الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الفارون من الموت في غزة.. الحيوانات والطيور شاهدة على تغريبة 2023

الحيوانات أثناء النزوح
أخبار
الحيوانات أثناء النزوح من غزة
الثلاثاء 14/نوفمبر/2023 - 05:16 م

وجوهٌ شاحبةٌ، ودموعٌ تعبر عن حجم المعاناة، وملامح الأطفال تحكي عن الأحلام المحبوسة، والمرارة والحسرة تعلو جبهات الكبار، بينما تخطو الأقدام نحو مصيرٍ مجهول، هكذا نزح مئات الآلاف من سكان غزة نحو الجنوب، تاركين ديارهم، بعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ولم يجدوا أمامهم سوى الفرار من الموت، وسط قصف إسرائيلي متواصل على القطاع لا يفرق بين كبير وصغير، مسلح ومدني، إنسان وحيوان، وكما بقي الركام والدمار شاهدا على الدمار الذي حل بالديار، بقيت الحيوانات والطيور شاهدة على ما عُرف بـ تغريبة 2023، وجرائم الاحتلال.

قبل أيام، بدأ مئات الآلاف من سكان شمال غزة في النزوح، بعدما ضاقت بهم السبل في البحث عن مكانٍ آمن، ورغم الألم والحرب، وترك الديار بما فيها، لم يتخلون عن الحيوانات والطيور وسط تصاعد وتيرة القصف على القطاع يومًا بعد الآخر، ولم يتركوهم يواجهون المجهول وحدهم، فكانت رفيق رحلتهم للجنوب، وشاهدة على المعاناة التي تكبدوها.

لم يتركوهم للمجهول 

لم تنجح الحرب في قصف إنسانية النازحين، فغيرَ مبالين لمأساوية الأحداث، وفي مشاهد تغلب عليها العفوية، حمل الفارون من القصف الإسرائيلي، حيواناتهم وطيورهم الأليفة معهم، في رحلة استمرت نحو 5 ساعات، دون كلل أو ملل، وصولًا إلى الوكالة في الجنوب، وبنفس انشغالهم بمصيرهم، انشغلوا برفقائهم الأليفة، يفكرون في توفير حياة آمنة تعيد إليهم الطمأنينة، "إيش الفرق بينها وبين الإنسان، لو مكنش عندها أكل بتجوع، لو مكنش عندها مية بتعطش، لو اتعرضت لقصف بتخاف، هو الشكل والصوت بس، لكنهم بيحسوا، وأوقات ما بتعرف تعبر عن ده"، كما يقولون.

بنكلمهم نواسي فيهم

بشوف الرزق على وجهه، كان هذا السبب كفيلًا لأحد شباب شمال غزة النازحين، لاصطحاب “قطه” معه في هجرته من الديار، حيث يحكي في لقاء للصحفية الفلسطينية مريم أبو دجا، عن الرعب الذي سكن قلب قطه، جراء القصف ومشاهد الدمار وأصوات القواذف، والذي ظهر وهو يرتجف، "الحيوان بيحس"، وفي محاولات للتهدئة من روعه، كان يُدلِّلُه الشاب الفلسطيني، محاولا التخفيف عنه من خلال الحديث معه، "كنت بكلمة وبواسي فيه بيفهم علي".

رجفة القط شاهدة على الجرائم

ما أن شعر "القط"، أن أصحاب المنزل على وشك الرحيل بعد ما حل بهم، حتى دخل في حالة صعبة من الخوف والقلق، منع الأكل واستغنى عن الشرب، وبقي وحده دونهم، يجلس شاردًا يرتجف جسده كثيرًا، "ورغم أني حامله وشارد، بس لسه بيرتعش"، كما يكمل الشاب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن القط شهد على أفعال الاحتلال منذ العدوان على أهالي غزة وحتى النزوح، مثله مثل عشرات الحيوانات الأليفة التي عايشت تلك اللحظات.

