محلل سوداني لـ القاهرة 24: التدخلات الخارجية تزيد من حدة الحرب.. والتسوية السياسية أهم أهداف المرحلة
من سيئ إلى أسوأ هو الوضع في السودان، مضى أسبوع كامل ولم يجتمع حميدتي والبرهان في اللقاء المرتقب الذي أعلنت عنه منظمة الإيجاد، بل وجدنا قائد الدعم السريع يجري عدة زيارات خارجية ربما يريد منها إيصال رسالة ما.
في ظل تعتيم إعلامي غير مقصود وإنما فرضته طبيعة الحرب في السودان، تستمر قوات محمد حمدان دقلو في تدمير البنية التحتية وقتل المواطنين ونهب أموالهم واحتلال منازلهم، وانتهاك أعراضهم وتهجيرهم من قراهم ومَواطنهم الأصلية وإبادة وتطهير بعضهم، بتأييد من بعض دول الإقليم والعالم تحت دعاوى زائفة.
وفي ظل هذه الأجواء، طالب قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أمس الأحد دولًا لم يسمها في الإقليم بالتوقف عن التدخل في الشأن السوداني، ودعم قوات الدعم السريع في الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل الماضي، واعتبر أن أي دولة تستقبل حميدتي يعد عداء صريحا للدولة السودانية.
ويقول المحلل السياسي السوداني محمد تورشين في وصفه لما يجري الآن في السودان: يمكن وصفه كونه فقط محاولة فاشلة من قوات الدعم السريع للاستيلاء على السلطة لتدخل البلاد بعدها في حرب مفتوحة بين الجيش والدعم السريع، وإذا عدنا للوراء، نجد أنه لأهمية قوات الدعم السريع بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005.
وأضاف تورشين في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24: لا أعلق آمالا كبيرة على زيارة حميدتي إلي إثيوبيا، ومن قبلها إلى أوغندا، وحتى زيارته إلى جيبوتي والتي التقى فيها رئيس الإيجاد، بل هي بمثابة رسائل يوجهها حميدتي بأنه موجود وهو من يدير المشهد العسكري والسياسي للدعم السريع، وأن الدعم السريع هو المتفوق على الحكومة السودانية من خلال العمل العسكري والطرح السياسي وما إلى ذلك، فالغرض من هذه الزيارات هو محاولة ترويج رؤية سياسية ربما هي غير مقبولة لدى السلطات السودانية، بينما يروجها حتى يحظى بالدعم الخارجي، باعتبار أن هذه الحرب هي حرب مخطط لها وتشترك فيها أطراف إقليمية ودولية بشكل واضح للعيان.
وأردف قائلا: معلوم تماما أن إثيوبيا لديها خلافات عميقة بينها وبين الجانب السوداني في ملفات عديدة، على رأسها سد النهضة، وأتوقع أن هذه الزيارات ليس الهدف منها تحقيق السلام، فلو كان حميدتي راغبا في السلام والتفاهم كان استجاب للدعوة التي أطلقتها الإيجاد بلقاء الطرفين، لكن حميدتي فضل زيارة أوغندا وإثيوبيا بدلًا من ذلك، ولا أعتقد أن حميدتي لديه رؤية في المسألة السياسية بشكل عام فهو غير مؤهل أكاديميا أو عسكريا ولا حتى أبسط الأمور المتعلقة بالقراءة والكتابة وجل وظيفته هو وضع السودان في حالة من الفوضى، والآن كل السيناريوهات واردة سواء حرب أهلية أو تقسيم إلى دويلات أو مناطق نفوذ وسيطرة، وكذلك سيناريو التسوية وهو الأكثر ترجيحا.
لقاء البرهان وحميدتي
وحول لقاء البرهان وحميدتي، قال المحلل السوداني: كنا نتوقع أن يعتذر الجيش عن هذا اللقاء، وفي تقديري الشخصي أن هذا اللقاء، وفي ظل ما نشاهده من مؤشرات وإرهاصات لم يتبين لنا أن الطرفين سيعلنون حضورهم، فحتى الآن محمد حمدان دقلو موجود في جيبوتي، فالقرار الآن حول اللقاء متوقف على كثير من الرهانات الخارجية والداخلية، باعتبار أن كل طرف لديه تصور يتعارض مع تصور الطرف الآخر، بالإضافة لذلك فإن الإيجاد ما هي إلا منظمة إقليمية ضعيفة لا تمتلك القدرة لفرض أي تأثير على الطرفين، وأخيرًا حتى لو عقدت هذه القمة فهي لن تحقق أي هدف ملموس.
وأضاف: في تقديري أن هذا اللقاء المنتظر لن يقدم جديدا، ولن يغير في سياق الحرب شيئا، لأن التغيير يتطلب وجود رغبة جادة تفرض على كل طرف العمل من أجل التسوية، لكن الوضع في السودان مختلف تماما ففي أسوأ الظروف يمكن للدعم السريع أن يقدم تنازلات لتندمج هذه القوات في الجيش السوداني، وتعزل قياداتها من مواقعهم العسكرية وما إلي ذلك.
أحداث ود مدني
وحول ما حدث في مدينة ود مدني، يقول المحلل السياسي: ما حدث في ود مدني، هو عملية أشبه بالتسليم والتسلم وهو الانسحاب، وهذا يعود إلى القيادة وهي من تتحمل مسئوليته بالكامل، أما البرهان، فيعلم تماما أنه إذا مضت الأمور بغير تسوية سياسية فلن تضمن له البقاء في السلطة، لذا فهو يحاول أن يراوغ من أجل حدوث هذه التسوية.
واختتم: السيناريوهات المحتملة لحل الأزمة في السودان، تتلخص في 3 جهات، الأول هو استمرار الحرب بهذه الشكلية، وكل طرف يحاول أن يؤسس ويعيد الحياة إلى طبيعتها من خلال المؤسسات الصحية والتعليمية ومؤسسات الدولة وهكذا تمضي الأمور، أما السيناريو الثاني فهو الحرب الأهلية وتدخل أطراف إضافية إلي جانب الموجودة على الساحة الآن وضخ كميات كبيرة من الأسلحة تقود البلاد لوضع لا يحمد عقباه، والسيناريو الثالث، هو التسوية، وهو من الصعوبة بمكان ولا يمكن القبول به، مالم تكن هناك رغبة وإرادة من قبل كل القوى لتجتمع على هدف واحد هو أن يسود الاستقرار في السودان.