خناق وتضييق أم حلول وحوكمة.. معركة بين الأطباء ووزارة الصحة على مشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة
أثار مشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة، الذي عكفت وزارة الصحة والسكان على إعداده في صمت لمدة أشهر، موجة اعتراضات من قبل نقابتي الأطباء البشريين والأسنان؛ لما يحمله من غموض في بعض بنوده واشتراطات تراخيص صارمة، فضلا عن المغالة في الرسوم، والتي أوجست تخوفات لدى الأطباء في القضاء على المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
مشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة في نسخته النهائية، يخضع حاليا لمراجعة الصياغة القانونية له في وزارة العدل، ليعرض بعدها على رئيس مجلس الوزراء للموافقة عليه، ثم يطرح للمناقشة في النهاية بالبرلمان، وفقا لـ مصدر مسئول بوزارة الصحة والسكان، لـ القاهرة 24.
فصول قانون المنشآت الطبية الخاصة
مشروع القانون استعرض في فصله الثاني 10 أنواع من المنشآت الطبية الخاصة، وهم العيادات الخاصة، العيادات متعددة التخصصات، مركز الأشعة، مركز الرعاية الصحية الأساسية وصحة الأسرة، المركز الطبي التخصصي، المركز الطبي العام، مركز جراحة اليوم الواحد، مركز خدمات نقل الإسعاف، المستشفى الخاص، دار النقاهة.
وحدد المشروع في فصله الثالث مدة ترخيص المنشأة الطبية، لتصبح 6 سنوات للعيادات الطبية الخاصة، و3 أعوام لسائر المنشآت الطبية الخاصة، مع إجازة تجديدها مرة أخرى، إلى جانب إنشاء وحدة إدارية مختصة من الوزارة لتيسير إجراءات ترخيص المنشآت الطبية الخاصة، وتولي منح الموافقات والتراخيص.
وأجاز في فصله الخامس للمنشآت الطبية الخاصة الأجنبية من إنشاء فرع لها في مصر، شريطة استيفاء الشروط الفنية للازمة لتشغيل المستشفى الأم بالخارج، ويحدد الوزير عدد الكوادر الطبية والفنية في المستشفى.
فيما نظم في فصله السادس العمل بالمنشآت الطبية الخاصة من خلال مجموعة من الشروط، أبرزها الحصول على موافقة جهة العمل الحكومية للعمل في المنشآت الخاصة، كما أجاز لغير المصريين من الكوادر الطبية العمل بها.
وحدد في فصله السابع رسوم التراخيص وآليات التسديد، وأنشأ في الفصل الثامن صندوق رعاية مقدمي الخدمات الصحية، وتحديد الجزاءات والعقوبات في الفصل التاسع والأخير.
البنود المرفوضة من الأطباء بمشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة
جاء رد فعل النقابة العامة للأطباء لمشروع القانون رافضا له، حيث علل الدكتور أسامة عبدالحي، النقيب العام لـ القاهرة 24، الرفض لما فيه من تهديد لاستمرارية تقديم الخدمة الطبية للمواطن المصري، عبر غلق القطاع الخاص الصغير والمتوسط، الذي تغطي نسبة كبيرة من الخدمات الطبية للمواطنين.
واستعرض الدكتور أسامة، أبرز البنود التي اعترضت عليها النقابة، وهي:
- المغالاة والزيادة في رسوم الترخيص.
- فرض شروط جديدة في التراخيص وصعبة.
- ترخيص المنشأة أولا في الوزارة ثم تسجيلها بالنقابة.
- المركز الطبي يشترط عليه وجود مدخل خاص.
- إلزام المنشآت القائمة في توفيق أوضاعها لمدة عامين.
- إلزام الأطباء العاملين بالقطاع الحكومي بالحصول على موافقة جهة العمل للعمل في منشأة خاصة.
- تضمين عقوبات على أخطاء ومخالفات إدارية بالحبس والغرامة.
- إعادة ترخيص المنشآت الطبية كل 5 سنوات.
