رحل علاء وبقي ولي الدين
من منا لا يتذكر تلك الابتسامة السمحة الأشبه بابتسامة طفل بريء تدخل القلب مباشرة دون استئذان، رأيتها تعلو وجناته وهو متجها نحو مقصورة أحد مقامات آل البيت بالقاهرة، مرتديا "طاقية" تحمل شعار إحدى الطرق الصوفية، رأيت في عينيه عشقا ولهفة، وكأنه ذاهب إلى حبيبة يعشقها، أو صديق قديم فرقت بينهم الأيام، من هذا العاشق الولهان، الذي يشق طريقه غير مبال بنظرات الآخرين له، حتى أنه لم يلحظ أيادي البعض التي امتدت للسلام عليه، كان في حالة من التركيز الشديد له هدف محدد.
تابعته حتى وصل إلى مبتغاه، "طأطأ" رأسه، رفع يديه، وبدأ بقراءة الفاتحة والدعاء حتى انتهى وخرج، وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي أقابل فيها علاء ولي الدين عن قرب، “كان لسه هنا من قريب، الواد ده منفوح وبيحب آل البيت والأولياء والصالحين”، كانت تلك أحد تعليقات رجل مسن من رواد المسجد.
علاء الذي أحبه الجميع.. راسم البسمة على وجوه الجماهير في شتى أنحاء وطننا العربي، نتذكره اليوم في أيام خير وبركة، وفي ذكراه فهو من طليعة جيل بدء مسيرة صعبة حتى وصل إلى مبتغاه.
في مثل هذه الأيام كان الجميع ينتظر بشوق ولهفة الإطلالة العطرة للشهر الفضيل والذى أطل فيه علينا "علاء" بفوازير رمضان "أبيض وأسود" والتي أبدع فيها هو وزملاؤه وظلت لسنوات طويلة مصدرا للبهجة والسرور على محيا الجميع.
علاء الذي ترك بصمته في كل عمل شارك به منذ بداياته، هو ابن الفنان الراحل سمير ولي الدين الذي اشتهر في دور الشاويش " حسين" في مسرحية "شاهد مشافش حاجة" مع الزعيم عادل إمام، وللزعيم دور في تقديم الابن أيضا، وكانت المصادفة حينما عاد الشاويش للظهور مرة أخرى ليؤديه الابن "علاء" مع الزعيم في فيلم "بخيت وعديلة"
قدم علاء الدور بحرفية شديدة، رغم أن الدور لم يكن كبيرا، فقط بضع كلمات معدودة، لكن الأداء والتعبيرات وتبادل النظرات و"كوميديا الموقف".
إنها حرفية مبدعين اجتمعوا على إخراج أفضل ما في ذلك الشاب الموهوب، عادل إمام ونادر جلال ولينين الرملي، وبالتأكيد موسيقى مودي الإمام.
ربما كانت هذه هي الانطلاقة الحقيقة لعلاء لإثبات موهبته، وتوالت الأدوار مع الزعيم ووحيد حامد وشريف عرفة وآخرون، أيقنوا أن الموهبة تسرى في ذلك الشاب مسرى الدم.
علا اسم علاء وقدم مجموعة من الأفلام "عبود على الحدود" والذى شهد بزوغ أسماء أخرى من النجوم مثل كريم عبد العزيز وأحمد حلمي ومحمود عبد المغني، "الناظر" والذي شهد على انطلاقة شخصية "اللمبي" وبروز اسم محمد سعد "ابن عز" وهو آخر ما قدمه الراحل في سلسلة تعاونه مع القدير شريف عرفة.
رحل علاء كما رحل حينما رأيته فى رحاب الصالحين، رحل كما رأيته مشتاقا لأحبة، في ذلك اليوم، فاجأنا جميعا برحيله المبكر وإن كانت هي الأقدار تفاجأنا أحيانا كثيرة.. وكأنه اختار بنفسه لقيا الأحبة فى ذلك التوقيت المبهج والباعث على السرور، أو كما كان هو مبعثا للسرور، وكأنه يرسل لنا رسالة مطوية مفادها (عيدى معهم) هناك مع من أحببت، فالمرء يحشر مع من أحب.