صمود حماس في وجه الاحتلال.. سيناريوهات نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة
ساعة تلو ساعة ويومًا تلو الآخر ترتفع أيدي العرب والمسلمين وغيرهم من مختلف الجنسيات والديانات حول العالم دعاءً وطلبًا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، علّ ادعائهم وأمانيهم تتوصل إلى الحفاظ على قطرة دماء طفل أو امرأة او أيٍ من أبناء القطاع، الذين فقدوا أكثر من 11 ألفًا حتى كتابة هذه السطور، منذ بداية الحرب الغاشمة في السابع من أكتوبر الماضي، وأملا أيضًا في وقف سيل الدماء المنهمر من أجساد الفلسطينيين العزل أسفل القنابل المتساقطة من طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
على الصعيد السياسي لم تتوقف دعوات الحكومات والدول وفي مقدمتهم الدول العربية والإسلامية لوقف إطلاق النار في القطاع المكلوم؛ دعوات صاحبها إدانات عدة وإشارات غاضبة وإجراءات ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي جاء في مقدمتها القرار المقدم من قبل الدول العربية إلى الجمعية العام للأمم المتحدة بشأن دعوة الاحتلال لوقف إطلاق النار في غزة والذي جرى التصويت لصالحه بأغلبية ساحقة دلت على رفض المجتمع الدولي لجرائم إسرائيل المستمرة في القطاع، وتبعه بعد ذلك قرارًا آخر صوتت عليه الجمعية العامة أيضًا يقضي بالدعوة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، إلا إن جميع التحركات الدولية والعربية والإسلامية لم توقف آلة القتل الإسرائيلية المنطلقة لنحو أربعين يومًا على أجساد الفلسطينيين.
تغير في الموقف الأوروبي والأمريكي
إلا أن الأيام الماضية شهدت تحركات عدة على الصعيد الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي الأعنف على قطاع غزة، ففي أمريكا وأوروبا حلفاء تل أبيب وداعميها في استمرار القتال داخل قطاع غزة، فقد جاءت التصريحات الرسمية من قبل الرؤساء ووزراء الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية متراحمة ولو قليلا، مع المدنيين في قطاع غزة، وذلك بمطالبتهم الاحتلال الإسرائيلي المحافظة على أرواح المدنيين في القطاع، والحد من جرائمه التي تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وذلك بالتزامن مع تظاهرات عدة شهدتها عواصم العديد من الدول الأوروبية وأمريكا تطالب حكوماتهم بوقف إطلاق النار في غزة والكف عن دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا.
حال الدول الأوروبية وأمريكا ألقى بظلاله على حلفائهم في تل أبيب بخروج بعض من مسؤولي الاحتلال للتصريح بشأن شروط وإمكانية توقف الحرب في قطاع، فوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، صرح في عدة مؤتمرات صحفية أن الحرب تهدف إلى القضاء على حركة حماس وذراعها العسكري المتمثل في كتائب القسام، وذلك عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، قبل أن يخفف من تصريحاته في الأيام الأخيرة، بأن أبرز الأهداف ترتكز حاليًا على إعادة المختطفين من قبل حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية في ذات العملية، وهو ما جاء مصحوبًا بأنباء عدة بشأن مفاوضات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، تتطور وتصل إلى مراحل متقدمة تارة وتتوقف تارة أخرى، إلا أنها لا زالت مستمرة بجهود مصرية وقطرية، سعيًا إلى التهدئة في القطاع، وذلك بالتزامن مع التغير الأبرز المتمثل في وقف القتال التكتيكي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدة 4 ساعات يوميًا في مناطق عدة، حسبما أعلن البيت الأبيض الأمريكي نهاية الأسبوع الماضي.
الحرب ستتوقف بعد أسبوعين
وفي ذات السياق الإسرائيلي خرج أمس الاثنين وزير الخارجية في تل أبيب إيلي كوهين، في مؤتمر صحفي، معلنًا أنه أمام إسرائيل ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع لتحقيق أهدافها العسكرية في قطاع غزة، قبل أن تصبح الضغوط الدولية للموافقة على وقف إطلاق النار ساحقة، منوهًا أن حكومة بلاده تشهد ضغوطًا سياسية كبيرة لوقف القتال، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإنساني بالقطاع، وأن الصدمة الدولية من طوفان الأقصى 7 أكتوبر الماضي بدأت تتضاءل، وأن هناك مساعي عالمية تتسارع ولو بشكل ضئيل لوقف إطلاق النار نهائيًا.
في حين يرى الدكتور هاني المصري مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، في تصريحات لـ القاهرة 24، أن الحرب ستتوقف عندما تصبح خسائر استمرار أحد طرفي القتال أكثر من أرباحها أو بانتصار كبير لأحد الأطراف على الآخر في ساحات القتال بقطاع غزة، مشيرًا أيضًا إلى أن القتال يمكنه التوقف بشكل كلي حال التأكد من امتداد الصراع إلى جبهات عدة فتل أبيب تخشى التوسع في القتال بشكل كلي على عدة جبهات في آن واحد، وإن كانت تعلن عكس ذلك.
سيناريوهات وقف الحرب على غزة
سيناريوهات المصري التي أشار إيها تتمثل، في صمود المقاومة الفلسطينية من قبل حركة حماس وغيرها من الفصائل في وجه القوات البرية الإسرائيلية وتكبدها خسائر فادحة، ما يتسبب في خسائر بصفوف الجنود الإسرائيليين من جانب وخسائر في المعدات من جانب، وخسائر اقتصادية إثر استمرار القتال من جانب آخر، كما تشمل امتداد القتال إلى ساحات عدة من بينها الضفة الغربية في المقام الأول.
فيما أن الخروج الشمال لفلسطينيي الضفة حسب مسؤولين عسكريين أمريكيين لصحيفة نيويورك تايمز، من شأنه من أن يزيد من الضغوط العسكرية والاقتصادية على جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومشاركة حزب الله بشكل كلي في الصراع، بيد أن هذا الخيار الأخير مستبعد خوفًا من مواجهة حزب الله وجهًا لوجه مع القوات الأمريكية المساندة لإسرائيل، وتول الحرب من فلسطينية إسرائيلية إلى حرب إقليمية.
كما تكمن أحد سيناريوهات وقف الحرب في قطاع غزة، في إمكانية استمرار التظاهرات العالمية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والقارة الأوروبية، وتأثيرها على صانعي القرار بتلك الدول المؤثرة في القرار الإسرائيلي للضغط على تل أبيب ووقف القتال، في حين أن السيناريو الأخير وهو الأكثر صعوبة يتمثل في استخدام أوراق القوة من قبل الدول العربية من خلال تنفيذ قرار كسر الحصار على قطاع غزة الصادر من القمة العربية والإسلامية؛ لتغير الموقف جذريًا.
إلا ان المفاوضات السياسية بوساطة قطرية تارة ومصرية تارة أخرى تعد أبرز الطرق البارزة في الوقت الحالي للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس بشأن المختطفين ووقف إطلاق النار، وإن كان جزئيًا بالتوصل إلى هدنة لعدة أيام مقابل الإفراج عن عدد من المختطفين إلا ان ذلك الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى كسر كبير في الجمود التفاوضي بين الطرفين منذ بداية القتال في السابع من أكتوبر الماضي، أملا في التوصل إلى اتفاق يوفق سيل دماء الفلسطينيين، ووقف آلة القتل العبرية.