مشروع القانون يهدد استمرار المنشآت الطبية الصغيرة والمتوسطة
أرسلت النقابة العامة للأطباء خطابا رسميا لتعبر فيه عن رفضها لبعض بنود القانون، والدعوة للتشاور فيه، قبل الموافقة عليه من قبل رئيس مجلس الوزراء، لكنها لم تتلقى ردا حتى الآن من قبل الوزارة، بحسب قول الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق النقابة العامة للأطباء.
وأوضح الدكتور أبو بكر، في تصريح خاص لـ القاهرة 24، أن النقابة لم تشارك في مناقشة ووضع مشروع القانون، ولم تُدعى من الوزارة خلال فترة الإعداد والعمل عليه، مشيرا إلى أن هذا المشروع في وضعه الحالي وبنوده ستتسبب في غلق الكيانات المتوسطة، والتي تعالج المرضى محدودي الدخل، وذلك لعدم قدرتها على دفع الرسوم المبالغ فيها واستيفاء الاشتراطات الصعبة الموضوعة.
وأضاف القاضي أن هناك اعتراضا على بند توفيق أوضاع المنشآت الخاص، وشروط وجود مدخل خاص للمراكز الطبية، وهو أمر غير قابل للتنفيذ مع المنشآت القائمة، فتطبيق هذا القانون بأثر رجعي، سيدفع الكثير من المنشآت للغلق، فضلا عن المعاقبة بالحبس على مخالفة إدارية.
غضب الأطباء من إعادة الترخيص كل مدة والموافقة الحكومية للعمل الخاص
إعادة ترخيص المنشأة الطبية كل عدة سنوات، وحصول الكادر الطبي على موافقة من جهة العمل الحكومية للعمل في منشآت طبية خاصة، من أكثر البنود، التي أثارت غضب الأطباء، حيث علل أبو بكر القاضي، أنها غير منطقية وتسرع من وتيرة مشكلة التصحر الطبي، ويصبح القطاع الحكومي طاردا للكوادر وزيادة معدلات الهجرة للخارج.
أبدى أمين صندوق نقابة الأطباء تخوفات من السماح للمستشفيات الأجنبية فتح فرع لها في مصر والإدارة بسياسة المستشفى الأم، لما سيترتب عليه من فتح المجال لاستقطاب كوادر طبية من الخارج بأجور أقل، وبالتالي لن يكون هناك فرص عمل أكثر للكادر المصري.
الأسنان تساند البشريين في اعتراضها على مشروع القانون: غير واضح
لم تكن نقابة الأطباء البشريين وحدها المعترضة والمتحفظة على مشروع القانون الجديد، فنقابة الأسنان أبدت كذلك اعتراضاتها على بعض بنود المشروع، حيث أوضح الدكتور إيهاب هيكل، النقيب العامة لأطباء الأسنان، أن هناك اعتراضات على المشروع وجار إعداد قائمة بها، لكن في الوقت الحالي تتلخص في عدم موضوح بعض البنود والمغالاة في الرسوم واشتراط مدخل للمراكز الأسنان.
وقال الدكتور إيهاب، لـ القاهرة 24: تشاورنا مع الوزارة في تعديل إجراءات التراخيص المنشآت الطبية وليس تعديل القانون، مؤكدا على ضرورة التشاور مع النقابات لتوضيح بعض بنود القانون خصوصا تحديد أعداد كراسي الأسنان بالعيادات، واشتراطات وإجراءات التراخيص وهي الجزء الأهم، قبل وضع اللائحة التنفيذية.
واعترض نقيب الأسنان، على تسجيل المنشأة بالنقابة لاحق للترخيص بالوزارة، فضلا عن ارتفاع رسوم الترخيص والتي سيتحملها المريض في قيمة الكشف الطبي، مشيرا إلى أنه في حال مشاركة نقابتي الأسنان والأطباء منذ البداية في وضع القانون لكان أفضل من ذلك.
