هل تسعى إثيوبيا لإثارة التوتر في إفريقيا وبسط سيطرتها بالصومال؟
حالة من التوتر شهدتها الساعات الأخيرة ما بين حكومة الصومال الفيدرالية وحكومة رئيس إثيوبيا، بعدما وقع آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي اتفاقية مع رئيس إقليم أرض الصومال، تعطي بلاده الحق في إنشاء قاعدة عسكرية على شواطئ البحر الأحمر، وهو ما أثار الحكومة الفيدرالية في الصومال وموجهة اتهامات لأديس أبابا بانتهاك السيادة الصومالية.
إنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية في الصومال
في ذات السياق، يقول اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، إن ما تم أمس من توقيع على مذكرة تفاهم أو اتفاق مبدئي بين ما يسمى جمهورية أرض الصومال، وأشدد على هذه التسمية لأنها منطقة غير معترف بها، مع إثيوبيا لاستخدام ميناء مرمرة على البحر الأحمر، وما تم فيه من اتفاق على حصول إثيوبيا على 20 كيلو على طول الساحل الصومالي مقابل الاعتراف فيما بعد بأرض الصومال.
وأضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن هذا الاتفاق وما تم فيه مرفوض تمامًا من الناحية القانونية، حيث إن أرض الصومال هي جزء أصيل من جمهورية الصومال، وبالفعل كانت تحت الإحتلال الإنجليزي لكنه يختلف عن إحتلال الصومال الإيطالي، لكن هي جزء أصيل منها.
وأردف اللواء محمد عبدالواحد، بأنه عقب الحرب الأهلية عام 1991، وسقوط نظام سياد بري، انفصلت أرض الصومال وحاولت فرض منطقة إقليمية في هذا الإقليم ودخلت في صراعات دامت لفترة مع الصومال، لكن ساد الهدوء، وتوجه إقليم أرض الصومال إلى فرض الاستقرار على المنطقة، محاولة إعلان الإنفصال، وهو في حقيقة الأمر طلب قديم طالبت به منذ عام 1962، ولكنه طالما تم رفضه، وبالتالي يسعى إقليم أرض الصومال إلى خلق تعاون مشترك مع أي دولة في العالم حتي تستثمر لديها أو تشتري منها المواشي أو الموانئ، معتبرة أن ذلك بداية في طريق الاعتراف بها.
وأردف عبد الواحد، بأن علاقة إثيوبيا بأرض الصومال، قديمة جدًا، حتى أنه في فترة التسعينات، كان هناك مكتب تجاري إثيوبي موجود في أرض الصومال فهناك علاقات قديمة بينهما، كما أن إثيوبيا تسعى لأن تكون قوة إقليمية في منطقة شرق إفريقيا والتي تضم البحيرات العظمي، والقرن الأفريقي، والشرق، كما أن الدول العظمي تساعدها على ذلك، لأنهم يريدون وجود دولة إقليمية منافسة، وحيث إن إثيوبيا دولة مسيحية، رأت تلك الدول أنها الأجدر بقيادة المنطقة في هذا التوقيت.
واستكمل بأنه في الفترة السابقة جرى ملاحظة دعاية كبيرة لصالح إثيوبيا، كما وجهت الأضواء ناحية المؤشرات الاقتصادية، حتى يظهر للعالم أنها دولة ذات نمو اقتصادي، وهو كلام غير صحيح حيث تعاني إثيوبيا من حالة فقر شديدة، لكن الغرب يصمم على جعل إثيوبيا قوة إقليمية منافسة للقوى الأخرى، ومن أهم تلك المحاولات هو بناء سد النهضة حتى يتم استخدامه سياسيًا في السيطرة على المنطقة.
وأشار إلى أن أديس أبابا وظفت منابع الأنهار الموجودة على الأراضي الأثيوبية مع دول الجوار في محاولة للهيمنة وخلق النفوذ، مبينًا أن إثيوبيا لديها استراتيجية في سبيل تحقيق كونها قوة إقليمية معترف بها عالميًا، لابد أن يكون لديها منافذ علي البحار لاسيما وأنها دولة حبيسة، قديما كانت إثيوبيا دولة بحرية تمتلك قوي بحرية منذ عام 1956، لكن بعد انفصالها عن دولة إريتريا حرمتها الأخيرة من هذا المنفذ.
وواصل بأن إريتريا بدأت في فرض رسوم على التجارة المارة إلي إثيوبيا، وبعدها قامت بإلغاء العملة الإثيوبية ما أضعف الاقتصاد الإثيوبي، حتي دخل البلدان في حالة الحرب التي إستمرت 18 عام إلا أن تمت المصالحة بينهما في 2018، ومنذ ذلك الحين تسعي إثيوبيا لعمل منافذ علي البحار، ولتحقيق ذلك قامت بعمل علاقات مع جنوب السودان، كما سعت لتواجدها في ميناء مصوع بعد صلحها مع إريتريا، وقامت أيضًا تعزيز وجودها في جيبوتي، حيث أنها تعتمد بنسبة 95 % من تجارتها على ميناء جيبوتي، لكن يساورها قلق شديد من هذه المنطقة، بعدما هددت حرب التجراي طريق التجارة البري الواصل بين أديس أبابا إلي جيبوتي، وهو ما يعرض إثيوبيا للوقوع تماما حال تعرض لأي خطر.
وأكد خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، أن دولة إثيوبيا الحبيسة لديها هاجس، وتقدم نفسها كقوة إقليمية وبالتالي تشارك في تأمين البحر الأحمر ضمن التحالف الدولي الذي تم تشكيله للتصدي للحوثيين وحماية الملاحة في البحر الأحمر، وأن تزامن الإعلان عن الإتفاقية مع الاستعداد لإنشاء تحالف دولي لحماية البحر الأحمر هو أمر مقصود، جاء في محاولة من إثيوبيا لفرض توجادها خلال عقد اتفاقية حتى لو علي حساب المجتمع الدولي.
وشدد اللواء محمد عبدالواحد، على أن وجود قاعدة بحرية إثيوبية في أرض الصومال يشكل خطر قومي في منطقة القرن الأفريقي، وشرق أفريقيا، لأنه سيكون بداية الاعتراف بكيانات منفصلة، لم تعترف بها الولايات المتحدة ولا أي دولة حتي الآن، وإذا جاء اعتراف إثيوبيا أتوقع أنه سيحطم القيم الدولية، وربما تشهد المنطقة حالة من الصراع لأن هذا القرار يستفذ 3 دول في المنطقة أهمها جيبوتي التي قد تقوم بقطع الطريق التجاري مع إثيوبيا، وكذلك قد يؤدي إلي توتر العلاقات بين إريتريا والصومال لأنه يعد انتهاك للسيادة الصومالية، وأيضًا في المنطقة الأفريقية فإن هذا الاعتراف ضد الأمن القومي الإفريقي وقد يشجع كيانات كثيرة علي الانفصال.