براءة العصافير

داخل إحدى مدارس خان يونس، المكتظة بآلاف الفلسطينيين الفارين من الإبادة بغزة، افترش النازحون أرضًا بفناء المدرسة، ووسطهم طفلٌ لم يتخطَّ الثالثة عشرة من عمره، على كتفه عصفوره وبيده طعامه، غير مبالٍ بقلة الزاد لديهم أو الحصار المفروض من قبل قوات الاحتلال، كل ما يشغله أن يحافظ على صديقه العصفور من القصف الذي لا يفرق بين إنسانٍ وحيوان، ويقول وهو ينظر لعصفوره، الذي شهد على جريمة الاحتلال لقصف المنزل، "كان ممكن النار تطوله وخايف عليه من الموت".

الطفل عزمي دياب وعصفوره

وفاء تحت القصف

وسط دوي الانفجارات وأصوات الصواريخ ومشاهد القصف، فرّ الطفل عزمي دياب، وسط أسرته، حاملين القليل من الأمتعة، تاركين منازلهم وأغراضهم المهددة بالإبادة العشوائية، من قبل احتلال غاشم لا يفرق بين صغير وكبير، كما يقول الطفل: المشاهد حقيقي مأساوية وصعبة والوضع سيئ، ورغم قسوة المشاهد، فإنه لم يتخلَّ عن رفيقه، حيث يتذكر وقت أن حمل العصفور صغيرًا حتى كبر، يتطلع إليه، يطعمه ويُدَلِّلُه، بينما يخشى عليه الموت أو القصف، "أنا بحبه وربيته من وهو صغير، ومش متخيل إنه ممكن يموت، عشان كده بحاول أحافظ عليه"، في إشارة إلى أن الاحتلال غاشم وأعمى منزوع الإنسانية.

القط لولو

في كل مرة تسمع فيها "لولو" أصوات القصف، كانت ترتجف وتهرول في المنزل بحثًا عن مكان تختبئ فيه، فكما هي مشاعر سكان المنزل في رعبهم ساعات الضربات الإسرائيلية كانت الحيوانات "بتخاف زيها زينا"،  كما يقول صاحبها الطفل الغزاوي صاحب العشر سنوات محمد نصار، والذي يشير إلى أن قطته غالبًا ما كانت تختبئ في حضن "سته"، ما دفعه لاصطحابها معه في نزوحه من الشمال، لتكون شاهدة على الهجرة كما شهدت على همجية الاحتلال.

الطفل محمد نصار والقطة لولو

إيش الفرق بينها وبين الإنسان؟!

وبوجهٍ رائق القسمات، تعلوه ضحكة خاطفة، يسرد الطفل الفلسطيني، تفاصيل إنقاذ "البسة" من القصف في الشمال ونزوحها للجنوب، والتي كبّدته فوق سعرها، إلا أنه لم يُبالِ حبًا فيها، وسط الظروف القاسية التي يعايشها "غرّمتني 250 شيكل عشان أجيبها، بس هي الصديق بالنسبة إلى ومعزّتي كتير لها.. حبيبتي"، مؤكدًا أنه اصطحبها خوفًا من أن تُشرَّد، وكذلك أمانًا لها من رعب استمر معها نحو شهر تحت القصف في غزة، ويختتم حديثه: "إيش الفرق بينها وبين الإنسان، هي بتحس، لو ملقيتش أكل بتجوع، لو مفيش مية بتعطش، ما فيه فرق بينها وبين الإنسان غير الشكل والصوت فقط".

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهناك عشرات المشاهد المأساوية التي عايشتها الحيوانات الأليفة في قطاع غزة، ما بين خوف من قصف، وإنقاذ من تحت الركام، وموت في انفجار، وصولًا إلى التهجير خوفًا من الدمار، وكانت “القطط، والعصافير والكلاب والدواب”، في كل هذه المواقف شاهدة على جرائم الاحتلال وتغريبة 2023 لأهالي قطاع غزة.

قصف حصان “كارو” كان مخصصا لنقل المصابين
تابع مواقعنا