مقدمو الخدمات الصحية تجتمع الأسبوع المقبل لمناقشة مشروع القانون
وسط موجة الاعتراضات، قررت غرفة مقدمي الخدمات الرعاية الصحية باتحاد الصناعات عقد اجتماع مع أعضاء الغرفة الأسبوع المقبل؛ للتشاور والدراسة بشأن مشروع القانون، للتأكد من تضمين الوزارة مطالبها في التعديل، وفقا للدكتور علاء عبدالمجيد، رئيس الغرفة.
وأشار رئيس غرفة مقدمي الخدمات الصحية، في تصريح خاص، أن الوزارة خلال إعدادها لمشروع القانون تشاورت مع بعض الجهات، منها الغرفة وتقدمنا بعض المقترحات والمطالبات، وسيتم النظر في المشروع للتأكد من تضمين وتنفيذ تلك المقترحات أم لا.
واعتبر علاء عبد المجيد السماح للقطاع الخاص بإنشاء وحدات الرعاية الأولية في مشروع القانون الجديد، بأنها ستكون جاذبة لمشاركة القطاع الخاص في خدمات الرعاية الأولية، خصوصا أن منظومة التأمين الصحي الشامل تعتمد عليها.
تعليق وزارة الصحة على اعتراضات الأطباء
رغم عدم تلقي النقابة العامة للأطباء ردا رسميا من وزارة الصحة، تواصل القاهرة 24 مع مصدر مسئول بوزارة الصحة والسكان للتعليق على ما أثير من اعتراضات بشأن مشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة، واعتباره تهديدا لاستمرار الخدمات الطبية للمواطن المصري.
وأوضح المصدر، في تصريح خاص، أن مشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة المتداول حاليا على مواقع التواصل الاجتماعي والمنافذ الإعلامية، لم يكن النسخة النهائية، حيث طرأت عليه بعض التعديلات، أبرزها إزالة البند الخاص بحصول الطبيب أو مقدمة الخدمة الطبية على موافقة الجهة الحكومية التي يعمل بها للعمل في المنشآت الطبية الخاصة.
وأضاف المصدر، أن مشروع القانون الجديد في نسخته النهائية، والذي يراجع حاليا من قبل وزارة العدل، استهدفت توحيد جهة الترخيص وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في القطاع الطبي، من خلال فتح المجال في إنشاء وحدات رعاية أولية خاصة، والتي لم تكن موجوده في القانون القديم، ما يعزز مفهوم شراكة القطاع الخاص في منظمة التأمين الصحي الشامل الجديدة، فضلا عن السماح للمستشفيات الأجنبية المتميزة على مستوى العالم بإنشاء فرع لها في مصر، ما يسمح بتدفق رؤوس أموال أجنبية وتحسين الخدمات الطبية وتوفير فرص عمل لجموع الأطباء.
القانون عالج مشاكل التراخيص وراعى في رسومه الوضع الاقتصادي
وتابع المصدر، أن القانون الجديد ساهم في علاج مشاكل الأطباء في التراخيص وعمد إلى ميكنة وحوكمة التراخيص الخاصة بالعيادات وسائل المنشآت الطبية الخاصة، وراعى في تحديد الرسوم الأوضاع الاقتصادية خصوصا لشباب الأطباء، لتشجيعهم على فتح عيادات طبية، لتحسين الأحوال المادية.
وأكد المصدر، أن مشروع القانون خلال العمل عليه كان هناك ممثل عن نقابة الأطباء البشريين “الدكتور حسين خيري، النقيب السابق”، ونقيب أطباء الأسنان، وراعى المشروع توصيات لجنة تحسين أحوال الأطباء، مشيرا إلى أن القانون بعد الموافقة عليه من رئيس الوزراء، سيتم مناقشته وطرحه للبرلمان، وهناك سيكون هناك فرص إضافية لمزيد من النقاشات.
وبشأن تقنين أوضاع المنشآت الطبية الخاصة بناء على القانون الجديد، أوضح أن القانون لن يطبق بأثر رجعي، والشروط المندرجة فيه سيطبق على المنشآت الطبية التي سيتم ترخيصها أول مرة.