظر عن الدين أو اللون، أو الجنس أو العرق وإننا لندعو إلى حقن الدماء وعدم ترويع الأمنين، آملين أن يستيقظ ضمير البشرية قبل فوات الأوان لنعمل جميعًا على إحلال السلام الإنساني محل الدمار والقتل والتخريب.