موضوع خطبة الجمعة اليوم.. التمسك بالأمل وإتقان العمل وقت الأزمات| نص الخطبة
حددت وزارة الأوقاف عنوان التمسك بالأمل وإتقان العمل وقت الأزمات، موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم 17 نوفمبر 2023، في جميع مساجد مصر، وجاء نص الخطبة الكامل كالتالي:
نص خطبة الجمعة اليوم
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرِ يُسْرًا}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم |الدين، وبعد:
في والأمل والإيمان قرينان متلازمان لا ينفكان فالمؤمنون هم أعظم الناس أملا فإن الأمل هو شعاع النور الذي يبدد ظلام اليأس في القلوب، وهو القوة الدافعة للإنسان التي تبعث فيه العزيمة والقوة والإرادة والحياة رغم صعوبتها وتحدياتها مفعمة | بالأمل، فلا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، ولولا الأمل ما ذاكر طالب ولا اجتهد ولولا الأمل ما زرع زارع ولا حصد ولولا الأمل في النصر والرفعة وبلوغ الجنة ما افتدى الشهداء أوطانهم بأرواحهم.
الله (عز وجل)، وأكثرهم تفاؤلا واستبشارًا، وأبعدهم عن اليأس والتشاؤم ولم لا ؟ والله | (عز وجل) يقول في الحديث القدسي: أنَا عِنْدَ ظَنْ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي)، فمن كان مع الله كان الله معه والمؤمن الحق إذا أصابه كرب أو شدة لم ينقطع أمله في تفريج الله تعالى الكروب، وكشفه سبحانه الضر والهموم، واثقا في وعد الله (عز
وجل أن مع العسر يسرا، وأن مع الشدة فرجًا، حيث يقول الحق سبحانه: {فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، ولا يغلب عسر يُسرين، يسرا قبله ويسرا بعده. فعلينا أن لا نيأس وألا تحبط وألا نكتئب وألا نفقد الأمل والثقة في الله (عز وجل قرب العزة جل وعلا،قادر، حيث يقول سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، ويقول (عز وجل): {مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِك لها.
والمتأمل في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم يدرك أنه كان صلوات ربي وسلامه عليه يبث روح الأمل والتفاؤل في قلوب أصحابه رضي الله عنهم بمستقبل مشرق وغد باهر واعد على الرغم مما أصابهم من شدة وأزمات، فكان عليه الصلاة والسلام يحب الفأل ويكره التشاؤم، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (وَيُعْجِبُنِي الْفَأَلُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَةُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ)، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: (بَشَرُوا وَلَا تُنفُرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَبِّرُوا)، ويقول (عليه الصلاة والسلام: (وَاللَّهِ لَيُتِمَّنْ هَذَا الأَمْرَ... وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُون)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).
ولذلك فقد عد العلماء الإحباط واليأس والتينيس والقنوط من رحمة الله (عز وجل) من الكبائر، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): {وَمَن يَقْطُ رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُونَ)، ويقول سبحانه في سورة سيدنا | يوسف عليه السلام): {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ، فالحياة بلا أمل من شاقة عابسة، نسأل الله (عز وجل) طيب العيش، وسعة الصدر، وراحة البال.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن الأمل الصادق هو المقرون بالعمل والأخذ بأسباب القوة والرفعة والتقدم والنماء، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُم عَلَى اللهِ حَقٌّ تَوَكَّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا)، وأن الأمل بلا عمل أمل أعرج لا يقوم على ساقين، إنما يقوم على ساق واحدة، وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: (لَا يَقْعُدَن أَحَدُكُمْ عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، فَقَدْ عَلِمْتُمْ | أَنَّ السَّمَاءَ لَا تُمْطِرُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةٌ).
على أننا نؤكد أنه لن يهابنا الناسُ ويحترموا ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا هابنا الناس واحترموا ديننا، وهذا ما يتطلب منا إجادة العمل وإتقانه والتميز فيه، كلُّ منا في مجاله، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِيَّه، فبالأمل والعمل وإتقانه تُبنى الأوطان وتتقدم
وترتقي. كما تؤكد على أهمية إتقان العمل ومضاعفة الجهد بجميع جوانب حياتنا في هذه المرحلة الصعبة، فلكل منا دوره للنهوض بأوطاننا، مدركين أن إتقان العمل واجب تحتمه تعاليمنا الشرعية وروحنا الوطنية، وأن العمل حياة وعز وشرف، وقد بين لنا ديننا - الحنيف شرف العمل وأهميته حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (إنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبَيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسُهَا)، فالأمر بالغرس في هذا الوقت إنما هو زيادة تأكيد على شرف الغرس والإحياء وعمارة الكون، فإذا أردت أن تخدم دينك ووطنك فأخلص عملك وضاعف الجهد في كل المجالات".