السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

السلف الصالح ونحن.. حالهم وحالنا في استقبال رمضان

الثلاثاء 12/مارس/2024 - 02:16 م

فرض الله سبحانه وتعالى صيام رمضان على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وصام النبي الكريم والصحابة معه تسعة رمضانات إلى أن توفاه الله عز وجل.

وفي هذه الأعوام التسعة رأى الصحابة وعايشوا حال نبيهم صلى االله عليه وسلم - ونقلوا إلينا هذا الحال، حتى نفتدى بهديه، ونسير على نهجه، عملا بقول الله - سبحانه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) الأحزاب 21/.

ومن بعد جيل الصحابة الكرام جاء التابعون لهم بإحسان من السلف الصالح، متمسكين بهدي رسول الله في عباداته وطاعاته، لا على المستوى الظاهري فقط الذي يراه ويلحظه الناس، بل على المستوى الباطني الذي لا يطلع عليه إلا الله، فالعبادة ليست مظاهر تؤدي فقط من أقوال وأفعال، بل هي في المقام الأول قلوب ينبغى على المتعبد لربه أن يصلحها، وأن يخلص النية
لله فيها.

وإذا كان الصيام في معناه الشرعي يعرف على أنه الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، بنية التقرب إلى الله تعالى، فإن هذا التعريف لم يهتم فقط بالإطار الظاهري الذي يتمثل في الامتناع عن الطعام أو الشراب، وإنما أضاف شرطا أساسيا ورئيسا، بدونه تفقد العبادة معناها وحوهرها، ويحبط أجرها وثوابها وهو (نية
التقرب إلى الله عز وجل.

واستقبال شهر رمضان، هذا الشهر الفضيل المبارك، بما فيه من عبادات وطاعات يؤديها العبد ويتقرب بها لله، ينبغي أن ننظر إلى حالنا اليوم، وواقعنا الذي نعيشه، وما كان عليه حال السلف الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين - في استقبال رمضان والتعبد فيه، وشتان ما بين الحالين، فقد كانوا يدركون قيمة هذا الشهر وعظمته، وينزلونه منزلته التي تليق به، فرمضان كما قال بعض العلماء هو (يوسف العام)، وعدة شهور العام أثنا عشر شهرا، أفضلها وأعظمها شهر رمضان، كسيدنا (يوسف) عليه السلام - بين إخوته، تنبيها وإشارة إلى تميزه وفضله.

وقد كان الفرح والسرور والتهنئة بقدوم رمضان هدي نبوي كريم، واقتدى بهذا الهدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم - أجمعين، فبلوغ رمضان نعمة تستحق أن يشكر المسلم عليها ربه جل في علاه - وكما ورد في حالهم أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم صيامه وقيامه وأعماله، وكان سيدنا "يحيى بن كثير" يدعو الله قائلا: (اللهم سلمنا إلى رمضان، وسلم رمضان لنا، وتسلمه منا متقبلا).

وإن من أعظم العبادات التي كان السلف الصالح - رضوان الله عليهم يستقبلون بها رمضان، ويحرصون عليها مكثرين منها، عبادة أجرها جزيل، وثوابها عظيم، ألا وهي عبادة "طهارة القلوب" من دنس الحقد والغل والحسد، وتنقيتها وطهارتها من الشحناء والبغضاء.

وعلى العكس من حال المؤمنين في شوقهم لبلوغ رمضان، ودعائهم الله - عز وجل - أن يجعلهم من أهله، ومن صوامه وقوامه، فإن حال المنافقين مختلف - نعوذ بالله من النفاق وأهله، فقلوبهم تضيق بهذا الشهر لما يرون فيه من حبس للنفس عن شهواتها وملذاتها بالصيام، وشتان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وهذا الأمر قد ذكره رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه.

فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله - عليه وسلم: (قد أظلكم شهركم هذا، بمحلوف رسول الله ما مر على المؤمنين. شهر خير لهم منه، ولا مر بالمنافقين شهر شر لهم منه، إن الله عز وجل ليكتب أجره ونوافله من قبل أن يدخله، ويكتب إصره وشقاءه والنفقة، ويعد المنافق اتباع غفله الناس واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، يغتنمه الفاجر).

وما ليلة النصف من شعبان ببعيدة عنا، وقد حرم فيها من رحمة الله أناس لم يظهروا قلوبهم من الشجناء والبغضاء والكراهية، مع أن الله عز وجل يفيض فيها الرحمات على عباده.

فعلى كل واحد منا أن يعود لنفسه ويفتش عن حاله، وليجدد توبة إلى الله يعيش بها في رمضان.
ابحثوا عن المحتاجين، ومدوا إليهم يد العون والمواساة، وكونوا جسدا واحدا كما أراد الله ورسوله. 
وختاما: ها هنا سؤال لا بد أن يطرحه كل واحد على نفسه، ويلتمس له الجواب، ناظرا إلى حاله: من أي الصنفين أنا؟
نسأل الله أن يجعلنا من المخلصين المقبولين، وأن يجبر كسرنا، وأن يتجاوز عن تقصيرنا 
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

تابع مواقعنا