مخرجات الملتقى الفقهي الرابع لمركز الأزهر للفتوى بشأن دور مؤسسات الفتوى في دعم القضية الفلسطينية
ألقى الدكتور أسامة الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، البيان الختامي للملتقى الفقهي الرابع الذي عقده المركز تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»، حيث تضمن البيان مخرجات وتوصيات الملتقى الذي عُقد اليوم الاثنين بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر بالقاهرة، بحضور نخبة من علماء الأزهر والمفكرين وقادة الرأي وحضور وعاظ الأزهر والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي وشباب الجامعات.
مخرجات وتوصيات الملتقى الفقهي الرابع لمركز الأزهر للفتوى «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»
وتحدث خلال الملتقى فضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وسعادة السفير الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي البارز والرئيس السابق لمكتبة الإسكندرية، وفضيلة الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
وقال: وقد هيَّأ اللهُ سبحانه وتعالى الزمانَ والمكانَ والإنسانَ للأزهرِ الشريف، وهيأ الأزهرَ لتحمل أمانةِ الرسالة من بعد القرون الثلاثة الأُوَلْ، والدفاعِ عن قضايا الأمة بأسرها عبر الأزمان المتعاقبة، مضيفا: وإنَّ قضية فِلَسطين كانت وما زالت ملءَ قلب الأزهرِ وعقله، ووجدانهِ وفؤادهِ، مواقفُهُ حيالَها واضحةٌ، وكلماتُهُ في نصرتها كانت وستظل مؤثرةَ ومدوية.
وجاءت مخرجات وتوصيات الملتقى، كالتالي:
- وحدة الأمة في أوقات الأزمات فريضةٌ دينيةٌ وضرورةٌ إنسانية، لا وقت فيها لمصلحة شخصية أو نزعة قبلية، وإذا كان الاتحادُ واجبًا في الظروف العادية؛ فهو في وقت الأزمات أوجب، بل يأتي على رأس فروض الأعيان، حتى نستطيعَ مواجهةَ خطرِ نزل ببلادنا، لا أقول: من الجهات الأربع، بل دائرة سوء لا مخرج منها إلا بالاعتصام بحبل الله، والانتقال من دائرة العبث، إلى الاجتماع على كلمة واحدة.
- في ظل ما نشهده في هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن ندعم مواقفَ الدولةِ المصريةِ، وتوجّهَ قيادتها الحكيمة في تقدير الموقف؛ منطلقين من القاعدة الشرعية القائمة على إدراك المصالح العامة والمفاسد وتغليب أخف الضررين، ونرى أن الخروج عن رؤية ولي الأمر في وقت الأزمات، باب من أبواب الفتنة، بل جريمة من شأنها شق صف الأمّة وإضعاف شوكتها.
- في ضوء ما سبق من ضوابط دينية ووطنية، يجب على الأمة العربية والإسلامية مساندة الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه المسلوبة والدفاع عن ثرواته المنهوبة، وحماية عِرضه ورفض نزوحهم وتهجيرهم وتصفية قضيتهم، حتى يزول هذا الكيانُ المحتلُ الغادرُ الغاشم عن هذه الأرض المباركة. –بعون الله ومدده-.
- مشاهد التدمير وقتل الأطفال والشيوخ والنساء على أرض غزة وفلسطين التي يقوم بها الاحتلالُ الغادر؛ لم تَزِدْ أُمَّتُنا إلا ثباتًا وتمسكًّا بقضيتنا وأقصانا، وأحيت في ضميرنا وشبابنا وأطفالنا قضية كاد الصهاينة ومعاونوهم بمرور الأيام أن يهيلوا عليها التراب.
- إن انتهاج سياسة التماهي والاندماج مع الكيان الصهيوني الغاصب، والتبرير له يعدُّ دعمًا له في جرائمه المنكرة، ومشاركةً له في المجازر الوحشيّة التي يرتكبها يومًا بعد الآخر في اعتداءات بربرية، وانتهاكات صارخة لرسالات السماء وشرائع النبيين.
الأزهر للفتوى: سقطت الأقنعةُ عن وجوه مُدعي الحضارة الذين تغنوا بالحقوق والحريات
- سقطت الأقنعةُ عن وجوه مُدَّعيِ الحضارة، الذين طالما تَغَنَّوْا بالحقوق والحريات، وزعموا أنهم دعاة التسامح والتعايش والسلام؛ حينما انتهجوا سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والتعامي عن الحقائق، حتى بدا للناظر بوضوح أن هذه الدعوات قد اختزلت في دعم الشذوذ، والنيل من مقدساتنا وديننا الحنيف، بزعم حرية الرأي والتعبير.
