رحنا نجيب هويتنا مالقيناش دارنا.. أم فلسطينية تروي كواليس مروعة عاشتها مع أبنائها جراء القصف | خاص
في ليل مظلم صوت الضرب والانفجارات يدوِّي في كل مكان، خرجت أم محمد حاملة ابنها على كتفها مهرولة تحاول النجاة من القصف هي وأبناؤها، لتتمكن من الهرب وحفظها الله في هذه المرة ونجت من الموت هي وأبناؤها.
روت صبوحة أو أم محمد، وهي فلسطينية من قطاع غزة وأم لولدين زين ومحمد، لـ القاهرة 24: طلعنا بشكل مخيف من ديارنا، كنا بنسير على الأشلاء اللي نفد نفد واللي عاش عاش، مات كتير واتصاب كتير.
كانت أم محمد تقضي ليلتها في ذعر وخوف شديد مع أولادها، وإذا بهم يسمعون صوت القصف يدوي في كل مكان حولها، لتهرع صبوحة مسرعة للنجاة هي وأولادها، موضحة: تخيلي تطلعي بنص الليل والقصف فوق راسك، يا الله أقسم بالله لسه ما قادرة أفوق من الحلم، ولادي معهم حالة نفسية ابني ما بيقدر ينام، ويشعر بالخوف والهلع مرددا: طخ صاروخ راح موت.
كانت تسكن أم محمد في منزل عائلة كل طابق يسكنه أحد أفراد العائلة، وعندما تعرضوا للقصف لم يتمكن كل أفراد العائلة من النجاة: مرات عمي وولاد عم أولادي لسه ما طلعوا من تحت الدار اللي كان أربع طوابق.
وأردفت صبوحة العادلي: احنا ناس مدنيين أقسم بالله، إحنا تعبنا انجدونا واطلعوا علينا ساعدونا.. دخيلكم ساعدونا مش قادرين نتحمل أكتر من هيك.
لم تتمكن أم محمد من أخذ أي شيء من ممتلكاتها مشيرة: طلعنا بطولنا.. ابني مشعلق برقبتي وبجري وبقول يارب أنا موت بس ما يصرلوا شيء.. كنت حامل في الشهر السادس وموتوها.
واستكملت أم محمد: احنا طول عمرنا بنات عز ما نزلنا.. يارب يصبر قلبنا الله يصبرنا، ليش هيك يصير فينا ياريت متنا ولا نشوف ديارنا راحت وحياتنا وأهلينا الله يرحمهم ويتقبلهم شهداء.. الفراق صعب.
وواصلت أم محمد: بتعرفوا كم ديار راحت، ما بنعرف إذا كنا هنعيش ولا لأ، طيب إذا خلصت الحرب وضلينا عايشين وين بدنا نروح.. رحنا نجيب هويتنا مالقيناش دارنا وين؟.. مبنعرفش نميزه من الركام.
وأنهت كلامها: احنا مش بخيرٍ، ولا شيء يضاهي خساراتنا ولا يعوضها، والله ما عاد في القلب متسعٌ لكل تلك الفواجع.. أحلامنا وذكرياتنا وكل ما نملك نراه رمادا أمامنا وما باليد حيلة، كم هو موجعٌ شعور العجز، وكم هو مميت رؤية أحبتنا يفارقون الحياة تاركيننا خلفهم نعاني وجع الفقد والألم ونلملم شتات أنفسنا.