من هندسة المطرية.. حكاية مصري حصل على بكالوريوس وماجستير الفضاء بألمانيا في 4 سنوات
بتصور صغير في عمر الصبا، نمى المهندس لؤي عصام حالمًا بتحقيق حلمه بالعمل كرائد بالفضاء، ليحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في 4 سنوات فقط، في تخصص هندسة الفضاء من جامعة براونشفايج في ألمانيا في 30 نوفمبر الماضي، بجانب عمله كباحث مساعد في الوقت الآني، وتطوعه عن بعد في الجمعية المصرية لعلوم الفلك في مصر.
يمكث لؤي هادئًا وبوجه بشوش ولسان لين، تعلوه الفصاحة والبلاغة، يقص لنا عن كواليس رحلته وما واجهه من تحديات وعقبات أثناء رحلته الدراسية، مع كيفية تبني مجاله دراسته في المجتمع المصري، قائلًا: بدي شغفي ينمو نحو الفلك، وهناك فرق كبير بين الفلك والفضاء، والدي كان محبًا لعلوم الفلك، وكنا نقطن في الإمارات وكان لدينا تلسكوب، نرصد به السماء في رحلاتنا الصحراوية.. أول مرة تحسست التلسكوب كنت في السابعة من عمري، ومن حينها وأريد أن أصبح رائد فضاء، وبعدها بدأت متابعتي لمجال الفضاء وإطلاق الصواريخ الفضائية، ومشاهدة الأفلام الوثائقية عن كيفية صنعها، وعن مهام الفضاء ومن هنا آتي الاهتمام بعلوم الفضاء.
بدأ الشاب ذو الـ 25 ربيعًا دراسة هندسة الفضاء في ألمانيا في أكتوبر 2019، وحصل على البكالوريوس في أبريل 2022، وتوجه بعدها لدراسة الماجستير فجاءت بدايته في أبريل 2022، جاء تركيزه في تخصصه على 3 جوانب رئيسية، الميكانيكا المدارية والمخلفات الفضائية، والثاني عملية الدخول في الغلاف الجوي، وهذا يتضمن دراسة البيئة المحيطة بالمركبة الفضائية، في سرعات عالية جدًا، والثالث هو التحليل الهندسي والميكانيكي لهيكل الصواريخ وتصنيع الصواريخ.
وانتهى بعمله كمهندس فضاء على أحد أجزاء هيكل صاروخ الفضاء الجديد لوكالة الفضاء الأوروبية أريان 6 في أكتوبر 2023، وهو ما تقوم بتطويره الآن وكالة الفضاء الأوروبية لصاروخ آريان6، والذي لم ينطلق بعد ومازال في مرحلة التجربة ومن المتوقع إطلاقه في مايو أو يونيو 2024.
مهام لؤي الفضائية ليست مقتصرة فقط على تطوير آليات التصميم، بل على الهندسة الهيكلية للصاروخ، وصنع الهيكل الخارجي بكفاءة وقوة حمولة عالية، مع بناء أجزاء مختلفة، كالتنكات أو خزانات الوقود، والمحرك الرئيسي له، قد يحدث تعرقل بعض الشيء للصاروخ فعند انشغاله يتعرض إلى حمولة عالية، فلابد من وجود توازنًا في هيكله، أن يكون متينًا بقدر كاف، وفي الوقت ذاته بوزن قليل يمُكنه لحظة انطلاقه للصعود بسهولة نحو للفضاء.
واجه طالب هندسة المطرية تحديات عدة في طريقه، حيث لم تسلك الرحلة مسارًا مستقيمًا بالبداية، من سفره إلى الخارج الذي تخلله محاولات عدة باءت جميعها بالفشل، بجانب تحدي اللغة ومن ثم الخوض في الاختبارات الجامعية، مرورًا بصعوبة الحياة في ألمانيا، التي يصفها لؤي بالصعبة للغاية، فكانت تلك المعوقات بداية الطريق للحصول على الارتقاء المرجو بما يريد.
وتيرة لؤي الهادئة تُثير فضولك، لمعرفة من هو الأنموذج الذي كان يحتذي به خلال رحلته، يتوقف قليلًا عن الإجابة لالتقاط أنفاسه لأجزاء من الثواني ليُجيب جدي رحمه الله، فقد كان يقتدي به طيلة حياته، يقول: كان جدي شخصًا مُبهرًا لي ولمن حوله، فكان جامعًا بين حب العلم والعطاء لهذا العلم وإيمانه الذي كان قويًا، ومحاضرًا في مجال الهندسة الكهربائية بجامعة أسيوط، وأعتقد أنه شعر بالحزن بعض الشيء لعدم التحاقي بالتخصص ذاته، ولكن سعي تجاه ما أكترث له كان الأهم بالنسبة له، كان أكثر ما يميزه هو أثره الممتد لنا وللمحيطين به سواء كان على معرفة شخصية بهم او غير ذلك، فقدرتك على ترك الأثر النافع بشكل مجهول برأيي هذا جل ما يسعى له الإنسان في حياته.
النجاة من فقدان الشغف
ويقول بنبرة تسودها المسرة، إن النزول إلى مصر، كان داعيًا كافيًا لإعادة شغفه له مرة أخرى حال فقدانه إثر الصعوبات التي واجهها ببداية عيشه بالخارج؛ لارتباطه الشديد بعائلته، كما كان يساعده أيضًا التطوع في جمعية مصر لعلوم الفلك، فكانت تلك إحدى الطرق التي كانت تمكنه من خدمة المجتمع المصري بنشره وحديثه التوعوي عن علوم الفضاء والفلك للمهتمين وغيرهم، وترك هذا الأثر.
علم الفضاء في مصر
يروي لؤي، أنه في سبيل تبني علم الفضاء في مصر، تمكن في أنماط عدة أكاديمًيا أو اقتصاديًا، ففي مجال الصناعة عن طريق شركة تقوم بتوظيف مصريين فتُنمي مهارتهم، والتطبيق في المجالات الأخرى في الفضاء تحديدًا، يحتاج الدعم والحكومة تأخذ اتجاها واضحا بشأن برامج الفضاء؛ لأن برامج الفضاء مكلفة جدًا ومداها طويل والعائد منها يأخذ وقتا، ضاربًا المثل بتجربة الهند، حيث قامت بالبدء ببرنامج فضائي صغير جدًا وصواريخ محدودة، يتم نقلها على عربيات خشب، والآن تعد تجربتها واحدة من أكبر التجارب بالفضاء وتطلق مهمات فضائية للمريخ والقمر وللمدارات حول الأرض، وذلك عن طريق الحكومة كانت تتركز بشكل رئيسي على دعم كل ما هو خاص بمجال الفضاء.