- المساواةُ بين الضحية والمجرم جريمةٌ نكراءُ، لا يقول بها إلا كلُّ مُتنكِّر لدينه وهويته، مُتنكِّب لوحي السماء، وهدي الشرائع، ورسالات النبيين، ومضيع للحقوق، ظالمٍ لنفسه، مشاركٍ في دماء المستضعفين.
- المحاولات المستمرة لضرب استقرار الأمة؛ مخططٌ قديمٌ حديث لا يخفى على ذي عينين، والدور الفاعل للدولة المصرية في الميدان؛ لرد العدوان وإدخال المساعدات، والسعي الدؤوب لجمع شتات الأمة، واتخاذ إجراءات فاعلة، لإعادة إحياء القضية الفلسطينية بقوة في وجه عدو باطش؛ هو من ركائز الإيمان ودعائم قوله – صلى الله عليه وسلم- «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله».
- يؤكد مركز الأزهر العالميُّ للفتوى الإلكترونية أن حق الأمَّة الإسلامية والعربية في فلسطين و"القدس الشريف" حقٌ دينيٌ ثابتٌ أكدته النصوص الدينية القطعية، ونُصرَتُهُ قضيةُ محوريةُ أساسيةُ لن نَكِلَّ أو نَملَّ من التذكير بها، أو الدفاع عنها، ويقابلُ هذا الحقَّ واجبُ الدفاع عن هذه القضية بكل ما أوتيت الأمة من قوّة ومقدرات.
- نؤكد أن الكيانَ الصهيونيَّ اللقيطَ الأثيمَ ليست له أيُّ حقوقِ دينية أو تاريخية في القدس وفلسطين، وأن ما يذكره في هذا السياق ليس إلا أوهامًا تدخل في جملة ادعاءاته الباطلة، لا أساس لها من الصحة، كما أنه لا يمكن أن يكون دليلًا مُسوِّغًا له فيما يرتكبه من جرائمَ وحشيةٍ، ومجازرَ همجيةٍ تشيب لها الولدانُ في حق الشعب الفِلَسطيني المكلوم المظلوم.
- لا يجوز للمسلمين في بقاع الأرض عامةً وأهلِ فلسطين خاصةً التخلي عن قضية "القدس الشريف" أو المزايدةُ حولها، أو تغليبُ المصالحِ الشخصيةِ عليها، وأنه إذا ما وقعت الأمةُ في هذا المنزلق فقد ارتكبت أمرًا شنيعًا، ومحذورًا كبيرًا، وجُرمًا عظيمًا لن تمحوه الأيام والسنون، وسيعرضُ في كتابِ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، في يوم العرض الأكبر "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ"
- يجب علينا أن نتوارث حقنا في القضية الفلسطينية وأن نورثهُ أَبناءَنا والأجيالَ القادمة، وأن نغرس فيهم العقيدة الراسخة التي تقضي بأحقيتنا الإسلامية والعربية في أرضنا ومقدساتنا، وأن تكون مواقِفُنا التاريخية القوية والواضحة تجاه هذه القضية نبراسًا يهتدون به على مر التاريخ، ولا شك أن موقفَ الأزهرِ الشريف من هذه القضية على مر التاريخ واضحٌ وضوح الشمس في كبد السماء.
- نؤكد القيمة الكبرى للفتاوى الدينية، وأنها لا تقل أهمية عن الأدوار السياسية والدبلوماسية والحقوقية في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن المستضعفين والمظلومين، سيما في هذا الموقف الذي يدعو فيه حاخامات الصهاينة من خلال فتاواهم إلى إبادة جماعية للفِلسطينيين في تحدٍ صارخ لهدي السماء، حيث كتب عليهم "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ " وتأثيرُ الفتوى في نصرةِ قضايا الإسلامِ على مر التاريخ معلوم مرقوم.
- إن عقْد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لهذا الملتقى اليوم هو جزءٌ من رسالة الأزهر الشريف في نشر الوعي الصحيح حول القضية الفلسطينية العادلة، واحتواءِ عواطف المسلمين عامةً والشبابَ خاصة تجاه قضيتهم الدينية ومقدساتهم المحتلة، وقطعِ الطريق على أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة التي تستغل الأحداث والعواطفَ في استقطابِ الشبابِ لأفكارهم الهدامةِ باسم الدين، والتي طالما عانت منها الأمة كثيرًا قديمًا وحديثًا.