عادوا من الموت.. تفاصيل نجاة أسرة من 6 أشخاص إثر تعرضهم للاختناق باستنشاق عادم توكتوك بالشرقية
اقتربت عقارب الساعة من الـ 12 صباحا، ليلة الخميس الماضي، وظل أشرف حبيب رفقة زوجته ونجله الأكبر في جلسة عائلية، يراقبان صيانة "التوك توك" مصدر رزق الأسرة، الذي قرر الأب "أشرف" أن يجري له صيانة "عَمرَة" بالمنزل ليقلل التكلفة التي يتكبدها لدى الميكانيكي، وكانوا قد تخطوا ميعاد نومهم المعتاد بنحو ساعتين، فقاموا للخلود للنوم، وفي طريق كل منهم لغرفة نومه، وجد أشرف نفسه يترنح ولم يدرِ ما أصابه، فخارت قواه وسقط على الأرض وحركة جسده أثقل من الجبل، إضافة إلى كونه يعاني إعاقة في الشق الأيمن من الجسد.
على الجانب الآخر عندما همّ الأب يستغيث بزوجته لترى ما به وتنقذه فهو يشعر بإعياء شديد لا يعرف له سببا، وجدها جاءت على نداء صوته الخافت، إلا أنها سقطت أرضا دون حراك، فأصابه الخوف، ولم تمر ثوانٍ إذ سقط الابن هو الثالث إلى جوار أمه، فانخلع قلب الأب ورآه وهو يراقبه ينتفض انتفاضة جسد غريبة، وكأنه يسلم روحه لبارئها، وظن الأب أن الزوجة والابن توفيا لا محالة.
لم يتوقف الأب عن المحاولة، فنادى لباقي من في المنزل، أبنائه الصغار وخالتهم التي استضافوها منذ 10 أيام وكانت سبقتهم للذهاب لغرفتها للخلود للنوم رفقة صغار أختها، إلا أنها كانت في حالة إغماء هي الأخرى وغابت عن الوعي، في الوقت نفسه شعر أشرف أن أنفاسه وضربات قلبه تتلاشى رويدا، كما أن قدرته على الرؤية بدأت تنعدم تدريجيا، فتمسك بالأمل ولم يستسلم.
أشرف يعاني من عجز في الحركة بسبب "إعاقة جسده"، وزاد عجزه حالته العثرة من ضيق التنفس وضعف نبضات القلب، إلا أنه زحف على ظهره ومرت خلالها الثواني وكأنها سنوات حتى وصل إلى الهاتف المحمول والتقطه ليتصل بأي شخص ينقذه، إلا أنه ورغم صعوبة الموقف، قرر ألا يتصل بأشقائه كي لا يصيبهم ذعرا عليه، أو أن ينفطر قلب والدته وتهرع إليه في ساعاتالليل قارسة البرودة، فوجد نفسه لا إراديا يتصل بالخط الساخن للإسعاف 123.
وبحركة أنامل ثقيلة تتلمس الهاتف لتتصل بالإسعاف، رد الموظف على الفور ليسمع صوت أشرف يستغيث بمن ينقذه، فما كان من موظف الإسعاف إلا أن بادله الحديث مستنكرا اتصاله في الليل، مناشدا إياه بعدم اللهو والعبث برقم الإسعاف مطالبا إياه أن يغلق الهاتف، وربما كان محقا في ظنه بأنها معاكسة كالمعتاد، فصوت أشرف كان خافتا لا يكاد يسمعه من يلاصقه، إلا أنه أقسم له أنه لحظات ويفارق الموت وعلى عجالة أبلغه بالعنوان وكافة التفاصيل، مؤكدا عليه أن يكسر الأبواب بمجرد وصوله والبحث في أرجاء الشقة لأنهم ربما يكونوا قد فارقوا الحياة وسقط الهاتف من يديه.
وقبل إلا ثوان معدودة قبل أن يغيب تماما عن الوعي، كان أشرف يراقب سقف الغرفة محدقا ينتظر ملك الموت مستسلما للفظ أنفاسه الأخيرة وسمع آخر نبضة لقلبه وبعدها غاب عن الوعي، إلا أنه كتبت له النجاة وحياة جديدة، لم يعرف كم مر من الوقت إلا أنه شعر بأحد الأشخاص يقلب جسده ويضغط على صدره، فاطمئن قليلا أنه ما زال على قيد الحياة، وسمع صوت وكأنه يهمس إليه رغم ارتفاع الصوت، يحادث شخص ما، أشرف يتضاءل نبضه وعلاماته الحيوية ليست بخير، وما زال يوخزه لينبه الوعي لديه.
كان كل ما يشغل بال أشرف أن يطمئن على زوجته وشقيقتها وأبنائه، وكانت استجابت الإسعاف لاستغاثته رغم شكهم في أنها معاكسة تليفونية الا أنهم وضعوا احتمال 1% لانقاذ ارواح، فانطلق نحو 3 سيارات إسعاف إلى قرية بمركز بلبيس محل إقامة الأسرة، وكان المسعف "وحيد محمد قطب" اجتهد لانقاذ أشرف والأسرة رفقة قائد السيارة وبعض أهل البلدة من الجيران وانطلقت السيارات للمستشفى لانقاذ 6 أفراد من الموت المؤكد.
وبعد ساعات بين جدران مستشفى بلبيس المركزي بمحافظة الشرقية فاقت الأسرة إلا أشرف استغرق وقتا أطول للإفاقة وهو ما زال على جهاز الأكسجين، وعادوا جميعا للحياة، وكان شعور أشرف أنه لطف خفي من الله، إذ أهداه حياة جديدة وكانت كل الأسباب محققة لموته وأفراد أسرته، مؤكدا على أنه ذاق الموت في الدقائق التي مرت وكأنها أعوام، إلا أنه كان يذكر الله في آخر اللحظات المريرة كما اعتاد ذكره في السراء، وقال أن نجاته ليست إلا فرصة من الله له للحياة مرة آخرى مثنيا على برّه بوالدته فربما دعوتها كانت طوق نجاة وعودته وأبنائه وزوجه وضيفه للحياة من جديد.
واتضح بعد الفحص الطبي أن الأسرة استنشقت عادم التوكتوك الذي خرج أثناء عمل عمرة له وربما خرج العادم نتيجة احتراق البنزين والمواد البترولية في مكان ضيق أمام المسكن الذي يقطنون به وتسرب الغاز إلى مكانهم فاستنشقوه دون شعور فأدى لاختناقهم وعدم قدرتهم على التنفس فخارت قواهم لكن لطف الله نجاهم.