مع محاولة إنتاج 30 نوعًا دوائيا لعلاج الأمراض المزمنة.. تطلعات مصرية لتطوير صناعة الدواء
تعد صناعة الدواء في مصر من الصناعات الاستراتيجية التي توليها الدولة اهتماما خاصا، وتنقسم شركات الدواء العاملة في مصر إلى ثلاث مجموعات: الشركات الخاصة - متعددة الجنسيات، والخاصة المحلية، وتشمل المجموعة الثالثة الشركات الحكومية وهي الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، ومجموعة أكديما وهي شركة عربية تم تأسيسها عام 1976، بموجب قرار من الجامعة العربية.
صناعة الدواء بين المحلي والعالمي
وتقوم صناعة الدواء من الأساس على البحث العلمي والابتكار، وعالميا تذهب 85% من تكلفة الصناعة للتطوير، أما مصر فنسبة إجمالي الإنفاق على هذا البند من الإنتاج المحلي دون الـ1%، بينما تصل إلى 2 و3% في الدول المتقدمة.
تأثير تحرير سعر الصرف على صناعة الدواء
ومنحت هيئة الدواء المصرية الشركات العاملة مهلة لتقديم طلباتها لرفع أسعار أصنافها بعد تحرير سعر الصرف، ومع أزمة ارتفاع الأسعار والنقص المتزايد في المستحضرات الطبية لصعوبة استيراد المواد الخام، يتجدد الحديث عن أهمية تعميق الصناعات الدوائية. فرغم ظهور القطاع محليًّا منذ حوالي ثمانية عقود فإن التصنيع الوطني الذي يغطي 88% من احتياجات السوق يعتمد على مواد خام مستوردة بنسبة 90 ـ 95%.
ولا تُنفَق أغلب مخصصات البحث العلمي المصرية أكاديميًّا بل على التدريب والتعليم، ومنذ السبعينيات، تم السماح للشركات متعددة الجنسيات بتولي عملية الإنتاج بالكامل وجلب موادها الخام المستوردة، أدى ذلك إلى عدم نقل أي خبرات إلى السوق المصرية خصوصًا المتعلقة بالبحث والتطوير.
دفع هذا الشركات الوطنية إلى إنتاج أدوية "تحت الترخيص" بمعرفة الشركات العالمية بدلًا من الأدوية الجنيسة، أطاحت هذه العملية بفرص بناء القدرات البحثية للمصانع. ولم تستفِد الشركات العالمية من توافر النباتات الطبية البرية في الصحراء لتطوير مواد خام فعالة جديدة، فسيناء على سبيل المثال فيها ما يقارب 90 نوعًا.
كيف تستفيد مصر من التجربة الهندية؟
ووفق تقرير مشروع حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة - عدسة يمكن للحكومة بدء بإجراءات لدعم الصناعة، وتغير من فكرة التصنيع المحلي لمواد مستوردة من خلال دعم البحث العلمي الدوائي بتخصيص موارد بعينها وتقديم حوافز إلى الشركات الوطنية للبحث والتطوير وإنتاج المواد الخام الفعالة APIs: Active Pharmaceutical Ingredients في شكل إعفاءات ضريبية أو دعم مادي مباشر كما يمكن أن نستفيد من تجربة الهند التي بدأت خطواتها نحو إقامة صناعة دوائية وطنية في أوائل الستينيات - أي في نفس الوقت مع مصر- ولكن مآل تجربتها كان مختلفًا. فالهند اليوم ثالث أكبر مُصنِّع للمواد الدوائية الفعالة عالميًّا. ويرجع ذلك من الأساس إلى استثمارها في البحث الدوائي والتركيز في إنتاج المستحضرات الجنيسة لكسر هيمنة الشركات العالمية.
كما يمكن وضع التصدير كهدف رئيسي عند توطين صناعة مواد الدواء الخام لفتح أسواق أوسع أمام المنتج المحلي، بحسب أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء سابقًا، ما يضمن أن تكون تكلفة الإنتاج منافسة للأسعار العالمية خاصة المواد الخام غير الإستراتيجية لمصر.
وبلغ عدد مصانع المستحضرات الطبية في مصر 170 عام 2022، مقابل 130 عام 2015، وارتفع عدد خطوط الإنتاج الدوائي من 500 في 2015 إلى 700 عام 2022. تتفاخر الحكومة بهذه الأرقام رغم انحصار عمل المصانع في تعبئة وتغليف المواد الفعَّالة المستوردة.
محاولة إنتاج 30 نوعًا دوائيا لعلاج الأمراض المزمنة
من جانبه قال الدكتور أشرف الخولي، رئيس الشركة القابضة للأدوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال، إن الشركة بصدد إنتاج 30 صنفا دوائيا جديدا لعدد من الأمراض المزمنة في مصر، مثل مرض السكر، والذي يصل معدله في مصر إلى 17 %، وأمراض الضغط التي يصل معدلها إلى 20% في مصر.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن مصنع إنتاج فلاتر الفشل الكلوي، والذي كان متوقفا عن الإنتاج سيبدأ تشغيله قبل نهاية العام الجاري 2024، مشيرا إلى أن مصنع إنتاج الفلاتر يتم تطويره من خلال التعاون مع خبراء المانيين.
وأوضح الخولي أن شركات الأدوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال، لم تكن تنتج الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة مثل السكر والضغط، وأن الأصناف الجديدة من هذه الأدوية جار تسجيلها حاليا، وسيكون أول إنتاج لها مع بداية العام المقبل، مشيرا إلى أن أسعار هذه الأدوية ستكون أرخص بكثير من الأدوية الحالية الموجودة بالأسواق.
ومن ناحيته قال الدكتور محمود عصمت، وزير قطاع الأعمال العام، إن قطاع الأدوية يواجه تحديات كبيرة، منها التسعير الإجباري والحكومي، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على التأهيل من خلال برامج التصنيع الجيد؛ لتطوير المصانع القديمة، مشيرا إلى أن عدد من مصانع الادوية كانت قديمة وعملنا على تطويرها وتكلف ذلك الكثير الأموال
وكشف وزير قطاع الأعمال العام خلال مؤتمر صحفي حضره القاهرة 24، أن شركات الأدوية حققت أكثر من 500 مليون جنيه أرباح هذا العام وتستهدف تحقيق مليار جنيه خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى ان هناك تحديات أخرى تواجه شركات الأدوية يتعلق بعدد العمالة الكبير مما أثر على الأرباح.