بين الكريسماس ورأس السنة
ليس عيبًا أبدًا أن نتعلم ما نجهله، ولكن كل العيب أن نجهل ما يمكننا تعلمه.
في هذا المقال ستجد عزيزي القارئ معلومات مهمة ولا بد من معرفتها جيدا حتى لا تختلط الأمور.. لأن الجهل دائما مدعاة للفوضى والتخبط، وكل معلومة هي مهمة، مهما كانت، لأن الحريص على التعلم يصبح شخصًا سويًّا متزنًا يعلم ما يقول، ويفعل ولا يسير هكذا مع كل سائر دون وعي أو إدراك.
أصبح من المعتاد كل عام أن نجد بعض المشاهير، وحتى غيرهم من الناس، ينشرون صورهم خلال احتفالهم بالكريسماس كما يقولون، ومن خلفهم ما يسمى بشجرة عيد الميلاد.. وذلك دفعني إلى الكتابة عن هذا الموضوع من منظور فكري، وليس من باب التحريم والتحليل، فلست أهلا للفتوى، وقناعاتي أحتفظ بها لنفسي في هذا الشأن.
وذلك لأنه من الواضح أن كل هؤلاء يجهلون حتى الشكل الصحيح للاحتفال، وموعده من الأساس، ولا يفرقون ولا يعرفون الفرق بين الكريسماس ورأس السنة، والأمر لا يعدو كونه مجرد تقليد دون فهم صحيح، وهذا لا يجوز، خاصة أننا هنا أمام شعيرة دينية تخص فئة معينة من جانب، ومناسبة اجتماعية عادية يمكن أن يحتفل بها كل العالم من جانب آخر.
الكريسماس هو مناسبة دينية مسيحية، ويرمز إلى موعد مولد السيد المسيح عليه، وعلى نبينا السلام، يكون ذلك في ليلة ٢٤ ديسمبر ونهار 25 منه، عند المسيحيين الكاثوليك.
بينما يختلف التاريخ عند الأرثوذكس، ليكون ليلة ٦ يناير ونهار ٧ منه كل عام.. وتعتبر هذه أهم مناسبة دينية في المسيحية بعد عيد القيامة، وبناء على ذلك، فإن الذين يحتفلون من المسلمين بالكريسماس دون معرفة موعده من الأساس، أو حتى رمزيته، ويعلنون ذلك على صفحاتهم الشخصية بموقع فيس بوك، ظنا منهم أن ذلك يتعلق بالعام الجديد، يخطئون، وحتى إذا كان الأمر مشاركة للأخوة المسيحيين من الجيران والأصدقاء أو أبناء الوطن بشكل عام فمن الضروري فهم الأمر وتوقيته، لأنه في الغرب يختلف عنه في الشرق.
أما عن رأس السنة الميلادية فهي ليست مناسبة دينية، وإنما تقليد عرفه العالم، حيث يحتفلون بنهاية كل عام واستقبال آخر، ليلة 29 ديسمبر حتى الساعة الأولى من اليوم الأول لشهر يناير، وذلك تفاؤلا وأملا في خير يأتي مع العام الجديد ليس إلا.. ولكل شخص في العالم حرية الاحتفال بهذا اليوم، مهما كان دينه أو معتقده وليس كما يروج بعص المتشددين بلا علم أنه احتفال عقائدي لديانة معينة.
أما عن شجرة السنوبر أو الأرز الشهيرة التي تعلق عليها الزينة، وتسمى بشجرة عيد الميلاد، فهي أيضا هكذا، مجرد شيء يجلب الفرح والبهجة مثل فانوس رمضان، وغير ذلك من الأشياء عند المسلمين، ولا تعبر عن أي طقس ديني.
وقد كانت معروفة حتى قبل ظهور المسيحية، ويقال أن المصريين القدماء أول من استخدموها، وتعود إلى أسطورة إيزيس، وتنشر بعض النقوش الفرعونية مرسومًا عليها هذه الشجرة، رغم أنها لم تكن تنبت في مصر، وتقول الأسطورة أنها نمت على الساحل اللبناني فوق تابوت أوزيريس وعادت إيزيس من رحلتها لتزرعها؛ ثم وضع المصريون أمنياتهم تحتها.
إلا أنه ارتبط شكلا فقط بالمسيحية الآن، كونها تظهر في الاحتفالات كل عام، وللعلم رفضتها بعض الطوائف قديما، وقالوا أنها رمز يعبر عن الوثنية، ويتعارض مع الفكرة الدينية الخالصة، لكن دعمها مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي في القرن السادس عشر، والذي يعتنقه أغلب الشعب الأمريكي، وهو عبارة عن مزج بين المسيحية واليهودية، قبل أن يضيف على شكلها هذه الزينة التي نراها الآن، وظل الوضع هكذا حتى استقر الأمر عليها مع الوقت، وتم تعميمها على مستوى العالم كمظهر احتفالي مبهج في هذه المناسبة.